بيرغر ماكدونالدز ألذ من الوجبات "الشيوعية" في روسيا

تناول وجبة أو فنجانا من القهوة في مطاعم ماكدونالدز أصبح جزءا من الحياة اليومية في روسيا وهو اتجاه يثير غضب الكثير من السياسيين الروس.
الثلاثاء 2020/03/03
من عادات الشباب الروس

موسكو- هذه الشطائر لا تحمل المذاق الأصلي لمنتجات ماكدونالدز، حتى لو كانت البطاطس المقلية والبيرغر التي تقدم للزبائن تبدو شبيهة بها، وهذا المطعم الذي يبيعها، ويبعد عن مقر الكرملين والساحة الحمراء بموسكو مسافة تستغرق بضع دقائق سيرا على الأقدام، كان الأول من نوعه في روسيا.

وكان افتتاح المطعم في 31 يناير عام 1990 بمثابة علامة مبكرة على أن روسيا بدأت في الاتجاه نحو الرأسمالية والغرب، واليوم لا يزال يرتاد هذا المطعم الآلاف من الزبائن يوميا. وكان مطعم ماكدونالدز أحد أول الشركات الأجنبية التي تفتتح متجرا لها في روسيا قبل انهيار الاتحاد السوفييتي بوقت قصير، ومنذ ذلك الحين أصبح المطعم رائدا في سوق الأطعمة ومع ذلك لا يشعر الجميع بالرضا إزاء هذا التطور.

ويتذكر قنسطنطين، وهو أحد سكان موسكو، أن افتتاح المطعم كان حدثا بهيجا وسط أجواء العاصمة الروسية القاتمة، حيث احتشد نحو 30 ألف شخص في ميدان بوشكين انتظارا لافتتاحه بينما ظل بعضهم واقفا في طابور لمدة خمس ساعات من أجل تذوق شطيرة بيرغر، وكان قنسطنطين واحدا منهم.

يقول “كنا نشعر في تلك اللحظة بأن رياح التغيير قادمة في الأفق، وأيضا في عقول سكان موسكو”.

حوالى 1.7 مليون زبون يرتادون يوميا سلسلة ماكدونالدز التي تضم 700 مطعم في روسيا
حوالى 1.7 مليون زبون يرتادون يوميا سلسلة ماكدونالدز التي تضم 700 مطعم في روسيا

وفي أول قضمة من البيرغر كان في وسع سكان موسكو تذوق وفاء الرئيس السوفييتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف بوعوده بفتح نافذة من الحرية والرأسمالية على بلاده.
وفي هذا الصدد يقول مارك كارينا مدير مطاعم ماكدونالدز في روسيا إن “كثيرا من الناس يرون المطاعم كرمز للغرب والتغيير”، ويضيف أنه لهذا السبب لا يزال يوجد ارتباط عاطفي بسلسلة مطاعم ماكدونالدز للوجبات السريعة.

وبات تناول وجبة أو فنجانا من القهوة في مطاعم ماكدونالدز جزءا من الحياة اليومية في روسيا، فيبلغ عدد مرتادي متاجر السلسلة التي يبلغ عددها 700 مطعم في روسيا، حوالي 1.7 مليون زبون يوميا، وليس بإمكان أي متجر آخر للأطعمة السريعة سواء كان روسيا أو أجنبيا أن ينافسها.

وعندما يقرر الروس تناول الطعام خارج منازلهم، يختار واحد من كل خمسة ارتياد مطاعم ماكدونالدز، وفقا لما يقوله كارينا الذي يحمل الجنسية السويسرية ويدير عمليات السلسلة في روسيا منذ 2018.

وينفق المواطن الروسي 800 روبل فقط في المتوسط شهريا على تناول الطعام في الخارج وفقا لمكتب الإحصائيات الوطني، ولكن هذا المبلغ يمكن أن يشتري عدة وجبات من مطاعم ماكدونالدز، وهذا سبب رئيسي آخر لازدهار أعمال هذه السلسلة في روسيا على حد قول صحيفة “فيدوموستي”.

ويتم افتتاح العشرات من المطاعم الجديدة لماكدونالدز كل عام في روسيا، وتم افتتاح 54 مطعما العام الماضي، ومن المقرر افتتاح عدة مطاعم جديدة خلال 2020، وفقا لما يقوله كارينا.

ومنذ بداية نشاط مطاعم ماكدونالدز، كان يتم الحصول على المواد الخام اللازمة لإعداد الأطعمة من جهات محلية، وهو اتجاه لا يزال مستمرا حتى اليوم.

ويمكن القول إن شطيرة “بيغ ماك” أصبحت طبقا وطنيا، غير أن هذا الاتجاه يغضب كثيرا من السياسيين الروس، وتتزايد المعارضة لصعود أطعمة ماكدونالدز في الأسواق خاصة منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم ورد الغرب على ذلك بفرض عقوبات على روسيا.

وأغلقت ماكدونالدز فروعها الأوكرانية في القرم، وفي ذلك الحين تقريبا تمت إقامة دعوى قضائية ضدها بزعم أنها خالفت قواعد الصحة العامة، وتم إجبارها على إغلاق بعض منافذها في موسكو بشكل مؤقت، وترددت شائعات وقتذاك بأن ثمة مؤامرة تحاك ضدها.

وأشارت دراسة ميدانية حكومية أجريت عام 2014 إلى أن ثلثي الروس يحبذون إغلاق كل منافذ بيع أطعمة ماكدونالدز.

وحتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال ذات مرة “لدينا أطعمة روسية رائعة، وعلينا أن ننتجها ونطرحها في الأسواق على نطاق واسع، على أن نقوم بذلك بشكل أفضل من المنافسين من أمثال ماكدونالدز”.

ارتباط عاطفي
ارتباط عاطفي

ومع ذلك فليس من المرجح أن يتحقق هذا الاتجاه المضاد لماكدونالدز في روسيا حتى في أوقات الأزمات السياسية، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه يعمل بها 60 ألف عامل وبذلك تصبح إحدى أكبر الشركات التي توفر فرص عمل للروس، كما تقول النسخة الروسية من مجلة فوربس إن ماكدونالدز من أفضل الشركات في ما يتعلق بالشروط والمزايا الاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك تتواصل الزيادة في المبيعات وأعداد الزبائن على الرغم من كل الظروف.

وأدخلت ماكدونالدز في قائمة مبيعاتها بعض الأطعمة الروسية مثل “البيرغر على الطريقة الروسية” المصنوع المجهز بخبز الغاودار ، لكن هذا لا يكفي كما يقول أحد السياسيين المحليين، فهو يريد إطلاق أسماء روسية على كل منتجات ماكدونالدز.

20