تأجيل الاقتراع الرئاسي ومفوضية الانتخابات الليبية تقترح موعدا آخر

اللجنة البرلمانية للانتخابات الليبية تدعو عقيلة صالح إلى العودة إلى رئاسة مجلس النواب وبدء التخطيط لخارطة طريق سياسية جديدة.
الأربعاء 2021/12/22
الانتخابات أصبحت في خبر كان

طرابلس - تقدمت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا الأربعاء باقتراح إلى مجلس النواب لتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى نهاية شهر يناير المقبل، وذلك بعد ساعات على إعلان اللجنة الانتخابية البرلمانية الليبية استحالة إجراء الانتخابات الرئاسية الجمعة القادم، داعية رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى بدء التخطيط لخارطة طريق سياسية جديدة.

وأوضحت المفوضية في بيان صحافي أنها "تقترح وبالتنسيق مع مجلس النواب تأجيل يوم الاقتراع (الجولة الأولى) إلى الرابع والعشرين من شهر يناير 2022، على أن يتولى مجلس النواب اتخاذ الإجراءات بإزالة 'القوة القاهرة' التي تواجه استكمال العملية الانتخابية".

وأشارت مفوضية الانتخابات إلى أن صعوبات حالت دون تنظيم الانتخابات في وقتها المحدد، مؤكدة أن مرحلة الطعون شكلت المنعطف الخطير على مسار العملية الانتخابية، وكانت بمثابة المحطة التي توقفت عندها مساعي الجميع لإنجاز الاستحقاق، لاعتبارات لم تكن في متناول القائمين عليها.

وأضافت أن أبرز تلك الصعوبات كانت "قصور التشريعات الانتخابية في ما يتعلق بدور القضاء في الطعون والنزاعات الانتخابية، الأمر الذي انعكس سلبا على حق المفوضية في الدفاع عن قراراتها، وأوجد حالة من عدم اليقين من أن قرارات المفوضية جانبها الصواب في ما يتعلق باستبعادها لعدد من المرشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط".

ولفتت المفوضية إلى أن "التداخل القائم بين المعطيات السياسية والأحكام القضائية الصادرة دفع إلى ما يعرف بحالة 'القوة القاهرة' التي أفضت إلى عدم تمكن المفوضية من الإعلان عنها، ومن ثم عدم قدرتها على تحديد الرابع والعشرين من ديسمبر يوما للاقتراع، رغم جاهزيتها الفنية الكاملة لإنجاز العملية في التاريخ المذكور".

وتنص المادة 43 من القانون الذي يحدد انتخاب رئيس الدولة على أن تُعلن المفوضية عن تأجيل عملية الاقتراع، ويحدد مجلس النواب موعدا آخر لإجراء عملية الاقتراع خلال ثلاثين يوما.

ونفت المفوضية الاتهامات الموجهة إليها بالتقصير والتسييس، وقالت إنها مجرد حملات للتشويش والتضليل هدفها النيل من سمعة المفوضية وعرقلة هذا الاستحقاق بما يخدم الأجندات العبثية، داعية مسؤولي السلطتين التشريعية والقضائية إلى تحمّل مسؤولياتهم والتزاماتهم في الأخذ بإجراءات تُفضي إلى نجاح هذا الاستحقاق الانتخابي، بما يحقق آمال الشعب الليبي وتطلعاته نحو غد أفضل.

ويشكل الإعلان أول تصريح رسمي بشأن تأجيل الانتخابات الرئاسية، بعد مماطلة من المفوضية والبرلمان، في خطوة يرى مراقبون أن الضغوط الأميركية هي من تقف وراءها، حيث لوّحت واشنطن في وقت سابق بفرض عقوبات على معرقلي الانتخابات، وهو ما يجعل المفوضية ومجلس النواب يحاولان عدم الظهور كمعرقلين للاستحقاقات الانتخابية.

لكن بعد تخلي واشنطن عن موعد الانتخابات وتصريحات السفير الأميركي ريتشارد نورلاند الاثنين عن وجود عقبات تعترض سير العملية الانتخابية في ليبيا، تتعلق بالجانبين القانوني والسياسي، يبدو أن عقدة اللسان فُكّت، فكان هذا الإعلان الذي سبقه تصريح لرئيس اللجنة الانتخابية البرلمانية الليبية الهادي الصغير قائلا إنه سيكون من المستحيل إجراء الانتخابات الرئاسية الجمعة المقبل.

وقال الصغير في رسالة وجهها إلى عقيلة صالح "بعد اطلاعنا على التقارير الفنية والقضائية والأمنية، نفيدكم باستحالة إجراء الانتخابات في الموعد المقرر بقانون الانتخابات في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر".

وأوضح أن ذلك جاء "استنادا على قرار مجلس النواب رقم 11 لسنة 2021 بشأن تكليفنا بمتابعة سير العملية الانتخابية، وعلى الاجتماعات واللقاءات التي جمعتنا بالمفوضية العليا للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، وكل الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية".

وأضاف أن إعادة العملية السياسية إلى نصابها الصحيح، ورفع المعوقات التي واجهت تنفيذ قوانين الانتخابات، يتطلبان من رئيس مجلس النواب استئناف عمله ومباشرة رئاسة مجلس النواب.

وأكد ضرورة حشد وتكريس الجهود الوطنية للنهوض بالعملية السياسية، وإعادة رسم خارطة الطريق والمتغيرات الناجمة عن عرقلة الانتخابات.

وأشار في رسالته إلى نهاية التفويض الممنوح من قبل البرلمان لحكومة الوحدة الوطنية كحكومة تسيير أعمال بحلول الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، وهو الموعد الذي كان مفترضا لإجراء الانتخابات.

وأكد النائب زياد دغيم أن عودة صالح، وترؤسه الجلسة المقبلة المتوقع عقدها في السابع والعشرين من الشهر الجاري في مدينة طبرق، تبطل الجلسة وما يصدر عنها من قرارات، مؤكدا أن عودته ستقصيه من الترشح.

واستبعد دغيم مشاركة عقيلة صالح في الجلسة القادمة، مشيرا إلى ضرورة عدم عودته إلى سابق عمله حتى يتخذ مجلس النواب تدابير جديدة بخصوص المرشحين والمادة 12، وتحديد موعد جديد للانتخابات.

وفي الخامس عشر من ديسمبر الجاري، أحالت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات التقرير النهائي الخاص بمرحلة الطعون الانتخابية لانتخاب رئيس الدولة، إلى اللجنة المشكلة البرلمانية المعنية بمتابعة العملية الانتخابية.

وجرى تشكيل هذه اللجنة من أعضاء مجلس النواب بنص القرار رقم 11 لسنة 2021، كلجنة مؤقتة تتولى مهام متابعة العملية الانتخابية مع المفوضية والمجلس الأعلى للقضاء، ورصد الصعوبات والعراقيل التي تصادف هذه العملية.

ويأتي ذلك، فيما أصبح تأجيل الانتخابات الليبية أمرا واقعا لا مفر منه، وسط عدم استعداد أي من الأطراف الفاعلة في البلاد لإعلان الخطوة رسميا.

وكان عماد السايح أعلن الثلاثاء حل اللجان الانتخابية في مكاتب الإدارة الانتخابية وإنهاء أعمالها، وذلك كمقدمة للإعلان عن توقف مسار الانتخابات في البلاد.

وتعثرت الاستعدادات للانتخابات في ليبيا، بسبب نزاعات قانونية حول أهلية بعض المرشحين الأوفر حظا، وهم سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر وعبدالحميد الدبيبة. كما سيطرت الأجواء المتوترة على الميدان بعد تهديد ميليشيات مسلّحة بمنع الانتخابات، ما أثار مخاوف من إمكانية أن يؤدي إجراؤها إلى ضرب الاستقرار وتهديد عملية السلام في البلاد.

وهدد زعيم ميليشيا "لواء الصمود" صلاح بادي، المدرج على قوائم عقوبات دولية، باستهداف المرشحين للرئاسية فتحي باشاغا وزير الداخلية السابق ونائب المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق، اللذين شاركا في لقاء المرشح خليفة حفتر في بنغازي لبحث خطة ما بعد تأجيل الانتخابات وآليات سد الفراغ السياسي.

واضطرت طائرة المرشحين الرئاسيين، التي تحمل اسم  HMJ 209، وأقلعت من مطار بنينة جنوب بنغازي، إلى تغيير مسارها ومحطة هبوطها، من طرابلس إلى تونس.

ويبدو أن اللقاء أزعج ميليشيات طرابلس التي استثمرت في الفوضى التي تعاني منها البلاد طوال العقد الماضي.

وحذر بادي خلال استعراض مسلح لميليشياته في ‎مصراتة شرقي طرابلس، المرشحين الذين يلتقون بحفتر من أنهم سيدفعون الثمن.

واللقاء الذي عقد الثلاثاء في بنغازي وجمع حفتر بمرشحين من الغرب أبرزهم أحمد معيتيق وفتحي باشاغا، يعد انفراجة غير مسبوقة في مستقبل الحوار بين فرقاء طالما كانوا على طرفي نقيض.

وشهدت المنطقة الغربية، بما في ذلك العاصمة طرابلس، تحشيدا عسكريا مفاجئا أثار مخاوف داخلية وأممية، حيث عبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها من أعمال العنف في العاصمة طرابلس.

ودعت البعثة الأممية جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة التي وصفتها بالدقيقة. وقالت إن العنف في طرابلس يقوض المكاسب الأمنية التي تحققت في البلاد.

وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء قال الدبيبة إن أزمة الحشد العسكري وحالة الاحتقان التي شهدتها العاصمة طرابلس انتهت، بعد تدخل خيّرين.

وأضاف الدبيبة في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع تويتر أن الحياة عادت إلى طبيعتها في العاصمة طرابلس، داعيا إلى عدم الانجرار وراء الحرب، مضيفا "نعم للحياة والأمن والاستقرار، وحرمة الدماء خط أحمر".