تبعات اقتصادية وسياسية خطيرة على الجزائر بعد إدراجها في القائمة الأوروبية السوداء

صحيفة جزائرية تتهم الاتحاد الأوروبي بالانخراط في ما اعتبرتها حملة تشويه تستهدف الجزائر.
الخميس 2025/06/12
العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تمر بحالة من الفتور

الجزائر – عبرت وسائل اعلام جزائرية تدور في فلك السلطة عن انزعاجها من إدراج الاتحاد الأوروبي للجزائر في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، معتبرة أن الاتحاد انخرط في حملة تشويه ضد بلادها، فيما يأتي ذلك في خضم توتر متصاعد مع فرنسا.

واي كان الموقف الجزائري من هذا التصنيف فإنه ستكون له تداعيات سلبية ومؤثرة خاصة أن التصنيف يأتي من أحد أكبر الشركاء التجاريين وقد يرخي بظلاله على علاقات مشوشة أصلا بفعل أكثر من أزمة انخرطت فيها الجزائر ضد دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وإدراج الاتحاد الأوروبي للجزائر في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (التي تُعرف أحيانًا بالقائمة السوداء أو الرمادية للاتحاد الأوروبي)، له تأثيرات سلبية كبيرة رغم الجهود التي تقول الجزائر إنها تبذل جهودا كبيرة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وأن الاتحاد لم يأخذ ذلك في الاعتبار وانه انخرط بالفعل في حملة تشويه تستهدفها، بينما سيكون لذلك تأثيرات يمكن أن تشمل:

1 زيادة التدقيق المالي: ستواجه البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية ضغوطا أكبر لفرض تدقيق إضافي على المعاملات 2 المالية التي تشمل الجزائر وهذا يعني إجراءات تحقق أكثر صرامة، مما قد يبطئ المعاملات ويزيد من تعقيدها.

3 تأثير على جذب الاستثمار الأجنبي: يعتبر هذا الإدراج إشارة سلبية للمستثمرين الأجانب، مما يجعل الجزائر أقل جاذبية للاستثمارات. وقد تحجم الشركات والمؤسسات المالية الأوروبية عن الاستثمار في الجزائر أو إقامة شراكات مالية معها بسبب المخاطر المتزايدة المرتبطة بغسل الأموال.

4 صعوبة الوصول إلى التمويل: قد تجد الجزائر صعوبة أكبر في الحصول على قروض أو تمويل من المؤسسات المالية الدولية أو حتى من البنوك الأوروبية، حيث تزيد درجة المخاطرة.

5 تأثير على المعاملات البنكية الدولية: قد تفقد الثقة في أي تعاملات بنكية أو تحويلات بنكية قادمة من بنوك جزائرية، مما يعيق التجارة الدولية والمعاملات المالية.

6 تأثير على السمعة الدولية: ويؤثر هذا التصنيف سلبا على سمعة الجزائر كشريك تجاري ومالي موثوق به على الساحة الدولية، وقد يضر بعلاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية.

7 زيادة الضغوط لإجراء إصلاحات: ويهدف الاتحاد الأوروبي من خلال هذه القائمة إلى حث الدول على تحسين أطرها التنظيمية وتكييفها مع المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبالتالي، ستواجه الجزائر ضغوطا متزايدة لتحديث قوانينها المالية وتبني إجراءات امتثال أكثر صرامة.

8 تحديات في قطاع البنوك: قد يواجه القطاع البنكي الجزائري تحديات أكبر، بما في ذلك ضرورة الإسراع بتفعيل قواعد بيانات العملاء وتعزيز التعاون الدولي مع الهيئات المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وجاء إدراج الجزائر بعد فترة كانت فيها على "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي (FATF) في أكتوبر 2024، وهذا القرار من الاتحاد الأوروبي يعتبر تماشيا مع تقييم 'فاتف' أو نتيجة لعدم إحراز تقدم كافٍ في تحسين أنظمتها. وترى بعض التحليلات أن القرار قد يكون له أبعاد سياسية تتجاوز الجوانب التقنية، خاصة مع الجهود القانونية التي قام بها الجانب الجزائري في السنوات الأخيرة لمكافحة الظاهرة.

وعلقت صحيفة الخبر المحلية الموالية للسلطة على القرار الأوروبي بالقول إنه "بينما اعتبر القرار في بروكسل إجراء تقنيا يندرج ضمن سياسة الاتحاد الأوروبي لحماية نظامه المالي، يرى مراقبون ومحللون أن هذا التصنيف يتجاهل جهود الجزائر التشريعية والتنظيمية المتقدمة في مجال مكافحة الجرائم المالية ويثير تساؤلات حول الخلفيات السياسية الكامنة وراءه".

ودافعت الصحيفة عن سجل الجزائر في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدة أن السلطات بذلت جهودا كبيرة في هذا المجال وأنه "منذ سنة 2020 أطلقت الجزائر حزمة من الإصلاحات القانونية لتعزيز الشفافية المالية ومكافحة الظواهر الاقتصادية غير المشروعة. ومن بين أبرز هذه الإجراءات تعديل قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (2021)، حيث تم توسيع صلاحيات خلية معالجة المعلومات المالية وتعزيز التعاون الدولي في تتبع الأموال المشبوهة".

وأشارت كذلك على أن الجزائر بادرت في 2022 بإنشاء هيئة وطنية مستقلة للرقابة المالية تتولى "مراقبة البنوك وشركات التأمين والتحويلات المالية وتلزم هذه الجهات بالإبلاغ عن أي نشاط مالي غير معتاد"، مضيفة أنها اعتمدت أيضا في 2023 "نظام التصريح الإلكتروني للممتلكات والتحويلات الخارجية وهو إجراء يعزز الشفافية ويرصد تحركات رؤوس الأموال بدقة ويقلل من فرص التهرب المالي".

وأوردت الصحيفة الجزائرية الخميس في تقرير بعنوان "الاتحاد الأوروبي ينخرط في حملة التشويه"، أن "الجزائر قامت بتفعيل اتفاقيات التعاون مع مجموعة العمل المالي (فاتف) وصندوق النقد الدولي، حيث خضعت لعدة مراجعات تقنية وتقييمات إيجابية منذ 2022، شهدت بتحسن ملموس في قدرات الدولة على رصد وتفكيك شبكات غسل الأموال".

ونقلت عن محللين لم تذكرهم بالاسم قولهم إن "القرار (الأوروبي) لا يعكس واقع الجهود الجزائرية، بل يُقرأ في ضوء اعتبارات جيوسياسية واقتصادية أوسع، فمن حيث التوقيت جاء الإعلان في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية-الأوروبية بعض الفتور، خصوصا بعد تقارب الجزائر مع شركاء خارج الفضاء الأوروبي كالصين وروسيا وتركيا وتوتر علاقاتها مع فرنسا."

واتهمت الصحيفة على لسان محلليها الاتحاد الأوروبي باعتماد سياسة ازدواجية المعايير في تصنيفاته، مضيفة أن هناك من يرى أن تصنيف الجزائر قد يُستخدم كورقة ضغط لتقييد حركتها الاقتصادية في إفريقيا ومحيطها المتوسطي، خاصة مع تنامي طموحاتها في لعب دور مالي إقليمي، من خلال العملة الموحدة للاتحاد الإفريقي ومبادرات البريكس".

وقالت نقلا عن خبراء في القانون الدولي انه أمام الجزائر الآن "خياران لمواصلة المسار التقني بالاستمرار في التفاوض مع الهيئات المالية الأوروبية وتقديم الوثائق التي تثبت تحسن المنظومة الرقابية الوطنية أو التحرك الدبلوماسي، من خلال فتح قنوات حوار مباشر مع الاتحاد الأوروبي واستثمار التحالفات في البرلمان الأوروبي لتعديل هذا التصنيف".