بيترهانسل فخور بإنجازه في رالي دكار

عزز الفرنسي المخضرم ستيفان بيترهانسل رقمه القياسي العالمي، عندما فاز بلقب رالي دكار للمرة الرابعة عشرة خلال مسيرته، في السعودية، محققا فوزه الثامن بلقب السباق في فئة السيارات. وكان بيترهانسل، الملقب باسم “السيد دكار” نظرا لكثرة انتصاراته في السباق، فاز به للمرة الأولى في 1991 على متن دراجة نارية. وتوج الأرجنتيني كيفن بنابيدس سائق هوندا بلقب الدراجات النارية في نهاية المرحلة 12 والأخيرة في مدينة جدة. وكان السباق الشهير انطلق في 1978 بين العاصمة الفرنسية ودكار عاصمة السنغال، لكنه خرج من القارة السمراء لأسباب أمنية في 2009.
جدة - أبدى الفرنسي ستيفان بيترهانسل، عقب تتويجه بالنسخة الـ43 من رالي دكار المقام بالسعودية في فئة السيارات، سعادته بالفوز بالرالي الـ14 في مشواره تزامنا مع مرور 30 عاما على أول انتصار له في الرالي، والذي كان عام 1991 في فئة الدراجات النارية. وقال السائق الملقب بـ”مسيو دكار” إنه يعد “الوحيد الذي فاز في القارات الثلاث” التي استضافت الرالي. وأشار بيترهانسل إلى أن “الضغط في المنافسة لا زال قويا” كحال النسخ السابقة، مضيفا “كل سباق صعب، ودائما يجب تقديم أقصى جهد وامتلاك سيارة جيدة وفريق جيد”.
ويعد هذا اللقب الثامن لهانسل في فئة السيارات، وأحرزه بفارق 13 دقيقة و51 ثانية على القطري ناصر العطية الوصيف. وفاز بالمرحلة الـ12 والأخيرة بالرالي، الإسباني كارلوس ساينز زميل هانسل في الفريق، بينما جاء السائق الفرنسي بالمركز الثالث خلف العطية صاحب المرتبة الثانية. وظفر هانسل (55 عاما) والملقّب بـ”السيد دكار” لهيمنته على الرالي الذي أقيم للعام الثاني على التوالي في السعودية، باللقب الثامن له عن فئة السيارات إلى جانب ستة تتويجات سابقة في فئة الدراجات النارية.
في القارات الثلاث
قال هانسل “دائما ما يكون هناك ضغط كبير. لا يزال الفوز بكل سباق صعبا جدا. عليك حقا بذل كل ما في وسعك، وأن تكون متكاملا، ولديك فريق جيد وسيارة جيدة، ومساعد سائق ممتاز. ولكن على الرغم من ذلك تكون هناك أخطاء يمكن ارتكابها بسرعة كبيرة، لذا كان الفوز باللقب للمرة الرابعة عشرة مهما”. وأضاف “ثلاثون عاما تفصل بين الانتصار الأول وهذا الانتصار… أعتقد أنني الوحيد الذي فاز في القارات الثلاث. أفريقيا وأميركا الجنوبية وآسيا (المملكة العربية السعودية)… نحن أيضا متميزون”.
وانطلق رالي دكار الذي أبصر النور عام 1978 بمبادرة من تييري سابين، للمرة الأخيرة من باريس عام 2001 قبل أن يغادر أوروبا وأفريقيا ليستقر في أميركا الجنوبية لمدة عشر سنوات. منذ عام 2020 ولمدة خمس سنوات على الأقل، اختار منظمو الرالي السعودية ومناظرها الصحراوية الخلابة مسرحا لاحتضان منافساته. وأنهى هانسل مراحل الرالي في الصدارة بزمن 44 ساعة و27 دقيقة و11 ثانية، متفوقا بفارق 14 دقيقة و51 ثانية على السائق القطري ناصر العطية (تويوتا) المتوج باللقب ثلاث مرات (2011 و2015 و2019)، وبفارق ساعة ودقيقة و57 ثانية على زميله في ميني الإسباني كارلوس ساينز حامل اللقب ثلاث مرات أيضا آخرها العام الماضي.
وفاز ساينز بالمرحلة الثانية عشرة بين ينبع وجدة (452 كيلومترا بينها 225 مرحلة خاصة) بزمن ساعتين و17 دقيقة و33 ثانية بفارق دقيقتين و13 ثانية عن العطية ودقيقتين و53 ثانية عن هانسل.
الموسم المقبل
قال العطية في ختام السباق “كان طموحنا المركز الأول، لكنني العربي الوحيد الذي ينافس هذه الفرق الكبيرة (…) رأينا الفرق بين سيارات الباغي والرباعية الدفع. لكننا نتطلع إلى التوفيق في الموسم المقبل”. ورفع عدد انتصاراته في مراحل دكار إلى 41 على بعد 9 مراحل من صاحب الرقم القياسي الفنلندي الأسطوري آري فاتانن. وقال القطري إن “العام المقبل سيكون هناك تحطيم للأرقام. سبق وأحرزت المركز الثاني ست مرات، وناصر العطية اسم صعب في الصحراء”.
عندما حقق بيترهانسل فوزه الأول حين كان في الخامسة والعشرين من عمره، كان يقود دراجة نارية تحت ألوان ياماها، ولم يكن يعرف حينها أن مصيره سيكون مرتبطا إلى الأبد بمنافسة كانت قد خطرت في بال تييري سابين قبل 13 عاما. وظفر هانسل بألقاب دكار عام 1991، 1992، 1993، ثم 1995 و1997 و1998، ليسجل رقما قياسيا في فئة الدراجات النارية التي تعد “السباق الأصعب في العالم”. وشارك الفرنسي بأول سباق له في دكار باريس عن فئة السيارات عام 1990 مع نيسان، ثم في العام التالي مع شركة ميغا الفرنسية الصغيرة وحصل على المركز الثاني.
وخلال العام 2002، انضم إلى فريق ميتسوبيشي، وفاز عام 2003 برالي تونس ورالي دبي. وجاء الانتصار الأول في دكار، أشهر رالي للسيارات، عام 2004 مع ميتسوبيشي، قبل أن يجدد فوزه فيه عامي 2005 و2007. كان ذلك قبل دخوله التاريخ بانتصارات جديدة في 2012 و2013 (مع ميني)، ثم 2016 و2017 مع بيجو، قبل أن يحقق لقبه الأخير عام 2021 مع ميني مرة أخرى.
لقب الدراجات
توج الأرجنتيني كيفين بينافيديس (هوندا) بلقب فئة الدراجات النارية، في ختام المرحلة الثانية عشرة الأخيرة بين ينبع وجدة التي أحرزها الأميركي ريكي برابيك (هوندا) حامل لقب 2020. وفي الترتيب العام، تفوق بينافيديس على برابيك بـ4:56 دقائق و15:57 على البريطاني سام سندرلاند (كيه.تي.أم) الذي أحرز المرحلة ما قبل الأخيرة.
ومع إحراز سندرلاند مرحلة الخميس، ترك الباب مفتوحا أمام أي شيء، إذ كان الفرق بين الثلاثة الأوائل (بينافيديس، سندرلاند وبرابيك) أقل من عشر دقائق. وكان بإمكان سندرلاند (31 عاما) الذي يشارك للمرة الثامنة في دكار، استغلال مغامرات سائقي هوندا، على غرار نفاد الوقود لخوان باريدا وفشل التزود به، أو الخطأ الملاحي لبرابيك. لكن المرحلة الأخيرة كانت قاتلة لسندرلاند، إذ أنهى بينافيديس السباق ثانيا بفارق دقيقتين و17 ثانية عن برابيك، وأمام النمسوي ماتياس فالكنر (كيه.تي.أم) ثالثا بفارق 4:13 دقائق.
وأكد بينابيديس (هوندا) عقب تتويجه، أن هذه النسخة كانت الأكثر صعوبة بين مشاركاته الخمس في الرالي. وقال “هذه النسخة مذهلة. تغيرت كثيرا على مدار الأيام. أنا سعيد للغاية بهذا الفوز. كان بالنسبة لي أصعب دكار حتى الآن”. وأضاف “أنا سعيد أيضا كوني أول أميركي جنوبي يفوز بدكار ويدخل التاريخ”.
منذ عام 2020 ولمدة خمس سنوات على الأقل، اختار منظمو الرالي السعودية ومناظرها الصحراوية الخلابة مسرحا لاحتضان منافساته
وأشار السائق الأرجنتيني إلى أنه حتى في المرحلة الأخيرة وصل إلى آخر كيلومتر في أجواء متوترة وبأعلى سرعة ممكنة. وتعد هذه المرة الأولى التي يحتل فيها فريق (هوندا) المركزين الأول والثاني في دكار، بعدما كان الفرنسي سيريل نيفو قد فاز باللقب في عام 1987، وحل زميله الإيطالي إدي أوريولي وصيفا، وحل البريطاني سام سندرلاند (كيه.تي.أم) في المركز الثالث بالترتيب العام.
من جهة أخرى، توفي سائق الدراجات الفرنسي بيار شيربان خلال نقله إلى فرنسا، متأثرا بالإصابة التي تعرّض لها في رأسه جراء سقوطه خلال المرحلة السابعة من الرالي، بحسب ما أعلن المنظمون في بيان. وأوضح البيان أنه “أثناء نقله بالطائرة الطبية من جدة إلى فرنسا توفي (رجل الأعمال البالغ من العمر 52 عاما) متأثرا بجروحه إثر سقوطه خلال المرحلة السابعة حائل-سكاكا في العاشر من يناير”.
وهذه هي الوفاة الوحيدة في النسخة الحالية. ففي العام الماضي، توفي البرتغالي باولو غونسالفيس خلال المرحلة السابعة أيضا بين الرياض ووادي الدواسر في السعودية. وكانت هذه المشاركة الرابعة لشيربان (2009، 2012، 2015، 2021). وبعد سقوطه “هرع إليه المسعفون الذين تم إرسالهم إلى مكان الحادث بواسطة مروحية، ووجدوه فاقدا للوعي”، وأضاف البيان أنه “نُقل إلى مستشفى سكاكا، وأظهر فحصه الطبي إصابة خطيرة في الرأس مع فقدان الوعي”.
وتابع المنظمون أن شيربان “خضع لعملية جراحية للأعصاب بشكل عاجل، وكان منذ ذلك الحين في غيبوبة اصطناعية، وظلت حالته مستقرة خلال الأيام القليلة الماضية. تم نقله على متن طائرة طبية من سكاكا إلى المستشفى في جدة، ثم إلى فرنسا حيث كان يفترض أن يدخل إلى مستشفى ليل”. وحسب تعليقات واردة في البيان، فقد تم التعريف عن شيربان على أنه “هاو”. وكان السائق الراحل قد قال سابقا “لم أذهب إلى هناك للفوز، ولكن لاكتشاف المناظر الطبيعية التي لم تتح لي الفرصة أبدا لرؤيتها. كل شيء مبهج، ركوب دراجة نارية للسباق، أن تعيش شغفك، وأن تتعرف على نفسك”.
مسار مختلف
شهد رالي دكار السعودية 2021 مسارا مختلفا بالكامل عن المسار الذي كان في النسخة الماضية من السباق، الذي استضافته السعودية في يناير 2020 للمرة الأولى، وتجاوزت مسافة المسار لهذا العام حاجز 7600 كيلومتر مرورا بالعديد من المدن السعودية، التي شهدت تنوعا في التضاريس لتشكل مراحل مختلفة تتماشى مع طبيعة الرالي الأشرس عالميا.
وتحظى الرياضات بشكل عام باهتمام كبير في السعودية، حيث كانت الرياضة أحد الأعمدة التي بنيت عليها “رؤية 2030″، وأصبحت المملكة عاصمة للرياضة العالمية بمختلف ألعابها، حيث أصبح لدينا تطور كبير في الرياضة ونجاح متواصل في استضافة أكبر الفعاليات والأحداث الرياضية لم يكن ليتحقق إلا بدعم كامل، حتى أصبحت المملكة واجهة مميزة للأحداث العالمية.
أكد وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، أن المملكة نجحت في صناعة التاريخ عندما استضافت النسخة الماضية لرالي دكار للمرة الأولى في قارة آسيا. وأضاف “النسخة الأولى لرالي دكار السعودية العام الماضي، أظهرت طبيعة بلادنا الجميلة بمناظرها الخلابة وصحرائها الشاسعة ومعالمها التاريخية، في تجربة سباق لم يكن لها مثيل، وهذه النسخة الجديدة ستكون نسخة مختلفة بكل أشكالها وفريدة من نوعها وبمسار مغاير، ليعيش المتسابقون والمشاهدون تجربة جديدة لن تُنسى”.
حلم آسيوي تحول إلى حقيقة، عقود من الزمن ورالي دكار يجوب عددا من قارات العالم ولكنه لم يمر عبر الطريق الآسيوي، إلى حين أن قررت المملكة استضافة الرالي ليضع بصمته الأولى في القارة الصفراء، ومنذ أن أعلنت السعودية عن استضافتها للرالي الأشهر عالميا، والشاشات العملاقة في عدد من المدن العالمية تروي قصة المملكة عبر التاريخ، وتستعرض لقطات لها، أكثر من 50 دولة تشارك بفرق في رالي دكار.
وتستمر منافسات رالي دكار في المملكة لمدة 10 سنوات قادمة، وذلك بعد أن وقع وزير الرياضة شراكة مع رالي دكار ابتداء من عام 2020، لتكتب السعودية ورالي دكار فصلا جديدا من الإنجازات في عالم رياضة السباقات، لتتجه أنظار العالم صوب صحراء السعودية لتلاقي أشرس سباقات الرالي مع أكثر الرؤى طموحا رؤية 2030 ليكتبا معا تعريفا جديدا للمغامرة، وكان مدير عام الشركة المنظمة لرالي دكار، قد أكد أن الرالي سيستفيد من الإمكانات غير المحدودة لتضاريس السعودية خلال هذه الفترة، ومن المساحات الشاسعة للصحراء والكثبان الرملية الساحرة والسواحل البكر والأودية المذهلة.