تجار مكة يأملون في وقف نزيف عامين من الخسائر

الحكومة تتطلع إلى جني 13.3 مليار دولار من الحج سنويا بنهاية العقد الحالي.
الأربعاء 2022/07/06
نريد الاحتفاظ بذكرى هذه الزيارة

يترقب التجار في مكة المكرمة انتعاش الحركة داخل الأسواق خلال موسم حج هذا العام أملا في وقف نزيف عامين من الخسائر بسبب قيود الإغلاق المنجرة عن الأزمة الصحية العالمية، وسط تطلعات الحكومة برفع مساهمة السياحة الدينية وفق خطة مدروسة تمتد حتى 2030.

مكة المكرمة (السعودية)- أكدت الحركة التجارية بأسواق مكة المكرمة هذه الأيام بفعل موسم الحج أن مستوى الإقبال على المحلات بدأ يستعيد عافيته عند المقارنة بالعامين السابقين.

وتعج المحلات التجارية في شارع إبراهيم الخليل بالمتسوقين مع عودة الحجاج بأعداد كبيرة لأداء المناسك بعدما أجبر الوباء سلطات البلد الخليجي على تقليص عدد الحجاج بشكل كبير خلال العامين الماضيين.

وتكبد العديد من التجار ومن بينهم عبدالله المخليفي الذي يبيع سجادات الصلاة خسائر كبيرة بسبب تقليص أعداد الحجاج منذ تفشي فايروس كورونا، لكنه يأمل في تعويض بعض هذه الخسائر هذا الأسبوع مع عودة أفواج الحجاج.

سالم الشهراني: نسبة إشغال الفنادق بلغت 40 في المئة مقارنة مع 2019

ففي العامين الماضيين، تسبّبت القيود الصارمة في إفراغ المتاجر والفنادق في جميع أنحاء مكة من الحجاج، قبل أن تعلن الحكومة في أبريل الماضي عن استضافة مليون مسلم من داخل المملكة وخارجها للحج هذا العام، ما أحيا الآمال في حصول تعاف سريع.

وقال المخليفي (30 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية، بينما كان الحجاج بملابس الإحرام البيضاء يجوبون الشوارع، “كان لدينا عدد قليل من الزبائن (خلال موسمي الحج الماضيين)، لكن اليوم عادت الأعمال بفضل الله، كما كانت من قبل، بل أفضل”.

ووفق التقديرات الرسمية فإنه من بين المليون حاج هذا العام سيأتي 850 ألفا من خارج السعودية للمرة الأولى منذ 2019 والذي شارك فيه حينها نحو 2.5 مليون حاج من جميع أنحاء العالم.

لكن تفشي الوباء أجبر السلطات السعودية بعد ذلك على تقليص أعداد الحجاج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم مطعمين من داخل البلاد في العام الماضي، في مقابل بضعة آلاف في العام السابق.

وعادة ما يشكل الحج مصدر دخل رئيسي لأكبر اقتصاد عربي. وتقدّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينية الأخرى على مدار العام بنحو 12 مليار دولار سنويا.

وشهدت مكة طفرة في البناء خلال السنوات الأخيرة أدت إلى ظهور مراكز تسوق جديدة ومبان سكنية وفنادق فاخرة، بعضها يوفر مناظر خلابة مطلة على الكعبة المشرفة لكن هذه المشاريع افتقدت زبائنها خلال مرحلة الوباء.

ومنذ بداية الأسبوع الجاري يزور الحجاج محلات بيع التذكارات والحلاقين في جميع أنحاء المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة.

وكان مركز التسوق الرئيسي بالقرب من المسجد الحرام، حيث يوجد الكثير من الفنادق، يعج بالحجاج مرة أخرى في مشهد يتناقض مع العام الماضي عندما بدت المنطقة شبه مهجورة.

ويقول أمين وهو صاحب محل لبيع العطور لوكالة الصحافة الفرنسية إن “هناك فرقا كبيرا بين هذا العام والماضي”.

وأضاف “هذا العام يمكننا أن نرى الكثير من الحجاج الذين يعيدون العظمة للمسجد الحرام”، مضيفا “كانت الخسائر كبيرة، لكن الأمور الآن أفضل”.

السياحة الدينية مصدر مهم لإيرادات الحكومة وتوفر فرص عمل في قطاعات التجارة والفنادق والمطاعم والنقل والمواصلات

لكن البعض اشتكى من زيادة الأسعار في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها العالم بسبب الحرب في أوكرانيا وقبلها جائحة كورونا.

ويقول السوري عدنان حسن الذي يعمل بالتجارة ويقيم في الأردن لرويترز: “مقارنة بالأردن الأسعار هنا أغلى، لقد لاحظنا فروقات كبيرة في الأسعار لكن عالميا الأسعار ارتفعت ليس فقط في السعودية”.

ويترافق التعافي الاقتصادي بمدينة مكة مع تطورات اقتصادية إيجابية سجلتها السعودية منذ الإعلان في أبريل 2016 عن برنامج إصلاحي واسع يمتد حتى نهاية هذا العقد.

وخلال مرحلة الإغلاقات المرتبطة بالوباء، واجهت السعودية انخفاضا حادا في أسعار النفط بسبب انهيار الطلب العالمي، مما أدى إلى إجراءات تقشف بما في ذلك مضاعفة الضريبة على القيمة المضافة ثلاث مرات والتخفيضات في علاوات موظفي الخدمة المدنية.

غير أن هذا المسار تبدّل بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا أواخر فبراير الماضي حيث تسببت في ارتفاع أسعار النفط، ما جعل السعودية تتوقع فائضا كبيرا من الإيرادات هذا العام.

وفي أوائل مايو الماضي، أعلنت السعودية عن أسرع معدل نمو اقتصادي لها منذ عقد، حيث أدى ارتفاع أسعار الخام إلى زيادة بنسبة 9,6 في المئة في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام 2021.

ويقول سالم الشهراني مدير العمليات في فندق قصر مكة رافلز أكبر سلسلة فنادق في مكة لوكالة الصحافة الفرنسية “وصلت الأرقام الحالية (نسبة الاشغال) إلى 40 في المئة مقارنة بمستوياتها لعام 2019″، مضيفا “نأمل بأن نرى أعدادا أكبر في السنوات المقبلة”.

وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في أبريل الماضي أن ينمو الاقتصاد السعودي هذا العام بواقع 7.6 في المئة، فيما تحاول أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم تنويع اقتصادها، وهو ركيزة أساسية لأجندة “رؤية 2030” التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتشكل السياحة عنصرا حاسما في تلك الخطة، ما يزيد من أهمية مساهمة موسم الحج.

وقال وزير السياحة أحمد الخطيب لوكالة الصحافة الفرنسية في مقابلة الشهر الماضي إن “الهدف هو أن تضاعف السعودية السياحة الأجنبية ثلاث مرات هذا العام مع تخفيف القيود المفروضة على الوباء”.

وتعتمد المنظومة الاقتصادية في مكة طوال السنة اعتمادا كبيرا على موسمي الحج والعمرة كما أن السياحة الدينية مصدر مهم لإيرادات الحكومة وتوفر فرص عمل كثيرة في قطاعات التجارة والفنادق والمطاعم والنقل والمواصلات.

وفي إطار خطط الإصلاح، فإن السعودية كانت تأمل في زيادة عدد الحجاج إلى 5 ملايين والمعتمرين إلى 15 مليونا بحلول 2020.

ومن بين مئة مليون سائح أجنبي ومحلي مستهدف لعام 2030، من المتوقع أن يقوم 30 مليونا منهم برحلات دينية كل عام. وتتطلع الحكومة إلى جني 13.3 مليار دولار من الحج بمفرده بنهاية هذا العقد.

11