تباطؤ وتيرة نمو الاستثمارات في السوق التونسية خلال 2023

تونس تسعى للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار.
الاثنين 2024/01/29
تحفيز التشغيل ضروري

تونس - رصدت الهيئة التونسية للاستثمار انحسارا في حجم تدفق رؤوس الأموال التي تم التصريح بها خلال العام الماضي بأكمله، رغم أن الصناعة واصلت هيمنتها على أكثر القطاعات نموا في أعمالها.

وبحسب بيانات الهيئة، التي أوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية، فقد تراجع الاستثمار في كافة القطاعات بواقع 15.7 في المئة على أساس سنوي، ليبلغ 6 مليارات دينار (1.9 مليار دولار).

ويعزى هذا التراجع، أساسا، إلى تراجع الاستثمارات المصرّح بها في قطاعي الخدمات بنسبة 57.6 في المئة والطاقات المتجددة بنحو 54.3 في المئة.

وأدى هذا الانخفاض إلى توفير فرص عمل أقل بنحو 4.3 في المئة، قياسا بالعام السابق ليبلغ عدد الوظائف أكثر من 88.3 ألفا.

ومع ذلك، أكدت الهيئة في منشور لإحصائيات حول القطاع أن سنة 2023 تميّزت بهيمنة كبيرة للاستثمارات المتعلقة بمشاريع جديدة مقارنة بمشاريع التوسعة.

وناهزت القيمة الإجمالية الاستثمارية للمشاريع الجديدة نحو 1.56 مليار دولار، أي قرابة 81 في المئة من حجم الاستثمارات، التي تم رصدها.

15.7

في المئة نسبة التراجع السنوي في الاستثمار لتبلغ رؤوس الأموال المصرح بها 1.9 مليار دولار

وتبدو الأرقام الرسمية، التي توضح حجم الاستثمار ضئيلة قياسا بالسنوات الثلاث، التي سبقت تفشي الوباء العالمي، كما أنها تعتبر قليلة إذا ما تم النظر إلى أسواق المنطقة مثل المغرب ومصر.

ويعاني البلد من أزمة مالية واقتصادية بسبب الجائحة ثم عمّقتها الحرب في شرق أوروبا، وسط محاولات من السلطات لتعديل الأوضاع مع تبدد فرضية الحصول على قرض من الصندوق النقد الدولي.

وتسعى تونس، التي تكافح من أجل معالجة أوضاع المالية العامة المتضررة بشدة، للحصول على قرض من الصندوق بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات غير شعبية تشمل خفض الإنفاق وخفض دعم الطاقة والغذاء.

وأبرز التوزيع القطاعي للاستثمارات بين مختلف المجالات استحواذ الصناعة على الحصة الأكبر العام الماضي، بعدما استقطب 55 في المئة من إجمالي رؤوس الأموال المصرح بها.

كما لعب القطاع الصناعي دورا مهما في توفير وظائف جديدة، ليسهم لوحده بنحو 58 في المئة إجمالي فرص العمل التي تم توفيرها في كل القطاعات.

ويسلط هذا الضوء على قدرة الصناعة في تحفيز التشغيل والمساهمة بشكل كبير في الحد من البطالة، وفق ما أفادت به هيئة الاستثمار.

ويظهر تحليل القطاع الصناعي، أن صناعة مواد البناء والخزف والزجاج، قد استحوذ على حصة من الاستثمارات بلغت 27 في المئة، تليه الصناعات الغذائية بنحو 26 في المئة، ثم الصناعات الميكانيكية والكهربائية بواقع 22 في المئة.

ويحتل القطاع الزراعي المرتبة الثانية على مستوى القيمة الاستثمارية للمشاريع المصرّح بها في حدود 1.47 مليار دينار (470 مليون دولار)، ما يشكل 25 في المئة من الاستثمارات المصرح بها.

وتصنف الطاقة المستدامة ضمن القطاعات ذات الأولوية، حيث جذبت رؤوس أموال بلغت نحو 144.5 مليون دينار (46.5 مليون دولار)، لكنه يبدو مستوى ضئيلا قياسا باحتياجات الدولة لتنويع مزيج الطاقة.

لا تزال تحديات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر على النحو الأمثل رهانا صعبا للسلطات، رغم إقرارها في عام 2016 قانونا جديدا للاستثمار

ولا تزال تحديات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر على النحو الأمثل رهانا صعبا للسلطات، رغم إقرارها في عام 2016 قانونا جديدا للاستثمار، والذي يجمع اقتصاديون على أنه لم يضف نتائج واضحة حتى الآن وأن بيئة الأعمال ظلّت طاردة لرؤوس الأموال.

وتشكل القوانين الخاصة بالاستثمارات وتجذر البيروقراطية أحد أهم العراقيل، التي تجعل المستثمرين ينفرون من السوق، وهو ما يقلص فرص نجاح عملية التسويق لبيئة الأعمال بالبلاد كونها ستكون أكثر من مجرد دعاية نظرا لوجود تجارب سابقة لم تنجح.

والأمر الأكثر أهمية هو عدم وجود الضمانات الكافية، التي يمكن أن توفرها الدولة حتى تقنع المستثمرين بالقدوم ولا سيما حمايتهم من تغول الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية بالبلاد، والذي يلقى الكثيرون عليه باللوم في هروب رؤوس الأموال.

وأعلنت وزارة الاقتصاد والتخطيط في يناير 2023، عن إستراتيجية جديدة تمتد لثلاث سنوات تنتهي في 2025 لتحسين مناخ الأعمال.

وتقول الحكومة إن الإستراتيجية تهدف إلى الترويج للوجهة التونسية في الأسواق الدولية، وإرساء تصور مشترك بين القطاعين العام والخاص لمناخ أعمال مُحفز يرتكز على قاعدة شاملة قادرة على توفير فرص العمل والقيمة المضافة والاستدامة.

10