تباين المواقف السياسية في العراق حول رد الطعون بالقوانين الجدلية

بغداد - تباينت المواقف السياسية في العراق حول رد المحكمة الاتحادية العليا الطعون المقدمة بالقوانين المثيرة للجدل وهي العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات المشمولة بقوانين البعث، بين التأييد والرفض وسط مخاوف من تبعات تلك القوانين على الداخل العراقي.
وأنهت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، الثلاثاء، خلافا حادا مع مجلس القضاء الأعلى، بعدما ردّت طعونا في 3 قوانين خلافية شرعها البرلمان بطريقة "السلة الواحدة"، ما يمهد الطريق أمام المضي بالقوانين والعمل بها.
وهنأ رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، الثلاثاء، من وصفهم "الأبرياء في السجون ومن ينتظرهم"، مؤكداً أن العمل داخل البرلمان لتأمين توافق سياسي لتمرير قانون العفو العام قد أثمر عن نجاح.
وقال المشهداني في بيان إنه "بحمد الله تعالى وكما وعدنا أمهات الأبرياء، بعد أن وصلتنا صرخات من في السجون، عملنا داخل البرلمان للحصول على توافق سياسي لتمرير قانون العفو العام، ولقد نجحنا فيما فشل به الآخرون، وحققنا الهدف المنشود بالتصويت عليه وتنفيذه".
وأضاف المشهداني "مبارك للأبرياء ولمن ينتظرهم، إنها فرصة بالعودة للحياة الحرة والمشاركة في بناء البلد والحفاظ على استقراره".
إلى ذلك، أكد رئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، الثلاثاء، أن قرار المحكمة الاتحادية برد الدعوى بشأن قانون العفو العام انتصارٌ للعدالة وخطوة مهمة نحو تصحيح المسار وإنصاف المظلومين.
وقال السامرائي في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك إن "قرار المحكمة الاتحادية برد الدعوى بشأن قانون العفو العام انتصارٌ للعدالة وخطوة مهمة نحو تصحيح المسار وإنصاف المظلومين".
وأضاف "نبارك لعوائل المعتقلين الأبرياء الذين سيستفيدون من هذا القانون، ونثمن التزام السلطات القضائية بدعم التشريعات التي تصب في مصلحة المواطن". وأكد، أن "إنجاز هذا القانون هو استكمال لمسار الاتفاق السياسي الذي أبرمناه مع القوى السياسية".
وفي السياق ذاته، رحّب نائب رئيس مجلس النواب العراقي، شاخوان عبدالله، بقرار المحكمة الاتحادية العليا برفض الشكاوى المقدمة بشأن قانوني الأحوال الشخصية والعفو العام وإعادة الممتلكات إلى أصحابها، خاصة في كركوك.
وقال في منشورٍ له على فيسبوك "بعد قرار المحكمة الاتحادية، لا توجد أي عوائق أمام عودة الحقوق إلى أصحابها والأراضي إلى أصحابها الأصليين".
وبدوره، أكد عقيل الرديني القيادي في الإطار التنسيقي، اليوم الأربعاء في تصريح لوكالة "بغداد اليوم"، أن "الإطار التنسيقي ليس بصدد معارضة قرار المحكمة الاتحادية لأننا مؤمنون بأنها محكمة دستورية لا يمكن الطعن في قراراتها لأهليتها ودستوريتها باعتبارها أعلى محكمة اتحادية في العراق".
وأضاف أن "المحكمة الاتحادية أصدرت قبل أيام قرارا ولائيا، وهو بات وملزم لجميع السلطات وغير قابل للطعن فيما يتعلق بسلة القوانين الثلاثة، وقد تم ذلك لتوفير الفرصة لدراسة الطعون المقدمة".
وأشار إلى أن "المحكمة الاتحادية أنهت الثلاثاء ولاية الأمر الولائي، وبالتالي أصبحت القوانين الثلاثة سارية المفعول ومهيأة للتطبيق والتنفيذ حيث سيتم رفعها إلى رئيس الجمهورية للتوقيع عليها ومن ثم نشرها في جريدة الوقائع العراقية وبالتالي تصبح متاحة للتطبيق وفق البنود المحددة لها".
وأكد أن "قرار المحكمة الاتحادية من الناحية القانونية ملزم لجميع السلطات كما ورد في الدستور، وهذا أمر لا يختلف عليه أحد".
وكان الإطار التنسيقي، قد أعلن دعمه للمحكمة الاتحادية العليا لإيقاف تنفيذ القوانين التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 21 يناير الماضي، مستغربا "الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين".
من جهة أخرى، رأى عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، الثلاثاء، أن "الضغط" كان واضحاً على المحكمة الاتحادية العليا لعدم الاستجابة للطعون المقدمة من قبل بعض أعضاء مجلس النواب.
وقال المالكي في تصريح لوكالة "شفق نيوز" أن المحكمة أصدرت قرارها، وهم يحترمون هذا القرار، وكان متوقعاً رد الدعاوى.
وأشار المالكي إلى أن "المحكمة اتخذت قرارها بناءً على اعتبارات سياسية، وفضلت مراعاة الوضع الحالي على الاعتبارات القانونية" مضيفا أن "المحكمة الاتحادية نفسها غير مقتنعة بالقرار الذي صدر، مستدركا القول "لكن هذا هو الوضع السائد في العراق".
وأكد المالكي، أنهم "راضون عن ما تم تقديمه من اعتراضات، حيث تم اعتراضهم خلال جلسات مجلس النواب وأثناء التصويت على القوانين، كما اعترضوا في المحكمة الاتحادية".
وأوضح أن "هذه الاعتراضات لم تكن تهدف إلى إيقاف القوانين، بل لتصحيح بعض الأخطاء في الفقرات التي تم إدراجها"، مضيفا "للأسف، بعض تلك الفقرات تشجع على الفساد وتتيح الإفلات من العقاب للمجرمين والإرهابيين".
وأشار المالكي إلى أن قانون العفو العام جاهز للطعن فيه مرة أخرى، موضحا أن رد الدعوى الثلاثاء لم يكن موضوعيا، وأن بعض الفقرات تعتبر غير دستورية، مما يتيح لأي شخص أو عضو في مجلس النواب تقديم الطعن في فقرات قانون العفو العام مجدداً.
وكانت المحكمة الاتحادية، قد أصدرت في الرابع من فبراير الجاري، أمرا ولائيا بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة، الأحوال الشخصية، العفو العام، العقارات، المقرة من مجلس النواب إلا أن هذا الأمر جوبه بالرفض الواسع من قبل قوى سياسية سنية وكردية.
وفي اليوم الموالي أفتى مجلس القضاء العراقي الأعلى، بعدم جواز إيقاف تنفيذ القوانين التي يتم تشريعها من قبل مجلس النواب قبل نشرها في الجريدة الرسمية، فيما اعتبر قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، وإعادة العقارات الى أصحابها يقتضي التريث في إصدار أي قرار يتعلق بهما، شدد على أن المحاكم في البلاد ملزمة بتنفيذ قانون العفو العام.
هذا وشرعت المحاكم في محافظات العراق اعتبارا من الخميس الماضي، بتنفيذ تعديل قانون العفو العام على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص رغم اعتراض المحكمة الاتحادية العليا اعلى سلطة قضائية في البلاد.
وكان رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، أول من أصدر بيانا شديد اللهجة ضد الأمر الولائي، إذ عبر عن رفضه لإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مؤكدا أن القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن “الإرهابيين”، وفيما اتهم المحكمة بتسييس قراراتها، شدد على عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب.
ومع حلول مساء الرابع من فبراير الجاري، بدأت محافظات سنية تعطل الدوام الرسمي، احتجاجا على الأمر الولائي، بدءا محافظة نينوى، ومن ثم تلتها محافظة الأنبار، ومن ثم التحقت صلاح الدين بهذه المحافظات، وأعلن أخيرا محافظ كركوك، ريبوار طه تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة.