تجاهل مؤسسات الإعلام لتقنيات الذكاء الاصطناعي يخرجها من المنافسة

تونس - وصف رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية محمد فهد الحارثي الإعلام بعلم التحول والتجديد، مؤكدا بأن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا لا يتجزأ من البنية الأساسية للعديد من المؤسسات الإعلامية، يساعد في تحرير المحتوى وتخصيص التجارب، وتحليل البيانات الضخمة، ومع ذلك ينبغي علينا أن ننتهز الفرصة لنتأمل في كيفية استخدام هذه التكنولوجيا.
وأضاف خلال مشاركته في المؤتمر الثالث للإعلام العربي تحت عنوان "الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي.. الفرص والرهانات"، الذي انطلقت أعماله في تونس الأربعاء، "عندما فكرنا في الاتحاد بإطلاق المؤتمر العربي للإعلام، كنا نتطلع أن يكون فضاءً للتفكير والتطوير واستشراف المستقبل، فالمنطق يقول من لا يبادر ويسهم بصنع ملامح مستقبله سوف تتجاوزه المرحلة ويصبح عبئاً عليها أو كما يقال من لا يتقدم إلى الأمام يدفعه تيار الحياة إلى الوراء".
ويعتبر الذكاء الاصطناعي اليوم من المواضيع البارزة التي تطرح جدلا، حيث أنّ استخداماته تفرض على وسائل الإعلام التكيّف مع التطوّرات المتسارعة والتفاعل مع الابتكارات التكنولوجية، والتأقلم في توظيف الموارد البشرية حتى لا تفقد أدوارها ومواقعها، إضافة الى أخذ الرهانات المتعلقة بحقوق الخصوصية والأمن السيبراني بعين الاعتبار.
وأبرز الحارثي الذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية، ضرورة انتهاز الفرصة لمعرفة كيفية توظيف هذه التكنولوجيا، بتعزيز القيم الأساسية للإعلام المتعلقة بالدقة والأمانة والموضوعية والمسؤولية، باعتبارها من القيم الثابتة دائما التي لا تتأثر بالتكنولوجيا، مبينا أنّ المؤتمر سيكون فرصة لطرح العديد من الأسئلة التي تتعلق بخصوصية الجمهور، وكيفية ضمان دقة ومصداقية الأخبار التي ينتجها الذكاء الإصطناعي مع الحفاظ على البعد الإنساني، إضافة إلى التباحث بشأن التحذيرات التي أطلقها عدّة خبراء كزعزعة استقرار المجتمعات وتهديد البشرية واختفاء بعض الوظائف (40 بالمئة من الوظائف ستختفي وفق تقرير لصندوق النقد الدولي).
وفي هذا الجانب، شدد على أنّ الذكاء الاصطناعي يعدّ واقعا جديدا يجب التكيّف معه، واستباق المستقبل من خلال سن التشريعات والأنظمة ووسائل الحماية التي تجعل منه عملا إيجابيا في خدمة البشرية، ولا يهدّدها ويهدد المحتوى الإعلامي.
ويناقش المؤتمر على مدى يومين عدداً من المحاور المدرجة على جدول أعماله من بينها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي، الذكاء الاصطناعي ومهن الإعلام، والجوانب الفنية والتكنولوجية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي الأخلاقيات والتشريعات، إضافة إلى عرض تجارب ناجحة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الميدان الإعلامي.
وقالت وزيرة الثقافة التونسية حياة قطاط القرمازي “الحاجة أصبحت ملحة لوضع إستراتيجيات وسياسات مشتركة في مواجهة التحديات الكبرى لعالم الذكاء الاصطناعي وما يفرضه من تعاون وتوحيد التوجيهات وتشبيك الجهود وخصوصاً في مواجهة قدرته على تنميط سلوك الأفراد، وإمكانية استخدامه كوسيلة للهيمنة الفكرية على الأفراد والمجتمعات وذلك من خلال طبيعة المضامين والمحتوى وقدرة الآلة على توجيه الرغبات والتحكم في الخيارات”.
وينظم على هامش هذا المؤتمر معرض للذكاء الاصطناعي تشارك فيه الهيئات الأعضاء في الاتحاد وشركات دولية مختصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مجال الإعلام، مثل تحويل النص الصوتي إلى نص مكتوب وترجمته وإنشاء ملخصات بعدة لغات بالبث المباشر، إضافة إلى إنتاج المحتوى لمختلف المنصات.
وشدد المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية المهندس عبدالرحيم سليمان، الذي قدّم كلمته عن تقنية الذكاء الاصطناعي، على أهمية اختيار موضوع الذكاء الاصطناعي والذي أصبح يشكل أهمية قصوى في قطاع الإعلام دولياً من أجل إحداث فضاء للتفكير المعمق والبحث الجاد في قضايا تربط بين المحتوى الإعلامي المتميز وما نستخدمه من تقنيات وتكنولوجيات حديثة، وخاصة منها استخدام الذكاء الاصطناعي.
بدوره، دعا رئيس قسم تكنولوجيا الاتصال واتحاد الإذاعات الأوروبية هانس هوفمان، إلى مزيد توحيد الجهود لمواجهة التحدّيات التي تواجه خاصّة الإذاعات والقنوات التلفزيونية، ملاحظا أنّ استخدام المعطيات والبيانات يدعو إلى التساؤل عن مدى الوثوق بما يقدّمه الذكاء الاصطناعي، والتفكير في وضع الإطار القانوني الذي يمكن من التعاطي مع التحديات وسوء الاستعمالات كالجرائم السيبرانية.
كما أكد أن حقل الذكاء الاصطناعي باعتباره واسع الاستعمالات، فهو يتطلب التعامل معه من جميع الجوانب، بالإضافة إلى وضع إستراتيجية أفقية لا تتعلق فقط بوسائل الإعلام، وإنما تتخطاه نحو الاشتراك مع الجامعات وتقديم التدريب والتكوين اللازم لمواكبة التطور وتجنب المخاطر والتحديات.