تجدد الجدل بسبب الرقابة المتنامية على الكتب في أميركا

ميامي (الولايات المتحدة) – رفعت جمعية “بِن أميركا” (Pen America) للكُتّاب ودار النشر العملاقة “بنغوين راندوم هاوس” (Penguin Random House) دعوى قضائية الأربعاء على سلطات إحدى مقاطعات ولاية فلوريدا الأميركية بتهمة “فرض رقابة” في مدارسها على الكتب المتعلقة بالعنصرية والهوية الجندرية.
وتتهم الدعوى المرفوعة أمام محكمة فدرالية مسؤولي مدرسة مقاطعة إسكامبيا “بإزالة بعض الكتب من مكتبات المدارس العامة أو تقييد الاطلاع على هذه الكتب (…) بسبب الاختلاف مع الأفكار الواردة فيها”.
وأشار المدّعون إلى أن هذه القرارات “استهدفت على نحو غير متوازن الكتب التي تتناول الأشخاص الملونين أو المثليين”، معتبرين أن هذه السياسة تشكّل انتهاكا لحرية التعبير ولمبدأ عدم التمييز.
وشدد المدير العام لدار “بنغوين راندوم هاوس” نيهار مالافيا في بيان على أن “للكتب القدرة على تحسين الحياة ويستحق الطلاب أن يحظوا بفرص متساوية للاطلاع على وجهات نظر مختلفة”، معتبراً أن “الرقابة (…) تهديد للديمقراطية والحقوق الدستورية للمواطنين”. وأضاف رئيس دار النشر البارزة التي تصدر عددا من الأعمال المستهدفة من سلطات إسكامبيا “ندافع عن مؤلفينا وكتبنا ومعلمينا وأمناء مكتباتنا والأهل الذين يدافعون عن حرية التعبير”.
مجالس أمناء المدارس في الولايات المتحدة تحظى بسلطات واسعة، حيث تسيطر على الطريقة التي تدار بها المدارس في منطقة ما
وكانت المكتبات الأميركية وخصوصا تلك المدرسية في السنوات الأخيرة مسرحاً لـ”حرب الثقافية” شنها المحافظون الأميركيون ضد ما يسمونه ثقافة الـ”ووك” ( أي اليقظة حيال الإساءات العنصرية والتمييز). وقد أصبحت هذه الحرب الثقافية متقدة منذ مدة في الولايات المتحدة، خاصة مع منع الكثير من الكتب.
وحذف مجلس أمناء مدرسة بولاية تينيسي رواية مصورة للكاتب الأميركي آرت شبيغلمان بعنوان “ماوس” من المنهج الدراسي، متذرعا بمشاعر القلق إزاء ما تحتويه الرواية من كلمات السباب والعري.
ويروي شبيغلمان في روايته الفظائع التي ارتكبها النظام النازي الألماني من خلال عيون تجارب أفراد عائلته، حيث صور النازيين على أنهم القطط واليهود هم الفئران.
وتحظى مجالس أمناء المدارس في الولايات المتحدة بسلطات واسعة، حيث تسيطر على الطريقة التي تدار بها المدارس في منطقة ما، فهي تضع السياسة التعليمية المحلية، وتملك صوتا فائق القوة بشأن القضايا المطروحة. وعادة ما يقوم السكان المحليون في حي ما بانتخاب أعضاء مجلس أمناء المدرسة، ولكن يمكن أيضا أن يتم تعيين بعضهم.
ورغم أن الناس اعتادوا الاختلاف حول القضايا، وهو ما يمثل أمرا طبيعيا تماما، غير أن المجتمع الأميركي أصبح أكثر عرضة للاستقطاب منذ الهجوم على مقر الكونغرس، كما بدأ المناخ يتغير في مجالس أمناء المدارس، حيث تلاشت الحدود الفاصلة بين ما يعد سلوكا مقبولا أو غير ذلك.
وصارت قضايا العنصرية والتربية الجنسية -بما في ذلك وسائل منع الحمل، وأيضا الممارسات الجنسية التي تتعدى تلك السائدة بين الجنسين- تثير استياء الآباء، وتقوم بعض مجالس الأمناء بحظر تدريس “النظرية النقدية للعنصرية”، وهي نظرية تنتقد المفهوم السائد عن العنصرية في الولايات المتحدة، كما تنتقد تبني النظام القانوني والسياسي الأميركي للفوارق العنصرية بين المواطنين، وتسعى لفضح هذا النظام. ويأتي هذا الحظر بدافع من التيار المحافظ والجمهوريين، حيث يرى هذا التيار أن هذه النظرية تسهم في تقسيم المجتمع إلى مضطهدين وظالمين.