تجاذبات حزبية داخل المنظمات في تونس تثير انقساما حول مشاركتها في الحوار

رؤساء فروع رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان يرفضون قرارها بالمشاركة.
الاثنين 2022/05/30
التفاف شعبي على سعيد بصرف النظر عن مواقف المنظمات

يعكس الرفض الذي تبديه أطراف في منظمات وطنية كبرى أعلنت عن مشاركتها في الحوار الوطني الذي يدعو إليه الرئيس التونسي قيس سعيد نجاح أحزاب سياسية معينة في التسلل إلى هذه المنظمات ومحاولة توظيف مواقفها للضغط على الرئيس سعيد الذي يقود مسارا انتقاليا سيتوج باستفتاء شعبي على دستور جديد وانتخابات نيابية مبكرة.

تونس - تشهد المنظمات الوطنية في تونس تجاذبات حادة بسبب مواقفها من الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد ما يشكل مدعاةً للتساؤل عما إذا كان ذلك تباينا في الآراء بشأن المشاركة من عدمها، أم أن هناك خلافات مصطنعة قد يكون اختراق من قبل أطراف سياسية قد دفع نحوها.

واعتبرت أوساط سياسية ومراقبون أن هذه المنظمات باتت تُستغل سياسيا وأن موقفها لن يكون له تأثير على الحوار المرتقب بعد أن حسم الرئيس سعيد موقفه منه، حيث لن يكون مثل الحوارات السابقة التي أسست للمحاصصة السياسية.

وأعلن 20 رئيسا من فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي كانت من أولى المنظمات التي أعلنت عن مشاركتها في الحوار الوطني، عن رفضهم لقرار الرابطة مطالبين بعقد مجلس وطني للحسم في موقف المنظمة من المشاركة.

نبيل الرابحي: هناك أحزاب تسعى لتوظيف المنظمات للضغط على سعيد

وبدورهم طالب عدد من الرؤساء السابقين للهيئة الوطنية للمحامين مساء السبت عميد المحامين إبراهيم بودربالة بالانسحاب من رئاسة اللجنة الاقتصادية التي تعد واحدة من لجان الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل الجمهورية الجديدة التي شكلها الرئيس سعيد.

وقال الرؤساء السابقون ومحامون آخرون في بيان إن “مشاركة عميد المحامين في الهيئة الاستشارية الوطنية يتنافى وتاريخ المحاماة الناصع بالوقوف سدا منيعا في وجه كل انحراف بالسلطة ومس بالحقوق واستهداف للحريات”.

وتابعوا أنهم يرفضون “الزجّ بمؤسسة العمادة في حوار شكلي صوري وغير مجد من أجل صياغة مشروع دستور جديد في ظرف وجيز يعدّ في غرف مظلمة وفق مداولات سريّة”.

ومن بين هؤلاء المحامين نشطاء سياسيون أبرزهم القيادي المستقيل من حركة النهضة الإسلامية سمير ديلو والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي والقيادية بالنهضة سناء المرسيني وغيرهم.

ورد العميد بودربالة على البيان بأن أغلب الموقعين عليه والرافضين لترأسه للّجنة الاقتصادية هم من حركة النهضة وروافدها.

وأضاف بودربالة في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية أن “الهيئة الوطنية للمحامين تضم 9 آلاف محام، وهناك زملاء لي لم يوافقوا على انضمامي إلى اللجنة لأنهم ينتمون إلى أحزاب سياسية وقع تجميد عمل نوابها في البرلمان مع رفع الحصانة عنهم قبل حل مجلس النواب”.

والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين هما من المنظمات الأربع الكبرى التي قادت الحوار الوطني في 2013 والذي جنب تونس الانزلاق نحو العنف إثر أزمة سياسية حادة آنذاك بين حركة النهضة الإسلامية التي كانت تقود الترويكا وخصومها من العلمانيين.

ويرى مراقبون أن عمل المنظمات الوطنية في تونس يخضع لمحاولات توظيف سياسي بعد أن تم التسلل إلى هذه المنظمات من قبل أطراف سياسية بعينها تسعى اليوم للضغط على الرئيس سعيد الذي يرفض التحاور معها.

وقال الناشط السياسي نبيل الرابحي إن “كل المنظمات الوطنية اليوم في تونس مسيّسة إلى حد ما، الرابطة التونسية لحقوق الإنسان كانت يسارية ومحل تجاذبات سياسية يسارية منذ السبعينات وليس اليوم فقط”.

إبراهيم بودربالة: أغلب الرافضين لترأسي للّجنة هم من النهضة

وشدد الرابحي في تصريح لـ”العرب” على أن “اليوم نرى أن هناك اختلافا بين الأحزاب اليسارية حول الحوار الوطني، هناك اختلافات لدى الأحزاب حول الحوار الوطني فأرادوا توظيف المنظمات للضغط أو ربما لعب ورقة أعتبرها في الوقت الضائع، لأن مسألة الحوار حسمت كما قال رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية حيث سيكون بمن حضر”.

ويرى الناشط السياسي التونسي أن الحوار انطلق فعلاً والتحضيرات للاستفتاء المرتقب إجراؤه في الخامس والعشرين من يوليو المقبل قد انطلقت أيضاً. ويأتي ذلك في وقت بدأ فيه العد التنازلي للاستفتاء المرتقب أن يتم خلاله طرح مسودة دستور جديد سيؤسس لنظام حكم جديد لم تتضح بعد ملامحه رغم ترجيح عدة خبراء في القانون الدستوري وناشطين سياسيين أنه سيكون رئاسيا.

ويرى مراقبون أن الأصوات الرافضة لمشاركة بعض المنظمات في الحوار الذي ستقوده الهيئة الوطنية الاستشارية تتقاطع مع أجندات حزبية تسعى لإفشال مسار الخامس والعشرين من يوليو الذي يقوده الرئيس سعيد.

وقال الرابحي إن “كل هذه الأطراف داخل المنظمات الوطنية التي تعارض مشاركة المنظمات في الحوار الوطني هي في الواقع تتقاطع مع حركة النهضة ومع من خسر مواقعه بعد الخامس والعشرين من يوليو”.

ورغم الأصوات المعارضة لقرارات المنظمات الوطنية من داخلها إلا أن الرابحي لا يرى أن ذلك سيفضي إلى انقسامات داخل هذه المنظمات باعتبار أن قراراتها وخياراتها تخضع لمخرجات مؤتمراتها.

4