تبعات فضيحة التمويل الليبي لحملة ساركوزي تطيح برئيس تحرير أشهر صحيفتين فرنسيتين

إدارة تحرير الصحيفتين واجهت كذلك الشكاوى المتراكمة من سوء معاملتها للموظفين والصحافيين العاملين عندها.
الجمعة 2021/10/22
رئيس سابق أم رئيس عصابة؟

باريس – أعلنت مجموعة “لاغاردير” الفرنسية الخميس تعيين جيروم بيلاي لقيادة “لو جورنال دو ديمونش” فيما عين باتريك مهاي لقيادة مجلة “باري ماتش” اعتبارًا من يوم الاثنين الخامس والعشرين من أكتوبر، ليخلفا بذلك هيرفي غاتينيو الذي تمت إقالته الثلاثاء.

ورئيسا التحرير الجديدان هما في السبعين من عمرهما “كانا نصف متقاعدين عن العمل ويعرفان الصحيفتين جيدًا إذ سبق أن عملا فيهما لسنوات طويلة كما ترأسا إدارة تحريرهما.

وسيساعد كل منهما سيريل بيتي وكارولين مانغيز اللتين تمت ترقيتهما على التوالي إلى مديرتيْ تحرير في “لو جورنال دو ديمونش” ومجلة “باري ماتش”.

وأكد مراقبون أن هذا التغيير المفاجئ جاء بسبب التأثير الذي تم وراء الكواليس من قبل فانسان بولوري، أكبر مساهم في مجموعة “لاغاردير” الإعلامية، على خلفية الفضيحة التي هزت المؤسسة.

وأقيل الثلاثاء هيرفي غاتينيو من رأس جريدتَي “باري ماتش” و”لو جورنال دو ديمونش” المملوكتين للمجموعة، في قرار أرجعته وسائل إعلام فرنسية إلى المشكلات الكبيرة التي عاشتها الجريدتان عقب تورط إدارتهما في فضيحة “محاولة التأثير في الشهود” في قضية التمويل الليبي لحملة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي.

وسبق أن نشرت جريدة “باري ماتش” بإيعاز من ميشيل مارشان، الشخصية البارزة في مجال صحافة المشاهير بفرنسا والمقربة من ساركوزي، حواراً صحافياً غيّر فيه الشاهد زياد تقي الدين الأقوال التي أدلى بها لقاضي التحقيق في القضية، ما دفع القضاء الفرنسي إلى متابعة مارشان بتهم “الضغط على الشهود” و”تكوين عصابة إجرامية”.

كذلك واجهت إدارة تحرير الصحيفتين الشكاوى المتراكمة من سوء معاملتها للموظفين والصحافيين العاملين عندها، حتى أن إحدى الموظفات، تحت وطأة الضغط والإهانة، حاولت الانتحار.

وفي يونيو الماضي ألقت الشرطة الفرنسية القبض على فرنسوا دو لابار صحافي جريدة “باري ماتش” برفقة مديرة وكالة الصور “بيست إيميج” ميشيل مارشان، للاشتباه بـ”تأثيرهما في شاهد” و”المشاركة في عصابة أشرار”، حسب ما نشرته وقتها وكالة الأنباء الفرنسية.

وتعود جذور الواقعة إلى نوفمبر 2020، حين نشرت الجريدة المذكورة مقابلة صحافية أجرتها مع زياد تقي الدين، “السمسار” المفترض للتمويل الليبي لحملة نيكولا ساركوزي سنة 2007 والشاهد خلال التحقيق فيها. في مقابلة “باري ماتش” غيّر الشاهد الأقوال التي كان أدلى بها سابقاً لقاضي التحقيق، مما رجّح أن الشخصية المقرَّبة من عائلة ساركوزي ضغطت عليه للإقدام على ذلك.

وتحدَّثت وسائل إعلام فرنسية وقتها عن مفاوضات سريَّة بين ساركوزي وتقي الدين الذي كان مسجوناً في بيروت، بوساطة مارشان، من أجل تغيير الثاني أقواله. وأشارت جريدة “ميديا بارت” إلى أن “هذه الملاحقات (القضائية اللبنانية) هي التي كشفت مفاوضات سرية مع تقي الدين ليتراجع في القضية الليبية”.

وبعد مقابلة “باري ماتش” سرعان ما غيّر تقي الدين أقواله مرة أخرى، بالعودة إلى تأكيد أنه سلّم ساركوزي 5 ملايين يورو من طرف الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. ونفى خلال استجواب قاضي التحقيق الفرنسي له ما ورد في المقابلة، وعاد إلى روايته الأولى مع الإصرار على أنه لا علاقة له بالأمر.

وازدادت احتجاجات أفراد طاقم “باري ماتش” و”لو جورنال دو ديمونش” حدّة بعد انفجار فضيحة مقابلة تقي الدين، بسبب المعاملة السيئة التي يتلقَّونها، والتي يضاف إليها وصمهم بعار الاشتباه في تورط المؤسسة التي يعملون بها في “تكوين عصابة إجرامية” واستغلالهم كصحافيين لـ”الضغط على شاهد”. في المقابل سبق أن أعلن صحافيو “باري ماتش” رفضهم لتحول خطّ تحرير الجريدة نحو دعم ساركوزي في مراسلة رفعوها إلى الإدارة.

ومنذ وصوله إلى رأس الجريدتين عمد مدير التحرير هيرفي غاتينيو إلى خلق نمط عمل سام، حسب تحقيق لجريدة “ميديا بارت”. ويُنقل عن أحد الصحافيين العاملين في “باري ماتش” قوله إن المدير عمل على إحاطة نفسه بمجموعة من المقربين الذين يستعملهم في المراقبة والتجسس على باقي الطاقم، كما يستعملهم في الضغط على الآخرين.

16