تجارة علي بابا تتأقلم بمرونة مع فخاخ القيود الصينية الصارمة

المجموعة تحافظ على نمو العائدات رغم تراجع الأرباح بواقع 5 في المئة في الربع الثاني من 2021.
الخميس 2021/08/05
رهان مستمر على الرقمنة

شنغهاي (الصين) – تمكنت مجموعة علي بابا الصينية العملاقة للتجارة الرقمية من التأقلم بمرونة مع الإجراءات المفروضة من قبل الحكومة والتي تستهدف الحد من هيمنة شركات التكنولوجيا داخل سوق ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

ورغم أن علي بابا حققت أرباحا أقل في الربع الثاني من 2021 بلغت حوالي 45.1 مليار يوان (سبعة مليارات دولار)، أي بانخفاض بنسبة 5 في المئة على أساس سنوي، إلا أنها حافظت على نمو العائدات بوتيرة مستقرة.

واعتبر خبراء أن هذه البيانات تشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أن التدابير الصارمة، التي تفرضها الحكومة الصينية على كبرى الشركات المحلية العاملة في هذا المجال، ليس لها تأثير يذكر على الأعمال الأساسية للمجموعة.

وأشار خبراء وكالة موديز للتصنيف الائتماني في أبريل الماضي إلى أن التدابير التي سينبغي على علي بابا اتخاذها لتمتثل لقواعد الهيئة الناظمة ستحدّ على الأرجح من نموّ إيراداتها وسترخي بثقلها على ربحها.

وكانت علي بابا ومقرها هانغشتو أول عمالقة التكنولوجيا في الصين، ممن طالتهم حملة شنتها حكومة باتت تخشى نموهم السريع وأمن البيانات.

أول عمالقة التكنولوجيا في الصين

وفرضت سلطات مكافحة الاحتكار الصينية في فبراير الماضي غرامة قياسية على مجموعة علي بابا قدرها 2.78 مليار دولار، ما كبدها خسائر تشغيلية قلما تحدث، في الربع الأول من العام الجاري لكن المجموعة التي أسسها الأستاذ الجامعي السابق جاك ما قللت حينها من حجم تداعيات الغرامة الباهظة.

وتستهدف السلطات منذ أشهر الملياردير جاك ما الذي تقاعد من المجموعة عام 2019 إلا أنه لا يزال مساهما كبيرا فيها.

ومنذ ديسمبر الماضي تخضع علي بابا وهي رمز نجاح الاقتصاد الرقمي في الصين لتحقيق بسبب الاشتباه بممارسات احتكارية. كما اتخذت الحكومة عددا من التدابير في حق شركات رقمية صينية عملاقة، ما تسبب بتدهور أسعار أسهمها.

ووفقا للمجموعة، فإن إيرادات علي بابا، والتي تأتي غالبيتها من منصات تجارتها الإلكترونية الأساسية، ارتفعت بنسبة 34 في المئة على أساس سنوي لتسجل 205.7 مليار يوان.

ونمو الإيرادات أدنى بقليل من نسبة 36 في المئة التي توقعها محللون لدى بلومبرغ. وقد نسبت علي بابا الإيرادات الصافية المنخفضة إلى استثمارات استراتيجية، لكن بيانها الذي أرفق بتقرير العائدات لم يأت على ذكر التدابير الصارمة المفروضة على قطاع التكنولوجيا.

دانيال تشانغ: نمو الاقتصاد الصيني يوفر قيمة طويلة الأجل لعلي بابا
دانيال تشانغ: نمو الاقتصاد الصيني يوفر قيمة طويلة الأجل لعلي بابا

وقال رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي دانيال تشانغ في البيان “نؤمن بنمو الاقتصاد الصيني وتوفير قيمة طويلة الأجل لعلي بابا”.

وبعد سنوات من إطلاق يدها نسبيا سعيا لرقمنة الاقتصاد الصيني على نطاق واسع، تسعى الهيئات الناظمة الآن لكبح المنصات الرقمية المهيمنة.

ويركز المنظمون الصينيون على ترتيب فوضى شركات التكنولوجيا التي نما العديد منها إلى حد كبير دون عوائق على مدى السنوات القليلة الماضية، وتحولت إلى أجزاء رئيسية من الحياة اليومية في الصين.

وتعيد تلك الخطوة إلى الأذهان تدابير عالمية استهدفت النفوذ المتنامي لعمالقة التكنولوجيا، في وقت تواجه فيسبوك وغوغل وسواهما تدقيقا صارما في الداخل والخارج.

ووُضعت شركة علي بابا تحت المجهر خصوصا بعدما انتقد جاك ما الهيئات الناظمة الصينية في أكتوبر الماضي لكبحها مساعي للإقراض على الإنترنت وإدارة الثروات وعرض منتجات تأمين من جانب آنت غروب، الفرع الذي يتولى الدفع على الإنترنت لصالح عملاق التكنولوجيا الصيني.

وفي نوفمبر الماضي، أوقفت الهيئات الناظمة الصينية في اللحظة الأخيرة اكتتابا عاما ضخما بقيمة 34 مليار دولار لآنت غروب.

وتقول الحكومة إنها فرضت الغرامة البالغة 2.78 مليار دولار على علي بابا، لأن المجموعة “استغلت وضعها المهيمن في السوق” بمنع تجار من الترويج لسلعهم على مواقع منافسة.

وكانت الغرامة المفروضة على علي بابا قياسية، وتزيد بثلاث مرات تقريبا عن غرامة قدرها مليار دولار فرضتها الصين على كوالكوم في 2015، حسبما أعلنت بلومبرغ في وقت سابق.

وحتى قبل الغرامة كانت تدابير الهيئات الناظمة قد كلفت جاك ما ومجموعة آنت غاليا، فقد ألغت السلطات في أواخر العام الماضي إدراجا مخططا له بقيمة 35 مليار دولار للذراع المالية للمجموعة آنت فاينانشل في البورصة.

واختفى ما على إثر ذلك من الساحة العامة لأسابيع، وأمرت الجهات الناظمة بالتالي مجموعة آنت بالتخلي عن خدماتها المالية والعودة إلى أساسها كمنصة دفع إلكتروني.

وسددت التدابير ضربة لأسهم علي بابا وغيرها من عمالقة التكنولوجيا الصينية، وسط مخاوف من أنها قد تواجه المزيد من القيود.

11