تبون يبرر قرار تقديم انتخابات الرئاسة ويؤجل الحديث عن ولاية ثانية

الجزائر - أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن قرار إجراء انتخابات رئاسية "مسبقة" في 7 سبتمبر 2024، أي قبل ثلاثة أشهر من الموعد المقرر لها، جاء "لأسباب تقنية محضة"، رافضا التصريح إن كان سيترشح لولاية ثانية، كما جاء في مقابلة مع وسائل أعلام محلية مساء السبت.
وقال تبون "المنطق الأساسي لهذا التغيير هو أن شهر ديسمبر ليس التاريخ الحقيقي للانتخابات. نعرف انه (...) بعد استقالة الرئيس المرحوم (عبدالعزيز بوتفليقة) تولى الرئاسة رئيس مجلس الأمة وتم تجديد موعد الانتخابات لكن للأسف لم تحدث وتم تمديد" المرحلة الانتقالية.
وتابع "الأسباب تقنية محضة ولا تؤثر على سيرورة الانتخابات".
وأوضح "في سبتمبر يكون المواطن أكثر استعدادا للإدلاء بصوته بعد العطلة الصيفية ويكون كل الناس قد رجعوا الى الوطن".
واستبعد الرئيس الجزائري "أي صراع في أعلى هرم السلطة حول بقائه أو رحيله"، رافضا التصريح حول امكانية ترشحه لولاية ثانية، وقال "الوقت لم يحن بعد".
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت في 21 مارس في بيان صدر إثر اجتماع خاص ترأسه تبون وحضره رئيس الوزراء ورئيسا غرفتي البرلمان ورئيس أركان الجيش ورئيس المحكمة الدستورية "إجراء انتخابات رئاسية مسبقة يوم 7 سبتمبر (أيلول) 2024".
وأضاف البيان أنه "سيتم استدعاء الهيئة الناخبة يوم 8 يونيو 2024".
واستند تبون إلى البند الـ11 من المادة الـ91 من الدستور الذي ينص على أنه "يمكن لرئيس الجمهورية أن يقرر تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة دون أية شروط محددة".
واضطر تبون إلى هذا الخروج الإعلامي لاطلاع الرأي العام وتوضيح الأسباب التي دفعته إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة عن موعدها الدستوري بـ94 يوماً، بعد سلسلة مواقف من أحزاب ونخب سياسية طالبته بذلك، واعتبرت أن من حق الرأي العام والطبقة السياسية الاطلاع على هذه المبررات.
وجرت آخر انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر 2019 وفاز فيها تبون بحصوله على 58 في المئة من الأصوات، ليخلف حينها بوتفليقة الذي دُفع إلى الاستقالة بضغط من الجيش والحراك الاحتجاجي الشعبي.
وتوفي بوتفليقة في سبتمبر 2021.
على صعيد منفصل، كشف تبون في الحوار التلفزيوني ذاته عن أن مشروع التكتل المغاربي الذي تنوي دول المنطقة تأسيسه، سيشكل كتلة لإحياء العمل المغاربي المشترك والتنسيق من أجل توحيد كلمة هذه الدول حيال العديد من القضايا الدولية، دون إقصاء لأي طرف أو موجه ضد أية جهة كانت. في إشارة منه إلى المغرب.
ولفت تبون إلى أن الرغبة في إنجاز هذه الخطوة (اللقاءات المشتركة)، تُعَدّ تطويرا للعلاقات وجودة التنسيق الثنائي القائم بين الجزائر مع كل من تونس وليبيا وموريتانيا.
وكان لقاء قد حصل في الجزائر بداية الشهر الجاري جمع قادة ثلاث دول مغاربية، وهم بالإضافة إلى الرئيس الجزائري كل من: الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، حيث تم الاتفاق على "عقد اجتماع مشترك كل ثلاثة أشهر لبحث مشكلات المنطقة وتنسيق المواقف وتكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب"، على أن تعقد القمة الأولى في تونس بعد شهر رمضان المبارك.
وبشأن زيارته المؤجلة إلى فرنسا، أكد تبون مجددا في نفس مقابلة التلفزيونية، أن زيارته إلى فرنسا " لا تزال قائمة"، ووصف لقاءه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "موعد مع التاريخ".
قال تبون "سننظر إلى الأمور كما يجب أن نراها وليس عاطفياً، نحن اليوم في مرحلة إعادة تأسيس للعلاقات" بين البلدين.
وأضاف "لن نتخلى عنها (الذاكرة)، كما لن نترك أي ميليمتر من الواجب إزاء شهدائنا الأبرار، سواء تعلّق الأمر بشهداء المقاومة الوطنية أو شهداء الثورة التحريرية المجيدة".
وأشاد تبون بما اعتبره عملا إيجابيا قامت به الجمعية الوطنية الفرنسية، التي تبنّت قراراً يندّد بما وصفته "القمع الدامي والقاتل" ضد أبناء الجالية الجزائرية تحت سلطة مدير الشرطة موريس بابون في 17 أكتوبر 1961 في العاصمة الفرنسية باريس، والذي راح ضحيته ما بين 30 وأكثر من 200 متظاهر سلمي بحسب شهادات مؤرخين.
واعتبر أن العلاقات بين البلدين "وصلت إلى النضج"، وأنه "ينبغي أن يعاد التأسيس لها من جديد دون التراجع عن أي جزئية في ملف الذاكرة".
ومن جهة أخرى، وصف الرئيس الجزائري قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة بأنه "انتصار الحق على الباطل"، مؤكداً أن "معركة الجزائر المقبلة هي أن تصبح فلسطين دولة دائمة العضوية في الأمم المتحدة، ولن نترك ميدان هذه المعركة ولو كره من كره. هناك أمل مادام هناك دولا من الاتحاد الأوروبي أصبحت تؤمن بضرورة قيام دولة فلسطين".
وأبرز أنه "من يملك قوة الردع سيفرض على الكيان (الصهيوني) إلزامية تنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير (الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة)، معتبرا أن "البشرية لم تشهد بشاعة منذ الحرب العالمية الأولى كالتي تشهدها فلسطين".
وبشأن أزمتي مالي والنيجر، ذكر تبون أن البلدين قررا حل مشاكلهما بدون الجزائر، مشيرا إلى أن بلاده تسير منذ استقلالها وفق سياسة حسن الجوار، وأنها دولة غير استعمارية أو استغلالية، وليس لها أطماع في البلدين، لافتاً إلى أن الجزائر كانت متطرفة في الدفاع عن وحدة مالي وشعبها.
واعتبر تبون أن المصالحة هي الحل الوحيد في مالي، وأن الماليين أحرار في إدارة شؤونهم، محذراً في السياق ذاته من تداعيات التدخلات الخارجية.
وكان المجلس العسكري الحاكم في مالي قرر، في يناير، إنهاء العمل بـ"اتفاق الجزائر للسلام" مع حركة الأزواد والجماعات الانفصالية في شمال البلاد، والموقع في 2015.
وسبق أن طرحت الجزائر، نهاية أغسطس، مبادرة لحل الأزمة السياسية في النيجر، التي شهدت انقلاباً عسكريا في يوليو، لبلورة حل يضمن عودة النظام الديمقراطي.
وفي الجانب الاقتصادي أكد تبون أن الجزائر تعول كثيرا على الزراعة "لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم استيراد المنتجات الغذائية إلا قدر الحاجة".
وأكد ان الناتج الاجمالي الداخلي الخام للجزائر سيصل الى 400 مليار دولار في الفصل الاول من سنة 2026" مقابل نحو 200 مليار دولار في 2023.