تأمين إمدادات الطاقة إلى أوروبا يتصدر أجندة لقاء الرئيس الأميركي بأمير قطر

الدوحة تطالب الاتحاد الأوروبي بضمان بقاء إمدادات غاز طارئة داخل التكتل.
الثلاثاء 2022/02/01
أمير قطر أمام اختبار أميركي جديد

تحمل زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة أربعة ملفات حارقة وهي تأمين إمدادات الطاقة إلى أوروبا في حال نشوب نزاع بين روسيا وأوكرانيا، والملفان الأفغاني والإيراني، إلى جانب صفقات الأسلحة التي تسعى الدوحة لإبرامها.

الدوحة - تكتسي زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى واشنطن ولقاؤه بالرئيس الأميركي جو بايدن أهمية استثنائية في ظل التوترات المتصاعدة بين موسكو وكييف والتي قد تقود قطر إلى لعب دور محتمل في تخفيف أثر الصدمات الاقتصادية على أوروبا من غزو روسي متوقع لأوكرانيا.

ومنحت الأزمة الأوكرانية المتفاعلة قطر فرصة ذهبية لاستغلال مصادرها الطاقية كأداة ناعمة لتعزيز حضورها على المسرح الدولي، حيث تبحث الدوحة مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تأمين استقرار إمدادات الطاقة في حال نشوب حرب بين كييف وموسكو.

وشكل الملف الطاقي أحد أهم المحاور على طاولة الرئيس جو بايدن والشيخ تميم الذي أصبحت بلاده مدار اهتمام القوى الغربية في الفترة الأخيرة، باعتبارها من أكبر دول العالم إنتاجا للغاز الطبيعي المسال.

ويرى مراقبون أن أمير قطر يحاول جاهدا استغلال هذا الوضع لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية تعزز من مكانة الإمارة الخليجية الصغيرة على الصعيد الدولي، لكن ذلك لا يخلو من تعقيدات، لاسيما وأن قطر في أقصى طاقاتها الإنتاجية وهي مرتبطة بعقود آجلة مع موردين تقليديين في آسيا، فضلا عن ذلك لديها احترازات حيال قواعد تحرير سوق الغاز الأوروبية، وهي تريد أن تفرض في هذا السياق شروطها.

وقال مصدر مطلع الاثنين إن قطر تطالب الاتحاد الأوروبي بضمان ألا يتم إعادة بيع أي إمدادات غاز طارئة للاتحاد خارج التكتل إذا كان يريد من قطر ومنتجين رئيسيين آخرين للغاز أن يوفروا له إمدادات طارئة في حال نشوب صراع بين روسيا وأوكرانيا.

أندرياس كريغ: قطر تسعى لاستغلال سياسات الطاقة كأداة للقوة الناعمة

وأوضح المصدر لوكالة “رويترز” أن قطر طلبت التوصل إلى تسوية لتحقيق يجريه الاتحاد الأوروبي بخصوص العقود القطرية طويلة الأمد للغاز التي تقول المفوضية الأوروبية إنها ربما تمنع التدفق الحر للغاز إلى أوروبا وسوقها الموحدة للغاز.

وتمس مطالب قطر جوهر قواعد تحرير سوق الغاز الأوروبية. ويرى الاتحاد الأوروبي أن تجارة الغاز الحرة تماما ضرورية لأمن الطاقة، لكن كبار المنتجين وبعض المستهلكين للغاز يرون أن الإصلاحات التي جرت في العقدين الماضيين كانت كثيرا ما تثير الاضطرابات وتقود إلى رفع الأسعار.

ويرجح متابعون أن تكون هذه المسألة إحدى النقاط التي تمت إثارتها من قبل الشيخ تميم خلال لقائه ببايدن الذي يعمل جاهدا من أجل معالجة المعضلة الطاقية التي تحول إلى حد الآن أمام موقف موحد مع القوى الأوروبية بشأن كيفية مواجهة التهديد الروسي لأوكرانيا.

ويتوقع أن يمارس الرئيس الأميركي نوعا من الضغوط على الدوحة لتخفيف مطالبها واشتراطاتها للتوصل إلى اتفاق بشأن إمدادات الغاز وطمأنة حلفائه الأوروبيين، ويقول مراقبون إن الشيخ تميم سيوافق في النهاية على العرض الأميركي والأوروبي في ظل حرصه على كسب تقدير الغرب وثقة الحليف الأميركي.

وإلى جانب الملف الطاقي الذي حاز على النصيب الأوفر من المحادثات بين الرئيس الأميركي وأمير قطر، هناك ملفات لا تقل أهمية منها الملف الأفغاني حيث تتولى الدوحة تمثيل الدبلوماسية الأميركية في أفغانستان تحت حكم حركة طالبان، وأيضا ملف النووي الإيراني.

وكانت قطر لعبت منذ العام 2013 دور الوسيط بين الولايات المتحدة والمجموعة الغربية من جهة، وحركة طالبان من جهة ثانية، كما كانت لها مساهمة رئيسية في عملية الإجلاء الفوضوية للقوات الأميركية في أغسطس والتي جرت بالتزامن مع اجتياح طالبان للعاصمة كابول.

ومنح هذا الوضع لقطر مسؤولية الإشراف على رعاية المصالح الأميركية في هذا البلد الآسيوي، في خطوة تعزز من مكانة الإمارة الخليجية لدى الولايات المتحدة.

ويرى محللون أنه من البديهي أن تكون المفاوضات النووية الجارية بين إيران والمجموعة الدولية حاضرة في لقاء الشيخ تميم والرئيس بايدن، خصوصا وأنه استبقت هذا اللقاء بأيام قليلة زيارة لوزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران، حيث كانت له سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين الإيرانيين شملت الرئيس إبراهيم رئيسي ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان.

Thumbnail

وقد ذكرت مصادر مطلعة أن وزير الخارجية الإيراني طلب خلال استقباله لنظيره القطري مساعدة الدوحة في التوسط لإطلاق سراح الإيرانيين – الأميركيين والإيرانيين – الأوروبيين المحتجزين في طهران.

ويقول أندرياس كريغ الأستاذ المساعد بجامعة كينغز كوليدج في لندن إن قطر تسعى في عهد الشيخ تميم لاستغلال السياسة الخارجية وسياسات الطاقة “كأداة للقوة الناعمة لكسب تقدير في الغرب لا في الشرق”.

ويضيف كريغ “بفضل مواقفها ترى أطراف مثل إيران وطالبان في قطر وسيطا يمكنه أن يتناول الاحتياجات الإقليمية والشكاوى بأسلوب أكثر تفهما”.

ويشير المراقبون إلى أن أمير قطر بالتأكيد سيحاول استغلال حاجة الولايات المتحدة إليه خاصة في ما يتعلق بمسألة الطاقة وأيضا الملف الأفغاني لتمرير صفقات أسلحة، وسبق أن انتقدت الدوحة تأجيل واشنطن المتكرر لبعض الصفقات ومن بينها صفقة طائرات بدون طيار متطورة.

وكانت قطر تقدمت بطلب رسمي منذ أكثر من عام لشراء أربع طائرات بدون طيار مسلحة من طراز “أم.كيو – 9 بي”، لكن وزارة الخارجية لم تتصرف بعد بشأن الطلب القطري ورفض المسؤولون فيها الإفصاح عن السبب، الأمر الذي أثار غضب الدوحة.

وزيارة الشيخ تميم إلى البيت الأبيض هي الأولى التي يقوم بها زعيم خليجي عربي إلى واشنطن منذ تولى بايدن لمنصبه العام الماضي.

3