تأجيل انتخاب رئيس لبنان في عرض مستمر بسيناريو متكرر

نبيه بري يرجئ الجلسة إلى العشرين من أكتوبر لعدم اكتمال النصاب القانوني بعد حضور 71 نائبا من أصل 128، مع استمرار الانقسام حول مرشح توافقي يخلف ميشال عون.
الخميس 2022/10/13
بعد الورقة البيضاء غياب النواب

بيروت - فشل البرلمان اللبناني الخميس للمرة الثانية على التوالي في انتخاب رئيس جديد للبلاد، في ظل انقسامات عميقة عكسها غياب التوافق على اسم خلف للرئيس الحالي ميشال عون، الذي تنقضي مدة ولايته نهاية الشهر الحالي.

وبسيناريو مشابه للجلسة الأولى، بل أقل منه جودة، أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري تأجيل الجلسة، التي لم تعقد بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، إلى العشرين من أكتوبر الحالي.

وكان مراقبون توقعوا هذا السيناريو، مؤكدين أن جلسة الخميس "شكلية" ومجرد "بروفة ثانية"، مستبعدين انعقادها.

ويؤشر فشل البرلمان في التوافق على مرشح حتى الآن على أن العملية الانتخابية قد تستغرق وقتا طويلا، ما يزيد من تعقيدات الوضع في البلاد الغارقة في أزمة مالية خانقة، وحيث نادرا ما تُحترم المهل الدستورية المحددة.

وحضر 71 نائبا من أصل 128 الجلسة التي قاطعها التيار الوطني الحر، حزب رئيس الجمهورية الحالي، لتزامنها مع ذكرى خروج عون من القصر الرئاسي إثر هجوم سوري في العام الأخير من الحرب الأهلية (1975 - 1990)، وهي ذكرى يحييها التيار سنويا، فيما اعتبرها رئيس مجلس النواب "أنها ليست مناسبة وطنية رسمية ولا يعتد بها".

وغالبا ما يصار إلى انتخاب رئيس بعد توافق الكتل الرئيسية على اسم مرشح، في بلد تقوم سياسته الداخلية على التسويات بين القوى المختلفة.

وانتُخب عون رئيسا في 2016 بعد شغور رئاسي استمر أكثر من عامين، بسبب فشل النواب في التوافق على مرشّح.

وفي الجلسة الأولى التي تأمن فيها النصاب، اقترع 66 نائبا بورقة بيضاء، بينما حظي النائب ميشال معوض، المدعوم من القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وكتل أخرى، بينها كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بـ36 صوتا.

ودعا معوض الخميس "أطياف المعارضة المتنوعة" إلى توحيد موقفها. وقال لصحافيين في مقر البرلمان "الطريق الوحيد لنتمكن من الوصول إلى رئيس سيادي إصلاحي إنقاذي هو بتوحيد أنفسنا".

وتعارض كتل رئيسية بينها حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز، دعم ترشيح معوض.

وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله لصحافيين في البرلمان إن السير "بمرشح التحدي"، في إشارة إلى معوض، "لن يؤدي إلى نتيجة".

ودعا الكتل إلى التحاور "من أجل التوافق على اسم يحظى بأكثرية نيابية"، منبها إلى أن "طرح التحدي يجعل الأمور تسير باتجاه المزيد من التأخير والتأجيل".

ويمتلك حزب الله وحلفاؤه عامل قوّة من خلال رئاسة الجمهورية المحسوبة عليه، وهو غير مستعدّ لخسارة هذا المكسب، لاسيما في ظلّ تأزّم العلاقة مع العديد من المكوّنات المسيحية نتيجة التحريض عليه سياسيا وإعلاميا، لذلك هو غير مستعد للتنازل عن هذا المكسب لأي طرف آخر بهدف إبقاء الخطوط مفتوحة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.

ويتردد داخل أروقة حزب الله اسما مرشحين لم يفصل الحزب بعد في تزكية أي منهما، وهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل (صهر عون).

ولا يفاضل حزب الله بين فرنجية وباسيل علنا، إلا أن مصادر مقربة من الحزب قالت في وقت سابق إن حزب الله ليس مرتاحا تماما لباسيل المتذبذب في مواقفه، والذي هاجم الحزب مرارا وتكرارا خدمة لتياره الذي فقد شعبيته في بيئته المسيحية لصالح حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.

وتثير الانقسامات العميقة بين الكتل الرئيسية مخاوف من فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر.

وبسبب الانقسامات نفسها التي تحول دون التوافق على رئيس للبلاد، لم تثمر مساعي رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل حكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف مايو، في بلد يقوم نظامه على تقاسم الحصص بين المكونات السياسية والطائفية.

ويشهد لبنان منذ العام 2019 انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95 في المئة من قيمتها في السوق السوداء، وبات أكثر من 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.

ويضغط المجتمع الدولي من أجل انتخاب رئيس جديد ضمن المهل الدستورية، لتجنّب تعميق الأزمة التي تتطلب إصلاحات ضرورية.