"تجاوزه الزمن".. تعليق وزيرة الخارجية الفرنسية على النشيد الجزائري يثير الغضب

ناشطون جزائريون يعتبرون تصريحات الوزيرة الفرنسية مستفزة وعدائية، وتزيد التوتر بين البلدين، وتنسف أي محاولة للتهدئة السياسية.
الثلاثاء 2023/06/20
تصريحات مثيرة للجدل

الجزائر - أثارت وزيرة خارجية فرنسا كاثرين كولونا غضبا جزائريا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن وصفت النشيد الوطني الجزائري بأنه “تجاوزه الزمن”، ردا على إعادة مقطع محذوف يتوعد فرنسا.

وأصدر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قبل أيام مرسوما رئاسيا أعاد بموجبه مقطعا محذوفا من النشيد الوطني، يتضمن إشارة إلى فرنسا، وذلك بعد إلغائه بقرار عام 1986، وحذفه من المقررات الدراسية عام 2007.

وقالت كولونا خلال مقابلة أجريت معها، تعقيبا على المقطع المعاد إلى النشيد الوطني الجزائري، “لقد تجاوزه الزمن، ولا أريد التعليق على نشيد أجنبي، لكن هذا النشيد كان كُتب عام 1956 في سياق وظرف الاستعمار والحرب، ويتضمن كلمات قوية تعني فرنسا”.

واعتبرت أن القرار الجزائري الأخير المتعلق باستخدام ترنيمة المقطع الثوري الموجه ضد فرنسا “يأتي في الوقت الذي قرر فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العمل مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون على إعطاء دفع جديد للعلاقات بين البلدين”، في إشارة إلى زيارة ماكرون إلى الجزائر خلال نهاية أغسطس الماضي.

ويذكر النشيد الجزائري في مقطعه الثالث فرنسا بعبارات تعتبرها أطراف فرنسية حاملة لنبرة العداء والتهديد، وسبق أن طالبت بسحبها في القرن الماضي. ويقول المقطع الثالث من النشيد الذي ألفه الشاعر الجزائري مفدي زكريا، خلال فترة سجنه إبان الاستعمار الفرنسي، “يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب، يا فرنسا إن ذا يوم الحساب، فاستعدي وخذي منا الجواب، إن في ثورتنا فصل الخطاب، وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر، فاشهدوا.. فاشهدوا…”.

واعتبر ناشطون جزائريون أن تصريحات الوزيرة الفرنسية مستفزة وعدائية، وتزيد التوتر بين البلدين، وتنسف أي محاولة للتهدئة السياسية، وعلق أحدهم:

وقال مغرد:

وكتب ناشط:

ومن جانبه انتقد الوزير والسفير الجزائري الأسبق عبدالعزيز رحابي تصريحات كولونا، واصفا إياها بـ”غير المقبولة” والمتناقضة مع البحث عن تحسين العلاقات مع الجزائر.

وقال في منشور على حسابه في فيسبوك إن “كاثرين كولونا تتمنى أن تكون لها أفضل العلاقات مع الجزائر وفي نفس الوقت تشكك في قرار الجزائر السيادي بتوسيع استخدام نشيدها الوطني في ظل الظروف والشروط التي تختارها الحكومة الجزائرية”.

وكانت علاقات باريس والجزائر قد تحسنت بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إلى الجزائر في أغسطس الماضي، حيث وقع ماكرون مع تبون إعلانا مشتركا لدفع التعاون الثنائي، غير أن هذه العلاقات سرعان ما شهدت تدهورا مفاجئا خلال الأسابيع الأخيرة.

وانعكس هذا التوتر على شبكات التواصل الاجتماعي التي ضجت بغضب الجزائريين مما اعتبروه إصرار فرنسا على فرض الوصاية على بلادهم.

ورأى الكثير منهم أن تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية ما هي إلا استمرار لهذا النهج، وقال ناشط:

وعلق مغرد:

ووصف حزب حركة البناء الوطني تصريحات كولونا بـ”الاستفزازية وغير المقبولة”، لأنها تنتهك مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وجاء في بيان للحركة “نعرب.. عن معارضتنا الشديدة لتصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا بشأن القرار السيادي الجزائري الذي اتخذه رئيس الجمهورية يضبط بموجبه، وبنص رسمي، ظروف وكيفيات أداء النشيد الوطني بشكل كامل أو مختصر، والتي قالت فيها، خلال ظهورها في مقابلة مع قناة إعلامية فرنسية بأن مرسوم النشيد الوطني الجزائري يأتي خارج الزمن”.

وتساءل البيان عن “التناقض” الذي وقعت فيه وزيرة الخارجية الفرنسية بين الدعوة إلى العمل على تحسين العلاقات مع الجزائر أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية، والعودة مجددا إلى تصريحات تشكل تدخلا في الشأن الداخلي.

ويرى متابعون أن المرسوم الرئاسي بشأن إعادة الجزء المحذوف من النشيد الوطني الجزائري مرتبط بالسياقات السياسية والدبلوماسية التي أُصدر فيها، والهدف المقصود من القرار تشكيل ضغط على فرنسا بشأن ملف الذاكرة الذي يعتبر أكبر ما يربك أي تقارب جزائري – فرنسي ويعيق أي تقدم لتعزيز التعاون بين الجانبين.

5