تباين كبير حول حدود الابتكار في درء أزمة المناخ

التقنيات الخضراء تطغى على قمة الويب في لشبونة وسط شكوك في قدرتها على تحقيق الأهداف.
الجمعة 2024/11/15
التجارب مستمرة دون توقف

حمل أكبر حدث تكنولوجي في العالم مزيجا من الشكوك بين أوساط الخبراء والمحللين، حول قدرة الابتكارات على تقديم المساعدة المطلوبة للتخلص من الكربون، رغم أن أصحاب الشركات الناشئة لديهم تفاؤل بأن يحققوا مبتغاهم مع زيادة الاستثمار في القطاع.

لشبونة - يروّج قطاع التكنولوجيا منذ سنوات لفكرة إنقاذ الكوكب دون المسّ بعاداتنا، لكنّ بعض الابتكارات، التي عُرضت خلال هذا الأسبوع في “قمة الويب” التي احتضنتها العاصمة البرتغالية لشبونة هذا الأسبوع، قسمت آراء الخبراء والمستثمرين.

ومع توسع دائرة التحذيرات من انتشار سريع ومكثف لآثار تغيرات المناخ، لا يزال خبراء يتساءلون عن دور التكنولوجيا في رصدها ومدى القدرة على الاستفادة من تقنياتها للتخفيف من تداعيات الاحتباس الحراري الوخيمة على مستقبل البشرية والعالم.

وثمة اعتقاد على نطاق واسع بأنه بالإمكان الاعتماد على التكنولوجيا، وما تشمله من تقنيات حديثة وتطبيقات، لمواجهة تحدي التغير المناخي والكوارث البيئية المحتملة والأهم تجنيب الاقتصاد العالمي المزيد من المشاكل.

وتعد تويلف الأميركية الناشئة التي تؤكد أنها قادرة على إنتاج وقود نظيف من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء، إحدى الشركات التي سُلّط الضوء عليها خلال القمة التي اختتمت فعالياتها الخميس.

مايك بيرنرز لي: الكل يبحث عن معجزة لتفادي اتخاذ أي إجراءات صعبة
مايك بيرنرز لي: الكل يبحث عن معجزة لتفادي اتخاذ أي إجراءات صعبة

وقالت المشاركة في تأسيس تويلف إتوشا كايف الاثنين الماضي، خلال الأمسية الافتتاحية للحدث الذي يقام بالتزامن مع انعقاد مؤتمر كوب 29 في أذربيجان، “نحن نقلّد عمل الأشجار والنباتات”.

وأمام جمهور منبهر، تحدّثت كايف عن مستقبل ستكون هذه التكنولوجيا قادرة فيه على تشغيل الرحلات الجوية الطويلة والمساعدة في استخراج المعادن على المريخ، وهذه رؤية مثالية جعلت تويلف تجمع نحو 650 مليون دولار.

لكن المطالبات الثورية بشأن الوقود المستدام أو مصادر الطاقة الجديدة ينبغي تلقيها مع الشكوك البارزة بين مجتمع الخبراء، على قول مايك بيرنرز لي، الأستاذ المتخصص في المناخ والبصمة الكربونية في جامعة لانكستر في المملكة المتحدة.

وقال لوكالة فرانس برس إنّ “الجميع يبحث عن حل معجزة حتى لا يضطر إلى اتخاذ أي إجراءات صعبة.”

وبشكل عام، تدخل الشركات الناشئة المتخصصة في مجال التحول البيئي أو ما يُعرف بـ”التكنولوجيا الخضراء” (غرين تك)، في فترة من الاضطراب.

وبينما نجح البعض في جذب المستثمرين، من المتوقع أن ينخفض التمويل المرتبط بالمسائل المناخية في العالم بنسبة 50 في المئة هذه السنة مقارنة بالعام السابق، بحسب وكالة بلومبيرغ.

ويحبس قطاع التكنولوجيا أنفاسه لمعرفة ما ستجلبه فترة ولاية دونالد ترامب الثانية، خاصة وأن من المتوقع أن يكون لرئيس سبيس إكس وتسلا إيلون ماسك تأثير كبير على الحكومة الأميركية القادمة.

ولا تحمل إعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، والذي يتحدث علنا عن شكوكه في المسائل المناخية، ويؤيد بقوة زيادة أعمال صناعة النفط، أي إيجابية لهذا القطاع.

وكانت واشنطن قد انسحبت خلال فترة ترامب الأولى من اتفاقية باريس المناخية عام 2015، قبل أن تعود سنة 2021 في ظل إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن.

20

مليار دولار مقدار تراجع استثمار الشركات الناشئة لتكنولوجيا المناخ بالنصف الأول من 2024

وثمة احتمال بأن تنسحب الولايات المتحدة مرة ثانية من الاتفاقية عند دخول ترامب البيت الأبيض في العشرين من شهر يناير المقبل.

ورغم التوقعات القاتمة، برز مفهوم التكنولوجيا الخضراء بشكل كبير في القمة، إذ عرضت الشركات المتخصصة به تقنيات وابتكارات مختلفة كمحطات طاقة افتراضية قائمة على تقنية بلوكتشين وأدوات ذكية لوقف تسرب المياه، على أمل جذب المستثمرين.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قالت الأستاذة في الهندسة البيئية في جامعة كارلتون الكندية إليزابيث غيلمور إن “هذه الابتكارات ترمي إلى إثارة الدهشة” معتبرة أن على الشركات الناشئة الذهاب أبعد من البحث عن الربح، وتصنيع منتجات لمساعدة الناس.

أما لي فأشار إلى أنه إذا كانت هذه الحلول “عبقرية كما يقال، فينبغي أن يكون تطويرها قد بدأ على نطاق واسع.” وقال إن “النجاح في إنتاج وقود مستدام مسألة صعبة جدا” موضحا أن ذلك يتطلب تطوّرات تكنولوجية كبيرة لتخزين الطاقة واستخدامها.

وأقرّت كايف بأنّ شركتها الناشئة تستخدم شبكة كهرباء في منشآتها، موضحة أن تويلف تحتاج إلى مساحات أصغر وطاقة أقل مما يستلزمه إنتاج الوقود الحيوي التقليدي.

واعتبر لي أن البحث عن مصادر جديدة للطاقة هو ما ينبغي أن يكون موضع تساؤل. وأضاف “لدي تحفظات قوية بشأن تزويد البشرية بمصدر غير محدود من الطاقة يتجاوز الوقود الأحفوري، فنحن نتسبب أصلا بأضرار كثيرة جراء الطاقة التي ننتجها”.

إليزابيث غيلمور: على الشركات الناشئة الذهاب أبعد من البحث عن الربح
إليزابيث غيلمور: على الشركات الناشئة الذهاب أبعد من البحث عن الربح

وتواجه شركات ناشئة تعمل في تكنولوجيا المناخ عثرة في معاضدة الجهود العالمية لمسح البصمة الكربونية، تتمثل في تراجع تمويل الكيانات المستعدة لبناء مرافق على نطاق تجاري.

ووفق تقرير نشرته شركة تحليل المعلومات والبيانات سايت لاين كلايمت في يوليو الماضي، فقد تراجع الاستثمار بمقدار 20 في المئة خلال النصف الأول من 2024 بمقارنة سنوية، لكن دعم الشركات في مرحلة النمو انخفض بشكل أكبر.

وضخ المستثمرون 11.3 مليار دولار، منها 2.8 مليار فقط ذهبت إلى شركات ناشئة في مرحلة النمو. وبالمقارنة، شهدت الشركات في تلك المرحلة استثمارات قدرها 4.2 مليار دولار في أول ستة أشهر من 2023.

وتعود بيانات كلايمت إلى 2020، والنصف الأول من ذلك العام، وهو الوقت الوحيد الذي كان فيه تمويل الشركات في مرحلة النمو أقل.

وتقول كيم تشو، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لسايت لاين، إن المستثمرين ينفقون أموالا هائلة في مراحل النمو اللاحقة والبنية التحتية لبحثهم عن شركات ناشئة بإيرادات لا تقل عن 10 ملايين دولار.

وأشارت في كلامها الذي نقلته بلومبيرغ حينها إلى أنها “عتبة لم يصلها الكثير من شركات تكنولوجيا المناخ بعد.”

واعتاد المستثمرون على أصول البنية التحتية التقليدية مثل طاقتي الشمس والرياح وتخزين الطاقة، وهي أكثر جذبا للتمويلات من التكنولوجيات النظيفة الناشئة مثل الطاقة النووية المتقدمة والطاقة الحرارية الأرضية واحتجاز الكربون والهيدروجين.

ونتيجة لذلك، فإن “الشركات الناشئة في السلسلة الثانية، ومراحل النمو عالقة في حيز مجهول للتمويل.” وفق تشو، التي أكدت أن رأس المال الجريء يركز على المشاريع الصغيرة والتجريبية، بينما يستهدف تمويل المشاريع تلك التي أثبتت بالفعل جدواها تجاريا.

11