تبادل الاتهامات بين موسكو وكييف يفشل خطة الإجلاء من ماريوبول

روسيا تتهم "قوميين" أوكرانيين بمنع المدنيين من المغادرة، وأوكرانيا تدرس تقارير بشأن استغلال القوات الروسية وقف إطلاق النار للتقدم نحو المدينة الاستراتيجية.
السبت 2022/03/05
القوات الروسية تواصل عملياتها العسكرية لليوم العاشر

كييف - أرجئت عملية إجلاء سكان ماريوبول، وهو ميناء أوكراني استراتيجي تحيط به القوات الروسية وحلفاؤها، بعد تبادل موسكو وكييف الاتهامات حول انتهاك إطلاق النار.

وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن وزارة الدفاع قالت إنه لم يستخدم أي أوكراني الممرات الآمنة التي أنشئت قرب مدينتي ماريوبول وفولنوفاكا السبت، واتهمت "قوميين" أوكرانيين بمنع المدنيين من المغادرة.

وفي تصريحات تتعارض بشدة مع ما ذكره مسؤولون أوكرانيون، قالت الوزارة إن القوات الروسية تعرضت لإطلاق نار بعدما أنشأت الممرات الآمنة أثناء وقف مؤقت لإطلاق النار.

وسبق أن ذكر مجلس مدينة ماريوبول أن روسيا لا تلتزم بوقف إطلاق النار على نحو كامل، في حين قالت السلطات الأوكرانية إنها تدرس تقارير ذكرت أن القوات الروسية تستغل وقف إطلاق النار للتقدم نحو ماريوبول.

وكتبت البلدية على تلغرام أن عملية إجلاء المدنيين التي كان مقررا أن تبدأ في وقت متأخر صباح السبت، "أرجئت لأسباب أمنية" لأن القوات الروسية "تواصل قصف ماريوبول ومحيطها".

ودعت البلدية المواطنين الذين تجمعوا عند مخارج المدينة إلى "العودة إلى الملاجئ". وأضافت "هناك مفاوضات جارية مع روسيا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وضمان إقامة ممر إنساني".

وصباح السبت، أعلنت وزارة الدفاع الروسية دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ اعتبارا من الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش من أجل السماح للمدنيين من ماريوبول وفولنوفاكا الواقعة على مسافة 60 كيلومترا إلى الشمال بالمغادرة.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزارة الدفاع أن "الجانب الروسي يعلن نظام إسكات" السلاح اعتبارا من الساعة السابعة بتوقيت غرينتش و"فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من ماريوبول وفولنوفاخا".

وستشكل سيطرة موسكو على هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 450 ألف نسمة والواقعة على بحر آزوف، نقطة تحول مهمة في غزو أوكرانيا.

فهي ستسمح بربط القوات الروسية القادمة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، بعد استيلائها على مرفأين رئيسيين في بيرديانسك وخيرسون، من جهة والقوات الانفصالية والروسية في دونباس من جهة أخرى.

ويحتل الجيش منذ الجمعة محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جنوب شرق أوكرانيا حيث أدى قصف مدفعي، حسب الأوكرانيين، إلى نشوب حريق فيها. وتنفي موسكو أن تكون تسببت بذلك.

وهذا الهجوم على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا تتألف من ستة مفاعلات، سبب صدمة للمجتمع الدولي. وقالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد في مجلس الأمن الدولي الجمعة إنه "تهديد هائل لكل أوروبا والعالم".

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي سيتحدث إلى مجلس الشيوخ الأميركي عبر الفيديو السبت "نجونا من ليلة كان يمكن أن تضع حدا للتاريخ  لتاريخ أوكرانيا. لتاريخ أوروبا". وأضاف أن انفجارا في زابوريجيا كان سيعادل "ستة أضعاف" انفجار تشيرنوبيل.

ونفت موسكو بشكل قاطع الهجوم على الموقع. وأكد السفير الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا أن هذه "كذبة". وفي موسكو، اتهمت وزارة الدفاع الروسية "مجموعات من المخربين الأوكرانيين بمشاركة مرتزقة" بالوقوف وراء الحادث.

وأعلنت دول مجموعة السبع أنها "ستفرض عقوبات قاسية جديدة ردا على العدوان الروسي".

من جهته، أصر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ على ضرورة "إنهاء" هذا النزاع لكنه أكد أن الحلف لا يمكنه تلبية طلب فرض منطقة حظر جوي لتجنب الانجرار إلى الصراع.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن "الطريقة الوحيدة لفرض شيء مثل منطقة حظر الطيران هي إرسال طائرات من الناتو إلى المجال الجوي الأوكراني وإسقاط الطائرات الروسية. قد يؤدي ذلك إلى حرب شاملة".

رد الرئيس زيلينسكي بحدة. وقال في تسجيل فيديو نشرته الرئاسة الأوكرانية إن الحلف "أعطى الضوء الأخضر لمواصلة قصف مدن وقرى أوكرانية، ورفض فرض منطقة حظر طيران".

وأضاف أن دول الناتو أقنعت نفسها "بأن حظرا للطيران فوق أوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى عدوان روسي مباشر ضد الناتو"، معتبرا أنها "عملية تخدير ذاتي للضعفاء والذي يفتقدون للسلام الداخلي بينما يمتلكون أسلحة أقوى بكثير من أسلحتنا".

وفي الوقت نفسه أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة أنه تم تسليم القوات الأوكرانية "في مواقع عدة (...) معدات بقيمة 240 مليون دولار بما في ذلك بعض أهم المعدات مثل تلك المضادة للدروع".

وذكر ميخايلو بودولاك مستشار الرئاسة الأوكرانية أن جولة ثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية قد تعقد السبت أو الأحد.

لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جدا. فقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكنا إلا إذا تم قبول "كل المطالب الروسية" بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا كدولة "محايدة وغير نووية" و"إخلائها الإجباري من السلاح".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف مساء الجمعة "ننتظر جولة ثالثة من المفاوضات في بيلاروسيا مع السلطات الأوكرانية". وأضاف "نأمل أن تصغي أوكرانيا إلى موقف روسيا ومخاوفها، وهذا ضروري خصوصا لوضع حدّ للعمليات العسكرية".

ولم تفض جولتان سابقتان من المحادثات على الحدود الأوكرانية البيلاروسية ثم على الحدود البولندية البيلاروسية، إلى وقف القتال، لكن الطرفين اتفقا على إقامة "ممرات إنسانية" لإجلاء المدنيين.

وبعد عشرة أيام من الحرب من المستحيل التحقق من الأرقام بشكل مستقل. فقد أعلنت موسكو سقوط 2870 قتيلا في الجانب الأوكراني و498 في الجانب الروسي. لكن كييف تتحدث عن مقتل أكثر من تسعة آلاف جندي روسي.

وأكد فلاديمير بوتين أن القوات الروسية لا تقصف كييف والمدن الأوكرانية الكبرى ووصف المعلومات عن عمليات التدمير الذي تقوم بها موسكو بـ "التلفيق الدعائي الجسيم".