تجارة الملابس المتهالكة تلقى رواجا في غزة

الملابس الشتوية الجديدة لا تتوفر في السوق بسبب إغلاق المعابر، وإن وجدت قطعة بعد بحث طويل فإنها تكون بسعر باهظ.
الأربعاء 2024/01/24
للضرورة أحكام

غزة - تبحث فلسطينيات – نازحات من شمال قطاع غزة إلى جنوبه – عن قطع ملابس تناسب أطفالهن بين كومة ثياب شتوية مستعملة معروضة على حامل حديدي، عسى أن تجدن بينها ضالتهن لتدفئة أطفالهن من برد الشتاء.

وباتت الملابس المستعملة زهيدة الأثمان ملاذا للنازحين الذين فروا إلى مناطق جنوب قطاع غزة هربا من القصف الإسرائيلي دون اصطحاب أيّ ملابس معهم.

وأخذت الملابس المستعملة رواجا كبيرا في مناطق مختلفة من القطاع، في ظل شح توفر الجديد منها بسبب إغلاق المعابر.

وفيما ترتفع أسعار الملابس الجديدة الموجودة لدى عدد قليل من التجار بسبب ندرة توفرها وانعدام إمكانية إدخال كميات جديدة منها في ظل القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل منذ بدء حربها على القطاع في 7 أكتوبر 2023.

ومنذ اندلاع الحرب تمنع إسرائيل دخول البضائع إلى القطاع من خلال إحكام إغلاقها للمعابر، لكنها سمحت في 24 نوفمبر 2023 بدخول كميات شحيحة من مساعدات إنسانية عبر معبر رفح، ضمن هدنة استمرت أسبوعا بين الفصائل بغزة وإسرائيل، تم التوصل إليها بوساطة قطرية – مصرية – أميركية، تخللتها صفقة تبادل أسرى.

وكان القطاع يستقبل يوميا نحو 600 شاحنة من الاحتياجات الصحية والإنسانية قبل الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي، إلا أن العدد تدنى إلى نحو 100 شاحنة يوميا في أفضل الظروف.

هناك إقبال كبير على شراء الملابس المستعملة من النازحين الذين وصلوا مناطق النزوح دون ملابس إضافية

وتقول النازحة أسيل الخطيب (42 عاما) من مدينة غزة، بعدما عثرت بمدينة رفح (جنوب) من أحد الباعة على سترة صوفية حجمها يزيد عن مقياس طفلها “هذه السترة تفي بالغرض، المهم أن توفر له الدفء في خيام النزوح”.

وتضيف إنها لم تكن تشتري هذه الملابس قبل الحرب، لكن تحت وطأة الفقر وبرودة الجو وانعدام الخيارات تضطر لاقتنائها كي لا يموت أطفالها من البرد.

من جهتها، تقول ريم خلف (39 عاما) وهي نازحة من شمال القطاع إنها لم تتوقع أن تلجأ لإجبار عائلتها على ارتداء ملابس مستعملة.

وأضافت “مشكلة هذه الملابس الأولى هي النظافة، كيف سنعمل على تنظيفها من غبار التخزين والجراثيم التي تراكمت عليها، هذه تسبب أمراضا جلدية وربما تنفسية للأطفال”.

ورغم ذلك، فإنها حملت عددا من القطع الصوفية التي توقعت أنها تناسب أحجام أطفالها الأربعة. وأوضحت أن الأجواء خاصة مع حلول ساعات الليل تكون شديدة البرودة، ما أصاب أطفالها ببرد في الأطراف بسبب نقص الملابس.

وتشير إلى أن الملابس الشتوية الجديدة وفق الأحجام التي تريدها لا تتوفر في السوق بسبب إغلاق المعابر، وإن وجدت قطعة بعد بحث طويل فإنها تكون بسعر باهظ.

وتلفت إلى أن الحرب أوجدت لديها عادات جديدة، حيث باتت تبادل قطع الملابس التي لا تحتاجها مع جيرانها في مخيم النزوح، بقطع تناسبها أو تناسب أطفالها.

وبين خيام النازحين جنوب قطاع غزة، يعرض محمد الشاعر مجموعة من الملابس المستعملة والمتهالكة للبيع.

وبعض الملابس عرضها الشاعر داخل خيمة بلاستيكية، وبعضها الآخر في العراء، محاولا جذب انتباه المارين بإمكانية شراء الملابس.

ووجد الرجل في عرض الملابس المستعملة مصدر رزق يساعده على إعالة عائلته في ظل حالة الغلاء.

Thumbnail

ويقول “بدأت ببيع الملابس البالية طلبا للرزق”، موضحا أن هناك إقبالاً كبيراً على شراء الملابس المستعملة من النازحين الذين وصلوا مناطق النزوح دون ملابس إضافية.

وعن الأسعار يقول الشاعر إنه يبيع الملابس للنازحين بالقليل من النقود بما يراعي قدراتهم المالية والاقتصادية.

ويلفت الشاعر، وهو نازح من مدينة خان يونس، إن ظروف الحياة داخل الخيام المصنوعة من النايلون سيئة جدا.

وأضاف “النايلون أغلبه ممزق، وعند هطول الأمطار تغرق الخيام بممتلكات النازحين القليلة، ما يزيد من معاناتهم ومأساتهم”.

وذكر أن النازحين ما زالوا يعانون من الجوع والعطش بسبب نقص توفر الغذاء والمياه الصالحة للشرب.

ويتابع قائلا “نحصل على نحو 10 لترات من مياه الشرب، كل عدة أيام، وبسعر يصل إلى 3 شواكل (الدولار يعادل 3.8 شواكل)”.

وأما الطفل وليد عفانة (12 عاما)، الذي بدأ ببيع الملابس المستعملة بعد مرور شهرين على الحرب لإعالة أسرته، قال إنه يحصل على هذه القطع من المواطنين غير النازحين مقابل أثمان زهيدة.

ويضيف “أشتريها من مواطنين برفح، وأعيد بيعها للأشخاص الذين هم في حاجة إليها سواء من النازحين أو المقيمين والذين لا تتوفر لديهم ملابس لأطفالهم”. وأوضح أن الطلب الأكبر يكون على ملابس “الأطفال من المواليد أو الفئات العمرية الصغيرة لعام أو عامين”.

ومنذ 7 أكتوبر 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الثلاثاء 25 ألفا و490 شهيدا و63 ألفا و354 مصابا معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة بحسب الأمم المتحدة.

2