تبني حزب العمال لإجراء استفتاء ثان ينعش أمال النادمين على بريكست

مثل تبني حزب العمال البريطاني لمقترح إجراء استفتاء ثان بشأن بريكست جرعة دعم إضافية لمؤيدي البقاء والنادمين على بريكست على حد السواء، بعد أن كان المقترح يلقى معارضة من زعيم الحزب جيريمي كوربين الذي يدفع نحو إجراء انتخابات مبكرة حال انهيار بريكست عوض الدعوة إلى استفتاء جديد. ويرى متابعون أن وجود حاضنة سياسية قوية لتنامي شعبية إجراء استفتاء ثان قد يحقق اختراقا.
لندن- اقترح حزب العمال البريطاني، أبرز أحزاب المعارضة، أن يمنح النواب فرصة بالتصويت حول إمكانية إجراء استفتاء ثانٍ، وذلك في إطار سلسلة حلول مقترحة لتجنّب الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، فيما يتنامى الشعور بالندم على بريكست في صفوف البريطانيين بعد أن تشكلت لديهم رؤية أكثر وضوحا لتكلفة الانسحاب الباهظة.
وطرح العمال تعديلا برلمانيا، يطلب من الوزراء أن يسمحوا لمجلس العموم بمناقشة السبل الممكنة لتفادي بريكست دون اتفاق عند حلول موعد الخروج في 29 مارس.
وتتضمن المقترحات احتمال أن تعيد رئيسة الوزراء تيريزا ماي التفاوض على اتفاق الخروج، لإدخال بند اتحاد جمركي جديد بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبناء “علاقة قوية” مع السوق الموحدة الأوروبية، كما تتضمن التعديلات أيضا اقتراح “إقرار تصويت شعبي على الاتفاق أو المقترحات”، حيث تدعم غالبية النواب هذا المقترح.
ورفض النواب بأغلبية ساحقة الأسبوع الماضي الاتفاق الذي طرحته ماي، لكن رئيسة الوزراء لا تزال مقتنعة بأنها قادرة على إنقاذه ووعدت بأن تعيد التفاوض مع بروكسل للحصول على المزيد من التنازلات من الجانب الأوروبي، في محاولة منها لإقناع المنتقدين.
وستقف ماي من جديد أمام مجلس العموم، حيث ستكون لدى النواب فرصة لمناقشة مقاربتها لبريكست والتصويت على تعديلات تقدّم سبلا جديدة للمضي
قدما.
والتعديل الذي يريده العمال يملك فرصة ضئيلة بالنجاح، فهو بحاجة إلى دعم نواب حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي، والذين لا يتوقع منهم دعم خطّة اقترحها زعيم حزب العمال جيريمي كوربين. ورحّب الداعمون لوضع حدّ لبريكست بشكل نهائي بفكرة تداول مقترح القيام باستفتاء ثانٍ. ورأى النائب العمالي ديفيد لامي أنها “خطوة هائلة إلى الأمام أن يعترف حزبي من خلال تعديل برلماني وللمرة الأولى بأن الطريق الوحيد للمضي قدما هو تصويت شعبي آخر”.
وتوجد مقترحات أخرى تحظى بدعم النواب المحافظين المؤيدين لأوروبا، ومن ضمنها تلك التي تسعى لتفادي الخيار الصعب بالخروج “دون اتفاق” عبر اقتراح تأجيل موعد الخروج.
ولن تطرح كلّ تلك المقترحات للتصويت. والقرار يعود إلى رئيس مجلس العموم، جون بركو، فهو من سيقوم باختيار المقترحات التي ستطرح أمام البرلمان الأسبوع المقبل.
ومثل سقوط اتفاق بريكست داخل البرلمان البريطاني جرعة دعم إضافية لمؤيدي البقاء داخل الاتحاد الأوروبي الذين انضم إليهم شق كبير من المواطنين الذين صوتوا لصالح استفتاء 2016، بعد أن تشكلت لديهم رؤية أكثر وضوحا لتكلفة الانسحاب الباهظة.
وبعد تصويتهم لمصلحة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو 2016، غيّر مقترعون بات يطلق عليهم اسم “الباقون الآن” رأيهم وأصبحوا ينشطون بقوة اليوم لعدم انسحاب بلادهم من التكتل.
ورغم أنهم لا يمتلكون آليات قانونية لإجبار الحكومة على التراجع عن بريكست أو حتى إجراء استفتاء ثان على الانفصال، يواصل المنضمون إلى أنصار البقاء داخل الاتحاد الأوروبي تحركاتهم الاحتجاجية على أمل أن تتوسع وتحظى بحاضنة شعبية وسياسية كافية لدفع الحكومة إلى مراجعة تصلّبها حيال إمكانية إجراء استفتاء ثان يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
ويحظى سيناريو إلغاء بريكست بدعم المفوضية الأوروبية وقادة دول الاتحاد الذين يدفعون باتجاه ذلك كلما وصلت المفاوضات مع لندن إلى طريق مسدود، في خطوة تعكس المخاوف الأوروبية العميقة من انفصال خامس اقتصاد في العالم وتأثير ذلك على الوحدة الأوروبية خاصة في شقها الاقتصادي.
وأطلقت حركة “الباقون الآن” (ريمينر ناو) التي أسسها مؤيد للوحدة الأوروبية يدعى أندرو دافيدسونفبي كمحاولة لكسب أكثر شعبية لسيناريو البقاء داخل الاتحاد الأوروبي.
وتبني الحركة آمالها على استطلاعات للرأي أجريت مؤخرا وتشير إلى أنه في حال تنظيم استفتاء جديد، وهو خيار تستبعده الحكومة حاليا لكنه يلقى تأييدا متزايدا في المملكة المتحدة، سيفوز مؤيدو البقاء في الاتحاد بنسبة 54 بالمئة، حسب أرقام جمعت من تحقيقات أجرتها المنظمة غير الحزبية “وات يو كي ثينكس؟”. ويفسر هذا التغيير خصوصا بالخوف من الصعوبات الاقتصادية المحتملة لبريكست.
وأظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة يوغوف لقياس الرأي العام أن بريطانيا قد تصوّت لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوروبي بفارق 12 نقطة مئوية إذا أجرت استفتاء آخر، وهي أعلى نسبة منذ استفتاء الخروج الصادم في عام 2016.
56 بالمئة سيصوتون لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي حال إجراء استفتاء ثان
وأظهر الاستطلاع الذي نشرت نتائجه حملة “تصويت الشعب” (بيبولز فوت) التي تطالب بإجراء استفتاء آخر، أن 56 بالمئة سيصوتون لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، وأن 44 بالمئة سيصوتون لصالح الخروج منه باستبعاد الممتنعين عن التصويت أو من لم يحسموا أمرهم.
ونقلت الحملة عن بيتر كيلنر الرئيس السابق لمؤسسة يوغوف قوله “تأييد البقاء داخل التكتل بفارق 12 بالمئة هو الأعلى حتى الآن”. وأظهر استطلاع يوغوف أن 48 بالمئة سيصوتون لصالح البقاء داخل الاتحاد في حين سيختار 38 بالمئة الخروج منه، وسيمتنع 6 بالمئة عن التصويت. وقال 7 بالمئة إنهم لم يحسموا أمرهم. وشمل الاستطلاع 1070 شخصا.
وأظهر الاستطلاع أن نسبة التأييد لإجراء استفتاء آخر بلغت 78 بالمئة بين مؤيدي حزب العمال المعارض. وجاء في تقرير حكومي مسرّب أن بريطانيا ستكون في وضع أسوأ أيّا كان الاتفاق الذي ستتوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي. وأظهر التقرير المتعلق بالأثر الاقتصادي، الذي أّعد لوزارة بريكست، أن معدل النمو سيكون أدنى، في مجموعة من السيناريوهات المحتملة.