بيروت تتلقى تقريرا فرنسيا قد يضيء نفق التحقيق بانفجار المرفأ

بيروت (لبنان) - يصل وفد قضائي من باريس الى لبنان الاثنين للقاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت وتسليمه تقريرا فنيا فرنسيا، بعد أشهر على استئناف طارق البيطار تحقيقاته، بحسب ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.
ففي الرابع من أغسطس عام 2020، اهتزت بيروت على وقع انفجار مدمر في مرفئها، خلف أكثر من 200 قتيل، من بينهم ثلاثة مواطنين فرنسيين، وأكثر من 6500 جريح، بالإضافة إلى دمار هائل طال الميناء والأحياء السكنية المحيطة به.
ويتوقع أن يصل القاضيان مساء الاثنين الى بيروت في زيارة لثلاثة أيام، وهما يتوليان "التحقيق الفرنسي في انفجار مرفأ بيروت الذي قتل فيه ثلاثة أشخاص وأصيب العشرات من أبناء الجالية الفرنسية"، بحسب مصدر قضائي لبناني.
وأفاد بأن الوفد سيلتقي البيطار ومسؤولين قضائيين الثلاثاء لتبادل "المعلومات بما يفيد مصلحة التحقيقين ويسرّع وتيرة عملهما".
وأضاف "لكنّ الأهم من ذلك أن البيطار سيتسلّم التقرير الفني الشامل الذي أعدّه خبراء فرنسيون حضروا من باريس في اليوم التالي لوقوع الانفجار... وعملوا لأكثر من أسبوعين على الأرض حيث عاينوا الأضرار ورفعوا العينات وأجروا كشفا ميدانيا".
ويعلق المحققون آمالا كبيرة على هذا التقرير الفرنسي، حيث أكد المصدر القضائي اللبناني أنه "يعوّل عليه للإجابة على الكثير من النقاط التي يحتاجها الملفّ اللبناني"، والتي قد تساعد في فك طلاسم بعض الجوانب الغامضة في القضية.
وبعد مرور ما يقارب الخمس سنوات على الفاجعة، لم يتمكن التحقيق اللبناني من التوصل إلى خلاصات واضحة ومقنعة للرأي العام وأهالي الضحايا.
واستأنف البيطار في 16 يناير إجراءاته القضائية بالادّعاء على عشرة من كبار الموظفين، بينهم سبعة مسؤولين عسكريين وأمنيين، وحدّد مواعيد لاستجوابهم.
ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل العنبر الرقم 12 في المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه.
وتبيّن لاحقا أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة الخطرة ولم يحرّكوا ساكنا.
وكشف المصدر اللبناني في مطلع أبريل أن بيروت تلقت أخيرا طلبات استفسار من ألمانيا وهولندا وأستراليا وهي دول سقط لها ضحايا في الانفجار "لمعرفة آخر مستجدات التحقيق" والمدة التي سيستغرقها وموعد صدور القرار الاتهامي.
وفي السنوات الأخيرة، غرق التحقيق القضائي بشأن الانفجار في متاهات السياسة، إذ قاد حزب الله حينها حملة للمطالبة بتنحّي البيطار، ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت المحقّق العدلي عشرات الدعاوى لكفّ يده.
وجاء استئناف البيطار لعمله مطلع العام بعيد انتخاب جوزيف عون رئيسا وتأليف حكومة برئاسة نواف سلام، على وقع تغيّر موازين القوى السياسية بعدما تراجع نفوذ حزب الله في الداخل إثر مواجهته الاخيرة مع اسرائيل.
وتعهّد رئيسا الجمهورية والحكومة سريعا العمل على تكريس "استقلالية القضاء" ومنع التدخّل في عمله، في بلد تسوده ثقافة الإفلات من العقاب.
وخلال الفترة الماضية، استجوب المحقق العدلي مسؤولين سياسيين وأمنيين سابقين أبرزهم رئيس الحكومة حسان دياب ووزير الداخلية نهاد المشنوق.
ومع وصول التقرير الفني الفرنسي، يأمل أهالي الضحايا والمجتمع اللبناني أن تشكل هذه الخطوة دفعة قوية نحو كشف الحقيقة وتحقيق العدالة في قضية هزت ضمير الوطن والعالم.