بيروت تتسلم أرشيفاً فرنسياً يسهم في تحديد الحدود البرية مع دمشق

الخطوة الفرنسية تعكس رغبة أوروبية في المساهمة باستقرار المنطقة من خلال دعم سيادة لبنان وتعزيز آليات ضبط الحدود.
الخميس 2025/05/08
الحديث عن ترسيم الحدود يأتي في خضم توتر ميداني

بيروت - تسلّم لبنان، يوم الخميس، من فرنسا مجموعة من الوثائق والخرائط التاريخية المتعلقة بحدوده مع سوريا، في خطوة من شأنها أن تدعم جهود ترسيم الحدود البرية بين البلدين.
وتأتي هذه المبادرة الفرنسية في ظل تصاعد التوترات على طول الحدود اللبنانية السورية، حيث تتشابك العوامل الأمنية والسياسية والجغرافية، ما يزيد من تعقيد الوضع. ويُنظر إلى هذه الوثائق، المستخرجة من الأرشيف الفرنسي، كمؤشر على اهتمام دولي متجدد بالمساعدة في حل النزاعات الحدودية العالقة بين بيروت ودمشق، والتي طالما كانت موضع خلاف منذ عقود. كما تعكس الخطوة الفرنسية رغبة أوروبية في المساهمة باستقرار المنطقة من خلال دعم سيادة لبنان وتعزيز آليات ضبط الحدود، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بتكثيف التنسيق الرسمي للحد من الانتهاكات ومعالجة الثغرات التي تستغلها جهات غير حكومية على جانبي الحدود.
وقالت الخارجية اللبنانية في بيان الخميس، إن الوزير يوسف رجّي "استقبل سفير فرنسا لدى لبنان هيرفيه ماغرو الذي سلّمه نسخة من وثائق وخرائط الأرشيف الفرنسي الخاص بالحدود اللبنانية-السورية".
وأوضحت أن ذلك جاء "بناء على طلب لبنان والوعد الذي قطعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون خلال زيارته الأخيرة إلى باريس" مشيرة إلى أن "تزويد لبنان بهذه الوثائق والخرائط سيساعده في عملية ترسيم حدوده البريّة مع سوريا".

ومنذ استقلال لبنان وسوريا عن الانتداب الفرنسي (1920-1946)، ظل ترسيم الحدود بين البلدين ملفا مؤرقا للطرفين وتنتج عنه من حين لآخر توترات دبلوماسية واشتباكات مسلحة، فضلا عن مشاكل التهريب بين الجانبين.
وإبان الانتداب عمدت فرنسا إلى تقسيم مناطق البلدين وفقا لسياساتها الاستعمارية راسمة ما أسمته آنذاك "دولة لبنان الكبير (1920)" وسوريا، ما أدى إلى تداخل الحدود ونشوب الخلافات التي لم تفلح لجان مشتركة من الجانبين في وضع حلول لها.
وتأمل بيروت أن تسهم الوثائق والخرائط الفرنسية في مساعدة لبنان وسوريا على ترسيم حدودهما وإنهاء عقود من الخلافات مع دمشق.
وتتكون الحدود اللبنانية السورية من جبال وأودية وسهول دون علامات أو إشارات تدل على الحد الفاصل بين البلدين، اللذين يرتبطان بـ6 معابر حدودية برية على طول نحو 375 كلم.
وتُعد منطقة مزارع شبعا من أبرز المناطق المتنازع عليها بين سوريا ولبنان، حيث بقيت تحت سيطرة إسرائيل التي انسحبت من جنوب لبنان عام 2000، باعتبارها أراض سورية، بينما تصر بيروت على أنها أراضٍ لبنانية.
كما تسجل خلافات على مناطق مثل القموعة، والعديسة، ومناطق في بعلبك الهرمل شرق لبنان، بسبب عدم وضوح المعالم الحدودية.
وفي 28 مارس الماضي، أعلنت وكالة الأنباء السعودية "واس" توقيع وزيري الدفاع اللبناني ميشال منسى والسوري مرهف أبو قصرة اتفاقًا في جدة بشأن ترسيم الحدود وتعزيز التنسيق الأمني، بعد اشتباكات عنيفة وقعت مطلع الشهر ذاته بين الجيش السوري ومجموعات مرتبطة بـ"حزب الله" على الحدود.
والاتفاق الذي لا يمثل ترسيما مباشرا للحدود، يُعد خطوة تمهيدية، بتوافق الطرفين على تشكيل لجان قانونية وفنية مشتركة وتفعيل آليات التنسيق لمواجهة التهديدات الأمنية.
وبعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024 وتولي أحمد الشرع رئاسة سوريا، تبدل المشهد السياسي بالمنطقة، لا سيما في ما يخص علاقة دمشق بدول الجوار ومحيطها العربي، وعلى رأسها لبنان التي لطالما اتسمت علاقاتهما بالتعقيد إبان حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.