"تاج ونجمتان وسيفان" سيرة جندي عماني

الكاتب العماني محمد بن سيف الرحبي يقدِّم طريقة سردية مُغايرة لما سبقها من كتاباته في عالم الرواية.
الثلاثاء 2021/07/27
سيرة ذات.. سيرة وطن (لوحة للفنان أنور سونيا)

مسقط  - تجربة روائية جديدة يقدّمها الكاتب العماني محمد بن سيف الرحبي عبر روايته الجديدة “تاج ونجمتان وسيفان”، مستلهمًا السيرة الذاتية التي سبق أنْ قدّمها عبر كتاب “جندي من مسكن.. شهد الذاكرة”، والذي تضمّن مسيرة الفريق أول متقاعد سعيد بن راشد الكلباني، منذ رحلته الأولى في العسكرية جنديًا ضمن جيش السلطان سعيد بن تيمور، ووصولاً إلى تقلّده جهاز الشرطة كأول عُماني يتولّى هذا المنصب.

يخوض الرحبي التجربة كما يقول عنها إنها “تجريب روائي آخر” بعد ثمانية أعمال روائية بدأ أولها قبل أكثر من عشرين عامًا برحلة أبوزيد العماني، وفي كل عمل يقدِّم طريقة سردية مُغايرة لما سبقها من كتاباته في عالم الرواية، فرواية “تاج” تعتمد على  الواقع، كما يرى، وهذا الواقع لا بدّ له من “متخيّل” يحيله من كونه سيرة ذاتية واقعية إلى أخرى روائية يتداخل فيها ذلك المزيج القادر على خلق عمل روائي ينأى عن التقريرية والمباشرة.

يقدِّم المؤلف الإهداء “إلى الجندي والإنسان سعيد بن راشد الكلباني، كما عرفتك عاشقًا  لأرضه.. وجبلاً، كجبال مسكن، ممتن لك.. لأن حياتك أهدتني الكثير.. لأتعلم منه قبل أن أكتبه”، مُصدرًا الفصل الأول بعنوان “لا تبدو كنهاية” وصولاً إلى الختامي “فاصلة أخيرة”، وما بين الفصلين تمضي سطور الحكايات تحت عناوين لها دلالاتها، لحظة الاكتشاف الأولى لأمكنة الانتظارات والتدريب والرصاص المنهمر في حرب ظفار والإصابة بطلقة بدأت معها رحلة ألم طويلة، مغمورة بالمزيد من القصص الإنسانية العميقة.

الكتاب سيرة روائية يتداخل فيها مزيج من الواقع والخيال لخلق عمل سردي ينأى عن التقريرية والمباشرة

ورغم أن الكثيرين يرون أن الفاصل ما بين الخيالي والواقعي في السير الروائية، هي الحقيقة ذاتها، ومدى صدقيّتها، ليس فقط لكثرة الشواهد عليها زمانياً ومكانياً، إنما، كما يرون، لتلك الملامح والسمات التي يحملها الحدث في طياته. فإن للخيال دورا هاما أيضا.يتناول العمل مجموعة من الإشارات الإنسانية في حياة الكلباني، حيث تركّز الرواية على الشخصية / الإنسان، وعلاقتها بما حولها، كالأسرة والأمكنة وبعض المواقف التي جمعته بالراحل السلطان قابوس، مع نثر العديد من الذكريات التي توهّجت بها حياة الكلباني منذ أن انتظر سيارة “البيدفورد” في حارتهم بقرية مسكن كي يقبلوا به جنديًا ينضم إلى عشرات سبقوه من أبناء عمّ وغيرهم من شباب قريتهم.

ونجد عددا لا يستهان به من السير الروائية لروائيين عرب، كُتبت من باب اطّلاع القارئ على تاريخهم الخاص والعوامل والأحداث التي ساهمت بتشكيل وعيهم الروائي أو تاريخ أشخاص آخرين في ما يعتبر سيرا غيرية، ونجد أن هنالك بعض الأحداث التي سردت في تلك الكتب، قد ساهمت في صنعها المخيلة الروائية، أكثر مما ساهم في صنعها المؤلف كشاهد عيان على ما حدث له، وما وقع حوله من أحداث كان شريكا بها بنسب متفاوتة وهذا ما يترك السيرة أدبا مثيرا للجدل.

ويُذكر أن الإصدار هذا هو الـ36 في مسيرة الإعلامي والكاتب محمد بن سيف الرحبي، والتي تضمنت كتبًا في القصة القصيرة والمقالات والمسرح وأدب الرحلات والنصوص، وقدّم إصداره الأول عام 1994 بمجموعة قصصية عنوانها “بوابات المدينة” وآخر عمل له رواية “ناجم السادس عشر”.

14