تباين التصريحات الإيرانية بشأن التخصيب يكشف خلافات داخلية ورهان على الوقت

مسؤول بارز ينفي وقف التخصيب مؤقتا في المقترح العماني، بينما يشير برلماني إلى وجود المقترح وأنه تم رفضه خشية مطالب غربية متزايدة.
الثلاثاء 2025/05/27
خط أحمر إيراني يواجه الرفض الأميركي

طهران – في مشهد يعكس تعقيدات المشهد السياسي الإيراني واستراتيجيات التفاوض، برز تناقض لافت في التصريحات الرسمية حول المقترح العماني الأخير بشأن البرنامج النووي، وهذا التباين يثير تساؤلات حول وجود خلافات داخلية حول مسار المفاوضات، أو ربما محاولة لإدارة التوقعات العامة وتحقيق مكاسب تفاوضية.

أكد مسؤول إيراني بارز أن المقترح العماني للمفاوضات النووية لم  يتضمن وقفا مؤقتا لعملية تخصيب اليورانيوم.

ونفى المسؤول الإيراني البارز في الفريق المفاوض، الذي لم يتم الكشف عن هويته، في تصريح لوكالة أنباء تسنيم الإيرانية في وقت متأخر من مساء الاثنين، "ما أشيع بشأن تضمن المقترح العماني بندا ينص على التوقف المؤقت لمدة 6 أشهر عن التخصيب".

وقال المسؤول "لن يتوقف التخصيب تحت أي ظرف من الظروف، كما أن المقترح العماني يتضمن الاعتراف بحق إيران في التخصيب".

وهذا التصريح يتعارض مع ما أفاد به أحمد بخشايش أردستاني، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، الذي ذكر الاثنين أن سلطنة عمان قد عرضت مقترحا يقضي بوقف مؤقت لعمليات تخصيب اليورانيوم لمدة 6 أشهر كخطوة تمهيدية لاستئناف المحادثات.

ومع ذلك، أوضح أردستاني أن الجانب الإيراني رفض المقترح، مشيرا إلى أن طهران تخشى تكرار التجارب السابقة التي شهدت مطالب متزايدة من القوى الغربية بعد كل خطوة إيجابية تقدمها.

تأتي هذه التصريحات بعد جولة خامسة من المحادثات عقدت في روما الجمعة الماضي، وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"الجيدة للغاية".

من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أنها "الأكثر مهنية على الإطلاق"، لكنه لم ينفِ تعقيدها. وقال حينها "المفاوضات معقدة جدًا إلى درجة لا يمكن إنجازها في اجتماعين أو ثلاثة،" واصفًا التواصل مع واشنطن بأنه "مهني" جدًا.

وفي السياق ذاته، أوضح وزير الخارجية العماني بدرالبوسعيدي أنه تم "بذل جهود لطرح حلول لإزالة العقبات ولتحقيق تقدم... وتمّت مناقشة أفكار مختلفة..." وأضاف أنه تم "الاتفاق على أن يجري الجانبان دراسات فنية أعمق بشأن هذه الأفكار."

 وتابع البوسعيدي "نحن عازمون على دراسة هذه الحلول والمقترحات الجديدة التي قد تكون، على الأرجح، مفيدة، ومن المقرر أن يقدّم الطرفان وجهات نظرهما بشأن هذه المقترحات والحلول."

ومنذ 12 أبريل الماضي، بدأ الوفد الإيراني الذي يرأسه عراقجي، والوفد الأميركي بقيادة المبعوث ستيف ويتكوف محادثات غير مباشرة من أجل التوصل لاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، حيث عقدت 5 جولات وصفت بالإيجابية.

وتظل مسألة السماح لطهران بتخصيب اليورانيوم من أكثر المواضيع تعقيدًا في المفاوضات، حيث يصر الجانب الإيراني على ما يعتبره "حقا سياديا" و"خطا أحمر لا يمكن التنازل عنه"، في المقابل، ترفض الإدارة الأميركية السماح لطهران بالتخصيب داخل البلاد.

وتطالب الولايات المتحدة أن توقف الحكومة الإيرانية بشكل كامل تخصيب اليورانيوم والذي تنظر إليه واشنطن بوصفه إجراء ضروريا لمنع تطوير الأسلحة النووية بشكل دائم.

وعلى الرغم من رفض طهران لهذا الطلب، إلا أنها أبدت استعدادها لفرض قيود على البرنامج النووي مرة أخرى والسماح بفرض ضوابط أكثر صرامة.

وكان الرئيس الأميركي قد صرح في وقت سابق من الشهر الجاري أن بلاده قدمت اقتراحا إلى إيران، غير أن عراقجي، أكد أن طهران لم تتلق أي مقترح مكتوب من أميركا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويتوقع أن تشهد المرحلة القادمة المفاوضات النووية الإيرانية جولات فنية مكثفة ووساطة عمانية مستمرة، حيث يُنظر إلى رغبة إيران في إطالة أمد هذه المفاوضات على أنها تكتيك لشراء الوقت، كما ستحافظ طهران على مواقفها المتشددة لأغراض تفاوضية، متأثرة بالتطورات الإقليمية.