تبون يشحن الأنصار بالإصلاحات السياسية والإكراهات الإقليمية

الرئيس الجزائري ما فتئ يذكر بحزمة التدابير الاجتماعية التي اتخذت لصالح الجبهة الاجتماعية لتلافي أيّ انفجار قد يخلط أوراق السلطة.
الأحد 2024/02/25
الرئيس المراوغ

الجزائر- استغل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون فرصة إحياء بلاده لذكرى تأميم المحروقات وميلاد الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ليشحن الجبهة الاجتماعية من أجل الالتفاف حول مشروع الجزائر الجديدة، ودعم الإصلاحات التي باشرتها السلطة في السنوات الأخيرة، مذكرا بالمخاطر والتحولات الإقليمية والدولية التي لا يمكن للجزائر أن تعيش بمعزل عنها.

ودعا تبون إلى “مواصلة الالتفاف الجماعي حول المسار الإصلاحي لبناء الجزائر الجديدة والمساهمة بإيجابية في استكمال الورشات التي تم إطلاقها في سبيل تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز جهود التنمية وتحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطن وتعزيز المكتسبات المحققة”.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه رئيس الوزراء نذير العرباوي، في محافظة تيميمون بجنوب البلاد، أين تقام الاحتفالية الرسمية بذكرى تأميم المحروقات وميلاد الاتحاد العام للعمال الجزائريين، المصادف للرابع والعشرين من فبراير من كل عام، واستغلها في توجيه رسائل سياسية واجتماعية ودبلوماسية للرأي العام المحلي والإقليمي، خاصة وأن الجزائر تستعد لاحتضان قمة الغاز مطلع شهر مارس القادم.

وكان الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين قد قرر تأميم منشآت وآبار النفط والغاز العام 1971، لصالح ملكية الدولة، بعدما ظلت الشركات الفرنسية مستحوذة عليها رغم خروجها من الجزائر في صائفة العام 1962، وهو القرار الذي تغذى آنذاك من خطاب استكمال خطوات الحرية والسيادة على الممتلكات الوطنية، واستفاد من الأيديولوجيا الاشتراكية التي كانت تتبناها البلاد.

ولا زال قطاع المحروقات يشكل المصدر الأول لمداخيل الجزائر، وعرف خلال عقود الاستقلال العديد من التحولات لدرجة التضارب في بعض المراحل، بين خطاب الانفتاح على الشراكات ورأس المال الأجنبي لتطوير القطاع، وبين التمسك بالسيادة الوطنية على ثروات الدولة.

وتجلى ذلك خاصة خلال حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، الذي استعان بخبرات وكوادر مشبعة بالأفكار الليبيرالية لإدارة القطاع، وعلى رأسهم وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، الفار حاليا إلى الولايات المتحدة، والمحكوم عليه بعدة عقوبات قضائية في بلاده بدعوى الفساد المالي وسوء التسيير.

وتحتفي الجزائر سنويا بالذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات في الـ24 من فبراير العام 1971، وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين العام 1956، والذي كان حينها يمثل ذراعا نضالية للطبقة الشغيلة في الجزائر ضد السلطات الاستعمارية الفرنسية.

◙ تبون الطامح إلى تجديد ولايته الرئاسية يسعى في كل مرة لطمأنة الطبقة الشغيلة، بما تمثله من وعاء انتخابي مهم

وأكد الرئيس الجزائري على “ضرورة الحفاظ على وحدة الصف في عالم مضطرب ومتقلب إقليميا ودوليا، للتصدي لمحاولات الاستهداف العدائية ومواصلة الالتفاف الجماعي حول المسار الإصلاحي لبناء الجزائر الجديدة، والمساهمة بإيجابية في استكمال الورشات التي تم إطلاقها في سبيل تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز جهود التنمية وتحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطن وتعزيز المكتسبات المحققة”.

ويبدو أن الرئيس الجزائري الطامح إلى تجديد ولايته الرئاسية في انتخابات نهاية العام الجاري، بصدد شحن وطمأنة الطبقة الشغيلة في البلاد، بما تمثله من وعاء انتخابي مهم، ولذلك ما فتئ يذكّر في مختلف المناسبات بحزمة التدابير الاجتماعية التي اتخذت لصالح الجبهة الاجتماعية، من أجل احتواء ارتدادات الأزمة الاقتصادية وموجة الغلاء والتضخم التي أضرت في السنوات الأخيرة بفئات اجتماعية كثيرة.

ورغم تراجع وتيرة الاحتجاجات والإضرابات العمالية في السنوات الأخيرة، تحت ضغط سياسة التضييق على الحريات النقابية والعمالية المنتهجة من طرف الحكومة، إلا أن الاحتقان والغضب الاجتماعي بلغا مستويات قياسية، وهو ما يريد الرجل احتواءه تلافيا لأيّ انفجار قد يخلط أوراق السلطة.

وعبر تبون، عن حرصه الخاص على تكريس ثقافة الحوار، باعتباره الأسلوب الأفضل لضمان معالجة شاملة وعقلانية لمختلف الانشغالات والتطلعات وتحقيق الطموح الجماعي لبلوغ أعلى مستويات التنمية والازدهار، وأن مشاركة التنظيمات النقابية في الحوار الاجتماعي على جميع المستويات مكسب ديمقراطي وسند أساسي لدعم النمو والاستقرار الاجتماعي.

1