تجار غزة يعانون من نزيف الخسائر مع تفاقم كساد الأسواق

استمرار القيود الإسرائيلية يدفع القطاع نحو انهيار اقتصادي كامل، في ظل انعدام مقومات الصمود نتيجة استمرار الحصار منذ أكثر من عقد ونصف.
الثلاثاء 2021/08/10
أسواق غزة في حالة شلل تام

غزة – يشتكي التجار الفلسطينيون في غزة من ركود تجاري خانق يصيب أسواق القطاع للشهر الرابع على التوالي في أعقاب تشديد إسرائيل إجراءات استيراد السلع والبضائع.

وتسبب حجز إسرائيل البضائع الواردة إلى القطاع في تلف بعضها وكبد الموردين خسائر مالية يدفعونها سواء عبر استئجار أرضيات أو بنقل البضائع إلى مخازن خاصة داخل إسرائيل إلى حين السماح بمرورها إلى غزة.

ويظهر حسين حجازي، وهو في منتصف الأربعينات من عمره، كغيره من التجار غضبه الشديد مما وصلت إليه الأمور في مركزه التجاري لبيع الأجهزة الكهربائية في ظل انعدام شبه كلي لإقبال الزبائن.

ويؤكد حجازي لوكالة الأنباء الألمانية أن السلطات الإسرائيلية تحتجز بضائع لعشرات المراكز والمحال التجارية في غزة منذ مايو الماضي ما يكلفهم خسائر مالية باهظة.

ويشير إلى أن إسرائيل لم تسمح إلا لأصناف قليلة من البضائع بالدخول عبر معبر كرم أبوسالم التجاري مع غزة ما يؤثر سلبا على الاقتصاد المنهك أصلا في القطاع.

ماهر الطباع: متوسط عدد الشاحنات الواردة تقلص من 10 آلاف إلى 3 آلاف

ويضيف أن “الحركة التجارية شبه معدومة في أسواق غزة بسبب قلة البضائع بفعل وضع اقتصادي سيء للسكان يعد غير مسبوق في تاريخ قطاع غزة ولا توجد حركة واردات أو صادرات للبضائع”.

واضطر حجازي إلى تسريح 5 من أصل 10 عمال خلال الشهرين الماضيين بفعل الشكوى من الركود الاقتصادي فيما تنتابه المخاوف إزاء مصير مركزه التجاري حال استمرار الوضع الراهن.

ويعتمد اقتصاد غزة وأسواقها بشكل رئيسي على رواتب الموظفين البالغ عددهم نحو 58 ألف موظف مدني وعسكري، يضاف إليهم 40 ألف موظف عينتهم حماس بعد الانقسام.

ويبدو الوضع مماثلا في شركات استيراد البضائع في غزة بفعل توقف أنشطتها جراء إجراءات إسرائيل لتشديد الحصار.

ويقول محمود أب نبهان الذي يدير شركة محلية للاستيراد إن إسرائيل فرضت سلسلة قيود على حركة دخول البضائع المقلصة أصلا منذ انتهاء جولة القتال الأخيرة في غزة.

ويوضح أن إجراءات المنع طالت إدخال مواد البناء والمواد الخام والأجهزة الكهربائية والهواتف الخلوية والسيارات ومواد الصناعات الخشبية والألومنيوم والحديد والصلب.

ويشير إلى أنه تم تسجيل تراجع حاد في عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما كبد التجار وأصحاب الشركات خسائر مالية كبيرة وأجبر عددا كبيرا منها على الإغلاق.

ويحذر مختصون اقتصاديون في غزة من أن استمرار القيود الإسرائيلية يدفع القطاع نحو انهيار اقتصادي كامل، في ظل انعدام مقومات الصمود نتيجة استمرار الحصار منذ أكثر من عقد ونصف العقد والنتائج المترتبة على الحروب الأربع وجولات العنف المتتالية.

ويقول مسؤول الإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع إن متوسط عدد الشاحنات الواردة إلى القطاع قبل جولة القتال الأخيرة كان يقترب من 10 آلاف شاحنة شهريا لكن تقلص إلى أقل من 3 آلاف شاحنة على مدار الأشهر الثلاثة الماضية.

ويوضح الطباع أن قيود إسرائيل أدت إلى توقف أنشطة الكثير من القطاعات الاقتصادية كليا أو جزئيا لاسيما القطاعات الإنشائية والقطاعات المساندة لها مثل معامل الخرسانات، وهو ما يهدد بتوقف كامل لأي عملية إعادة إعمار للقطاع.

Thumbnail

وطال هذا الوضع قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي تضرر بنسبة تصل إلى 70 في المئة نتيجة منع وصول أجهزة الكمبيوترات والطابعات، في الوقت الذي تعمل فيه بقية القطاعات بنسبة لا تتجاوز 50 في المئة.

وينبه المتابعون إلى أن هذا الوضع يهدد بتفاقم معدلات البطالة والفقر في صفوف سكان غزة البالغ عددهم زهاء مليوني نسمة ويزيد اعتمادهم على المساعدات الإنسانية من جهات خارجية.

وبحسب وزارة الاقتصاد في غزة فإن إسرائيل لا تسمح سوى بمرور 30 في المئة من البضائع إلى القطاع منذ انتهاء جولة القتال الأخيرة مع الفصائل الفلسطينية، في إجراء تعتبره عقابا جماعيا.

وقال الناطق باسم الوزارة عبدالفتاح أبوموسى إن “سياسة الابتزاز الإسرائيلية تهدد بإعادة قطاع غزة إلى بدايات فرض الحصار” منتصف عام 2007.

وأضاف أن “ما هو ممنوع دخوله إلى قطاع غزة منذ ثلاثة أشهر يعد أضعاف مما هو مسموح، لاسيما عند الحديث عن مواد خام لا غنى عنها من أجل دوران العجلة الاقتصادية”.

ويؤكد أن “إسرائيل تتحكم في الصادرات والواردات إلى غزة دون أي مبرر مخلفة أزمة اقتصادية وإنسانية يدفع ثمنها التجار وأصحاب الشركات بشكل مضاعف وسط مخاوف من استمرار تشديد الحصار وانعكاساته”.

ويعتبر التجار والمستوردون في غزة أن ما يشهده القطاع يمثل حربا اقتصادية تستهدف إنهاك ما تبقى من اقتصاده عبر منع إدخال المواد الخاصة بالقطاع الصناعي وعرقلة إدخال المواد الخام.

10