تباطؤ ملحوظ للتضخم في سوريا رغم تراكم الأزمات

دمشق- رصد البنك المركزي السوري انحسارا ملحوظا في مؤشر أسعار الاستهلاك وذلك رغم تراكم الأزمات الاقتصادية، التي يعاني منها البلد منذ سنوات بسبب الحرب وسوء إدارة النظام السابق للوضع.
وبحسب أول بيان للتضخم صادر عن المركزي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، وتسلم الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع الحكم، فقد بلغ التضخم 28.8 في المئة بنهاية نوفمبر 2024.
ويعد هذا المؤشر أدنى مستوى من 146.9 في المئة على أساس سنوي، بينما وصل إلى 67.4 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين شهر ديسمبر 2023 ونوفمبر الماضي، وفق ما أوردته بلومبيرغ الشرق.
وذكر المركزي في بيان نشره الأحد أن التباطؤ جاء مترافقا مع “تراجع الطلب على مكونات سلة السلع الأساسية للمستهلك، وانخفاض الدخل وارتفاع الأسعار بشكل كبير، ما أدى إلى انعدام القدرة الشرائية لأبسط المواد والاحتياجات اليومية، وانخفاض حركة المبيعات.”
وتعاني سوريا العديد من التحديات الاقتصادية، وتتطلع حالياً إلى تأسيس بنية اقتصادية جديدة على الطريقة الحديثة، بعدما كانت تحيا في ظل عقلية اشتراكية تفرض هيمنة الدولة على قطاعات الاقتصاد، بحسب تصريحات سابقة للشرع.
وتكافح الإدارة الجديدة إعادة ضخ الدماء في شرايين الاقتصاد بعد الدمار الذي طال البنية التحتية بسبب الحرب التي دارت لأكثر من عقد. وسارعت إلى تعيين ميساء صابرين لتكون أول امرأة تتسلم مهام البنك المركزي.
وكان المركزي قد أعاد تشغيل أجهزة الصراف الآلي، فضلاً عن انتعاش سعر صرف الليرة لتُتداول عند مستويات ما قبل سقوط الأسد، كما استأنفت المطارات الرئيسية في البلاد عملها، وعادت الشاحنات القادمة من الأردن لدخول الأراضي السورية.
◄ المحلات التجارية بالعاصمة باتت ترص المياه التركية المعلبة، ومكعبات مرق الدجاج المصنوعة في السعودية، ومسحوق الحليب اللبناني
وتدرس السلطات خصخصة الشركات الحكومية، لاسيما الخاسرة منها، مع السعي إلى إقرار قوانين لتشجيع الاستثمارات الأجنبية، بالتزامن مع تحركات لرفع البلاد من قائمة العقوبات.
وعلقت الولايات المتحدة هذا الشهر بعض العقوبات المفروضة على سوريا بشكل مؤقت، ما رفع آمال دمشق بإمكانية التوصل إلى اتفاق ينهي ملف العقوبات، ويشرع أبواب البلاد أمام تدفق الاستثمارات والمساعدات المطلوبة للبدء بعملية إعادة الإعمار وإحياء الاقتصاد.
وأغرقت البضائع المستوردة الأسواق السورية مع زوال القيود المفروضة على الدولار، والرسوم الجمركية الباهظة المفروضة على البضائع، وهو ما أدى إلى حدوث طفرة في السلع التي اختفت طوال فترة الحرب.
وذكرت وسائل إعلام محلية أنه خلال الأسابيع التي تلت إسقاط الأسد، وصلت كميات كبيرة من البضائع الغربية وبضائع دول الجوار إلى الأسواق السورية.
وباتت المحلات التجارية بالعاصمة ترص المياه التركية المعلبة، ومكعبات مرق الدجاج المصنوعة في السعودية، ومسحوق الحليب اللبناني، وعلامات تجارية أجنبية معروفة لأنواع من الشوكولاتة ورقائق البطاطس المستوردة.
28.8
في المئة مؤشر أسعار الاستهلاك في نوفمبر 2024 نزولا من 146.9 في المئة قبل عام
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية مؤخرا عن أحد العاملين في هذه المتاجر قوله “كما ترون، فإن كل شيء مستورد جديد،” مضيفا أن “أكثر ما أسعد الناس هو عودة الجبنة المكعبات والمشروبات مثل البيبسي… كان كل شيء نبيعه مصنعا في سوريا.”
وأصدر الرئيس المخلوع بشار الأسد في عام 2013، قراراً يقضي بتجريم التعامل بالعملات الأجنبية سعياً منه لدعم العملة المحلية المنهارة.
وكان من عادة التجار والباعة إخفاء البضائع الأجنبية خلف طاولات البيع ليقوموا بتسويقها سرّا لمن يعرفونهم من الزبائن، كما زاد الخوف من المداهمات والاعتقال والابتزاز على يد عناصر الأمن، ولذلك صار السوريون يتجنبون ذكر كلمة “دولار”.
وما تزال العلامات التجارية المحلية أرخص بكثير من الأجنبية، فقارورة الكاتشب السوري نوع دوليز مثلا تباع بمبلغ 14 ألف ليرة (ما يعادل دولارا) في أحد المتاجر الكبرى، في حين تباع قارورة الكاتشب من نوع هاينز بمبلغ يعادل 78 ألف ليرة (5.5 دولار).