تبرئة الحلبوسي بقرار قضائي تعيد خلط الأوراق قبل انتخابات العراق

قيادي بـ"تقدم" يؤكد أن تبرئة الحلبوسي تمنحه قانونا حق العودة لرئاسة البرلمان، وسيكون المرشح الأول لكتلته ببغداد في الانتخابات المقبلة.
الاثنين 2025/04/28
تبرئة الحلبوسي تشعل فتيل التنافس السياسي

بغداد – تشكل تبرئة القضاء العراقي مساء الأحد الزعيم السني البارز محمد الحلبوسي من تهمة التزوير التي أُقيل على إثرها في 2023 من منصبه كرئيس للبرلمان، منعطفا سياسيا حاسما قد يعيد رسم الخريطة السياسية في البلاد.

ويأتي هذا القرار القضائي، الذي أكده المكتب الإعلامي لحزب "تقدم"، في وقت تخوض فيه الكتل والأحزاب السياسية المتنفذة في العراق معركة وجود للبقاء ضمن النظام السياسي خلال الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر المقبل.

وأورد المكتب الإعلامي للحلبوسي في بيان مساء الأحد أن "القضاء العراقي يبرِّئ رئيس حزب 'تقدّم' الرئيس محمد الحلبوسي من التهم الموجهة إليه سابقا".

وأشار إلى أن "المحاكم المختصة (أصدرت) قراراتها بردّ الشكاوى وإلغاء التهم وغلق التحقيق، وتمت مصادقة هذه القرارات من محكمة التمييز الاتحادية واكتسبت الدرجة القطعية".

ويفتح قرار المحكمة هذا الباب على مصراعيه أمام إمكانية خوض الحلبوسي للانتخابات التشريعية المقبلة، بل ويجعله يطالب بالعودة إلى رئاسة البرلمان.

وفي هذا السياق، أكد حزب "تقدم"، الأحد، أن زعيمه الحلبوسي بات بإمكانه العودة إلى رئاسة مجلس النواب العراقي، وذلك بعد تبرئته من جميع التهم الموجهة إليه من قبل القضاء العراقي.

وأوضح القيادي في الحزب عمار الجميلي، لوكالة "شفق نيوز"، إن "قرار القضاء العراقي الذي قضى ببراءة الحلبوسي من التهم الموجهة إليه كافة، يمنحه الآن من الناحية القانونية حق العودة إلى رئاسة مجلس النواب، إلا أن القرار النهائي بشأن ذلك لم يُحسم بعد وهو رهن بإرادة الحلبوسي نفسه".

وأضاف الجميلي، أن "الحلبوسي، بعد حصوله على البراءة سيكون المرشح رقم واحد عن كتلة تقدم في العاصمة بغداد خلال الانتخابات المقبلة"، مؤكدا أن "منصب رئاسة مجلس النواب سيُحسم لصالحه في الدورة البرلمانية القادمة".

وتولى الحلبوسي رئاسة البرلمان العراقي مرة أولى في 2018 بدعم من الكتل الموالية لإيران، ثمّ مرة ثانية في 2022 في ولاية لم تكتمل، إذ أصدرت المحكمة الاتحادية العليا منتصف نوفمبر 2023 قرارا بإنهاء عضويته بناء على دعوى "تزوير" تقدم بها أحد النواب.

وتعود القضية إلى فبراير 2023، عندما بدأ القضاء العراقي محاكمة الحلبوسي بناء على شكوى من النائب ليث الدليمي، الذي اتهمه بـ"تزوير" تاريخ طلب استقالة باسمه قدم سابقا بهدف طرده من البرلمان.

وقد أثارت هذه القضية جدلا واسعا في الأوساط السياسية العراقية، وأدت إلى إنهاء عضوية الحلبوسي في البرلمان بقرار من المحكمة الاتحادية العليا وهي أعلى سلطة قضائية في العراق.

واتهم الدليمي، وهو أصلا نائب سني كان ينتمي إلى حزب تقدم، الحلبوسي بإنهاء عضويته كنائب في يناير 2023 عبر "أمر نيابي غير قانوني".

وتعليقا على قرار براءته قال الحلبوسي في تدوينة على منصة إكس "حين سكت أهل الحقِّ عن الباطل توهَّم أهل الباطل أنهم على حقٍّ"

وأكد أن "الحقُّ يعلو ولا يُعلى عليه”، معبرا عن شكره لـ"القضاء العراقي".

وبدأ صعود الحلبوسي، المحافظ السابق لمحافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية، سريعا في 2018 وأصبح لاعبا رئيسيا على الساحة السياسية ومحاورا للعديد من المستشاريات الغربية والعربية.

ويُعتبر الحلبوسي شخصية سياسية بارزة في العراق، وقد لعب دورا محوريا في المشهد السياسي خلال السنوات الأخيرة. وتثير عودته المحتملة إلى رئاسة مجلس النواب تساؤلات حول تأثيرها على التوازنات السياسية في البلاد، خاصة في ظل الانقسامات داخل التحالفات السياسية وتحديات المرحلة الانتقالية.

وتأتي تبرئة الحلبوسي في وقت يشهد فيه العراق تحولات سياسية مهمة، حيث يستعد لإجراء الانتخابات البرلمانية في نوفمبر المقبل. ويهيمن على البرلمان الحالي، الذي يضم 329 نائبًا، ائتلاف من الأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وثمة انشقاقات داخل هذا التحالف.

وتتزامن هذه التطورات مع انشغال الساحة السياسية بالتسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس حزب السيادة خميس الخنجر، وهو يتحدث فيها بأسلوب "طائفي" عن مؤسسات الدولة والحكم في العراق بعد 2003، فيما أعلن النائب محمد الخفاجي عن تحريك شكوى ضد الخنجر بشأن التسجيل المنسوب إليه.

وصوت مجلس الوزراء، الشهر الحالي، على تحديد 11 نوفمبر المقبل موعدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية، وذلك بعد تحديث سجلات الناخبين، حيث يحق لنحو 30 مليون عراقي الإدلاء بأصواتهم. وتعد الانتخابات العراقية القادمة من أكثر الدورات تعقيدًا منذ سنوات بحسب العديد من المراقبين، حيث يواجه العراقيون مشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم ووجود المال السياسي الذي يعيق وصول المستقلين للسلطة.

ويأتي ذلك بالتزامن مع سباق محموم من قبل بعض القوى السياسية لزيادة عدد المقاعد البرلمانية وفق التعداد السكاني، وتلويح البعض بتأجيل الانتخابات إذا لم يتم ذلك. وأعلن ائتلاف إدارة الدولة، في 10 أبريل الجاري، الاتفاق على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في البلاد استنادًا إلى القانون الحالي، دون إدخال أي تعديلات عليه.

ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدء من الصراع الأميركي الإيراني وانعكاساته على الداخل العراقي وصولا إلى الخلافات السياسية حول الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 نوفمبر المقبل والانقسام حول تعديل قانونها، فضلا عن تحديات أخرى اقتصادية وخدمية.

ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة من شأنه أن يُحدث فراغًا سياسيًا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة تتطلب حضورًا سياسيًا قويًا ومؤثرًا.

ويعتقد متابعون أن غياب التيار الصدري عن المنافسة الانتخابية القادمة، سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق على نحو غير مسبوق، لا سيما أن التيار كان يشكل ثقلا نوعيا داخل البرلمان، فضلا عن تأثيره الشعبي والاجتماعي الواسع، ما سيمنح أطرافًا أخرى الفرصة لملء هذا الفراغ، خصوصًا تلك المتحالفة ضمن الإطار التنسيقي الذي يتطلع لتعزيز نفوذه.