"بَكّير عليا".. حملة تهدف إلى وضع حد لزواج الأطفال في لبنان

حملة "بكير عليا" اللبنانية ستعمل إلى توجيه رسائل عبر وسائل الإعلام من خلال بث شريط إعلاني لرفع الوعي حول العواقب السلبية لزواج الأطفال.
الثلاثاء 2018/11/27
براءة الأطفال في انتظار الإنصاف التشريعي
 

تزامنا مع انطلاق حملة الـ16 يوما العالمية من النشاط العالمي لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، تقود منظمة الأمم المتحدة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة في لبنان حملة لإنهاء تزويج الأطفال تحت عنوان “بكير عليا” بهدف زيادة الوعي لدى الناس حول عواقب وآثار هذا الزواج كونه يزيد من احتمال تعرض الفتيات للعنف المنزلي بما في ذلك الإساءة الجسدية، الجنسية والنفسية، وللمطالبة بتبني قانون يتم فيه رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاما.

بيروت- تركز حملة “بكير عليا” على إنهاء زواج الطفلة في لبنان باعتباره يعتبر شكلا من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال الدعوة إلى تبني قانون لرفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 عاما، وتستمر الحملة حتى 10 ديسمبر على كافة وسائل التواصل الاجتماعي، باستخدام وسم #بكير_عليا.

وستعمد الحملة إلى توجيه رسائلها في الموضوع عبر وسائل الإعلام من خلال بث شريط إعلاني على محطات التلفزيون والإذاعات اللبنانية لرفع الوعي حول العواقب السلبية لزواج الأطفال، لا سيما النساء والفتيات، وللمطالبة بإقرار قانون يحدد سن الزواج بـ18 سنة. كما ستعرض رسائل الحملة الرئيسية على اللوحات الإعلانية في بيروت وعدد من المناطق اللبنانية.

وخلال فترة الـ16 يوما نفسها، ستتم إضاءة القصر الجمهوري، مقر الهيئة الوطنية الرئيسي، وقلعة بعلبك باللون البرتقالي تماشيا مع حملة العالم البرتقالي، للإشارة إلى رسالة قوية ضد العنف ضد المرأة وخاصة ضد زواج الأطفال.

وشجّعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بالإنابة برنيل دايلر كاردل المشرعين اللبنانيين على سن القوانين التي من شأنها الحد من زواج الأطفال في لبنان. وقالت “إن هذه الخطوة هامة في مسار إنهاء هذه الممارسة الضارة، وحماية حقوق الأطفال وضمان الرفاهية الشاملة للمجتمع”، مضيفة أن معالجة الأسباب التي تدفع إلى ممارسات مماثلة، مثل الفقر والصعوبات الاقتصادية والحواجز التي تحول دون تأمين التعليم للجميع، ضرورية لإيجاد حلول طويلة الأمد تفتح فرصا للجميع وتتيح لهم الوصول إلى العدالة”.

ويؤثر زواج الأطفال على الفتيات اللبنانيات كما اللاجئات السوريات والفلسطينيات في لبنان. ووفقا لتقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” عام 2016، فإن 6 بالمئة من النساء اللبنانيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 سنة تزوجن في سن الـ18.

ووجدت دراسة أخرى لصندوق الأمم المتحدة للسكان شملت 2400 لاجئة سورية تعيش في البقاع الغربي، أجريت في نفس العام، أن أكثر من ثلث اللواتي شملهن الاستطلاع وتتراوح أعمارهن بين 20 و24 سنة قد تزوجن قبل بلوغهن سن الـ18، وتزوجت حوالي 650 مليون فتاة وامرأة في مرحلة طفولتهن، وما لم يتم تسريع المسار بحلول العام 2030، يمكن أن تصبح 150 مليونا من الفتيات أخريات متزوجات.

ويحول تزويج الأطفال دون وصولهم إلى حقوقهم في السلامة والصحة وصنع القرار والتعليم، كما حقهم في اللعب. ويعرض الفتيات للخطر على الصحة والحياة بسبب الحمل المبكر والعزلة الاجتماعية، والتوقف عن الدراسة، والحد من فرصهن في التقدم الوظيفي والمهني، وزيادة تعرضهن للعنف المنزلي. كما يؤثر زواج الأطفال أيضا على الفتيان، ولكن بدرجة أقل من الفتيات.

وشددت كلودين عون روكز، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، على استمرار القبول بزواج الأطفال لأن القانون اللبناني لا يفرض حدا أدنى لسن الزواج، وذلك دليل على فشل التشريع في مواكبة التغييرات في وضع المرأة والأدوار التي تلعبها في المجتمع.

تزويج الأطفال يحول دون وصولهم إلى حقوقهم، ويعرض الفتيات للخطر بسبب الحمل المبكر والعنف المنزلي

وانعقد الأحد في محافظة بلعلبك لقاء تناول موضوع “حماية الطفلة من التزويج”، بدعوة من رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز بالتعاون مع السلطات المحلية كواحدة من خطوات حملة “بكير عليا”. واختيرت المحافظة لكونها تعتبر صديقة للطفولة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، حيث تنتظم العديد من الفعاليات والمشاريع في إطار دعم حقوق الطفل، ويعد موضوع تزويج الأطفال، ذكورا وإناثا، وجها آخر من انتهاك حقوق الطفولة.

واعتبر المتدخلون في اللقاء أن أحد أبرز أسباب تزويج الأطفال يعود إلى مشاكل التربية والتعليم، إذ بات تدهور وضع المدارس وغياب الفضاءات الترفيهية يقفان وراء حرمان الطفل من الذهاب إلى المدرسة ومن التمتع بطفولته، وبالتالي فإن الأولياء يسمحون لأنفسهم بالتفكير في تزويج بناتهن طالما أنهن خارج المدرسة وهي طريقة للتخلص من عبء مصاريفهن.

وقالت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية “إن المجتمع الذي يسمح بانتهاك حقوق الإنسان ويتيح ممارسة العنف ضد فتياته ونسائه يكون مجتمعا يعيق نفسه بنفسه، يعيق نموه الاقتصادي والاجتماعي والفكري، فالعنف ضد المرأة والفتيات ينجم عن ممارسات موروثة من عصور الفقر والجهل التي كانت تعتبر فيها الفتاة أو المرأة عالة على أسرتها”.

وأضافت عون أنه لوضع حد لهذه الممارسات، لا بد من وضع تشريعات تحول دون حصولها، ولا بد للدولة من اعتماد سياسات اجتماعية واقتصادية تكسر الدائرة المفرغة التي يمثلها استمرار نهج اللامساواة بين الجنسين في إنتاج الفقر والتخلف الفكري والثقافي.

وقالت وفاء الضيقة حمزة، نائبة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة الوزيرة السابقة، “إن التصدي لظاهرة تزويج الأطفال مسؤولية الجميع، وفي مقدمتها الدولة اللبنانية، بمساندة من المجتمع الأهلي”. وتابعت “المرأة يجب أن تكون شريكة وليست فقط لاعبة للدور الذي يريده المجتمع لها. علينا مسؤولية مساندة الفتيات والنساء كي يصبحن متمكنات، قادرات على حماية أنفسهن وتحقيق أحلامهن والتصدي لأي شكل من أشكال العنف، إن بناء العائلة يكون بالاحترام المتبادل الذي يبدأ باحترام الزوجة والشقيقة والأخت والوالدة واحترام خياراتهن، وفي حمل سلاح العلم والمعرفة”.

وعدّ إلغاء زواج الأطفال أمرا بالغ الأهمية لتحقيق المقصد 5.1 ضمن الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة بشأن إنهاء جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات في كل مكان. وتُعتبر حملة “بكير عليا” واحدة من الحملات والفعاليات التي تهدف إلى مناصرة حقوق المرأة في لبنان وأيضا لدعم حقوق الأطفال عبر التوعية بخطورة الزواج المبكر.

21