بوينغ المتعثرة ضحية أخرى تدفع ثمن الحرب التجارية

بكين تقرر وقف شراء المعدات وقطع الغيار المتعلقة بالطائرات من الشركات الأميركية.
السبت 2025/04/19
مسار مجهول

شنغهاي (الصين) - أظهرت بيانات تتبع الرحلات الجمعة أن طائرة لبوينغ وصلت إلى مصنع بالقرب من شنغهاي الشهر الماضي، عادت إلى الولايات المتحدة، في إشارة إلى أن شركة طيران صينية واحدة على الأقل أوقفت عمليات التسليم بسبب الرسوم الأميركية.

وكانت تقارير قد أفادت هذا الأسبوع بأن الشركة الأميركية تواجه حظرا صينيا على وارداتها، في إطار مواجهة متصاعدة بشأن الرسوم العالمية “المتبادلة” التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، رغم أن مصادر قالت إن “وضع القواعد لا يزال غير واضح.”

وفي إشارة إلى أن بوينغ كانت تستعد لاستئناف أعمالها بشكل طبيعي قبل أسابيع فقط من إعلان ترامب عن الرسوم مطلع أبريل، أظهرت بيانات التتبع وجود 4 طائرات جديدة على الأقل من طراز 737 ماكس في مركز لإتمام التصنيع والتسليم في تشوشان.

وتقوم الشركة الأميركية هناك بتركيب التصميمات الداخلية والطلاء قبل تسليم الطائرات للزبائن في الصين. ووفقا لموقع فلايت ترادار، وصلت ثلاث طائرات بوينغ من سياتل في مارس، ووصلت واحدة الأسبوع الماضي.

وصباح الجمعة، غادرت إحدى تلك الطائرات تشوشان متوجهة إلى غوام، إحدى محطات توقف هذه الرحلات أثناء عبورها المحيط الهادئ قبل الوصول إلى سياتل، مما يشير إلى أنها كانت في رحلة العودة، وفقا لبيانات التتبع.

رغم أن الشركة لم تتبع أيرباص في تجميع الطائرات الكاملة في الصين، لكن هدفها المنافسة في أحد أكبر أسواق العالم

وأظهرت الصور المنشورة على مواقع رصد الطائرات في فبراير أن الطائرة كانت مزينة بشعار شركة طيران شيامن، المملوكة في الغالب لشركة طيران جنوب الصين. وقال أحد المصادر إن “من المتوقع تسليم الطائرة إلى شيامن.”

وفي عام 2024، رُصدت هذه الطائرة في الولايات المتحدة بشعار شركة طيران شاندونغ، وفي 2018 بشعار طيران الصين، وفقا لصور أخرى.

وأفادت صحيفة “ذا إير كارنت” المتخصصة في الطيران الخميس بأن أول طائرة من أصل 4 وصلت مؤخرا قد وُضعت عليها علامة لاستدعائها إلى الولايات المتحدة دون تسليمها.

ومن المرجع أن تؤثر خطوة كهذه على عملاق الصناعة الأميركية والذي يعاني أصلا من تبعات سلسلة من المشكلات منذ الوباء وإلى غاية أزمة طراز 737 ماكس.

وفي أواخر يناير الماضي، أعلنت الشركة عن خسائر صافية بلغت 11.82 مليار دولار خلال عام 2024، بعدما عانت من مشكلات في جودة الإنتاج وإضراب مطوّل للعاملين.

وقال كيلي أورتبرغ الذي يتولّى زمام الشركة منذ الصيف الماضي في رسالة موجّهة إلى الموظفين حينها “رغم الصعوبات التي شهدناها، نلحظ مؤشرات مشجعة على التقدم فيما نعمل على هيكلة المجموعة”.

وسبق أن تعطلت عمليات تسليم بوينغ إلى الصين في أوقات التوتر بين واشنطن وبكين. ففي يناير الماضي، استؤنفت عمليات تسليم طائرات ماكس بعد توقف دام قرابة خمس سنوات.

وافتتحت بيونغ مصنعها جنوب شرق شنغهاي عام 2018 في ظل جولة سابقة من التوترات التجارية خلال رئاسة ترامب الأولى.

ورغم أن الشركة الأميركية لم تحذُ حذو أيرباص في تجميع الطائرات الكاملة في الصين، لكن المحللين يرون أن الهدف هو بناء ريادة في أحد أكبر أسواق السفر الجوي في العالم.

وأفادت مصادر في قطاعي الطيران والفضاء بأنه لا يوجد تأكيد على حظر رسمي على تسليمات بوينغ، وهو ما أوردته وكالة بلومبيرغ هذا الأسبوع، إلا أن فرض الرسوم سيُعيق الواردات فعليا حاليا.

وذكرت بلومبيرغ أن بكين طلبت أيضا من شركات الطيران المحلية وقف شراء المعدات وقطع الغيار المتعلقة بالطائرات من الشركات الأميركية.

وقال مصدر كبير في القطاع لرويترز إن “بوينغ والموردين يخططون على أساس أنهم لن يُسلّموا طائرات إلى الصين في الوقت الحالي.”

ومع ذلك، أكد مصدران في القطاع الأميركي أنهما لم يتلقيا أي تعليمات واضحة بعدم شحن قطع الغيار إلى الصين. وصرح مصدر منفصل، يدير ورشة صيانة وإصلاح للطائرات في الصين، بأنهم لم يواجهوا أي مشاكل في استيراد قطع الغيار الأميركية.

بيانات التتبع تظهر وجود 4 طائرات جديدة على الأقل من طراز 737 ماكس في مركز لإتمام التصنيع والتسليم في تشوشان

وتُعدّ تشوشان أحدث نقطة انطلاق في الحرب التجارية المتصاعدة التي تقودها الولايات المتحدة. ويُراجع صانعو الطائرات وشركات الطيران والموردون العقود بعد أن أفادت رويترز بأن المورد الأميركي هاوميت إيروسبيس أثار جدلا حول كلفة الرسوم بإعلانه “حالة قوة قاهرة”.

وقد يؤدي الارتباك بشأن تغيير الرسوم إلى تعليق تسليم العديد من الطائرات، حيث يقول بعض الرؤساء التنفيذيين لشركات الطيران إنهم سيؤجلون تسليم الطائرات بدلا من دفع الرسوم.

وكانت بوينغ ترسل ربع شحناتها إلى الصين في السابق، لكن هذه النسبة آخذة في الانخفاض بعد التوترات التجارية السابقة، وأزمة سلامة طائرة 737 ماكس، وتأثير الجائحة.

ويقول محللون إن التوقف المؤقت في تسليم الطائرات إلى الصين لن يكون له تأثير كبير فوري على بوينغ، إذ يمكنها خدمة شركات طيران أخرى، ولأن أيرباص تفتقر إلى الطاقة الاستيعابية الاحتياطية.

وعلى المدى البعيد لا تزال الصين سوقا إستراتيجية. وتقول بوينغ إن البلد سيضاعف أسطولها بأكثر من الضعف بحلول عام 2043، ومن المتوقع أن تتفوق على الولايات المتحدة من حيث حركة النقل الجوي.

وتُظهر بيانات بوينغ وجود 130 طلبا غير منفذ لشركات طيران ومؤجّرين صينيين، بما في ذلك 96 طلبا لطائرات 737 ماكس. وتقول مصادر في قطاع الطيران إن جزءا كبيرا من أكثر من 760 طلبا غير مُنفذ، والتي لم تُسمّ بوينغ مُشتريا لها بعد، موجّها للصين.

وصرح ستيوارت هاتشر، كبير الاقتصاديين في رابطة شركات الطيران الدولية، بأن شركات الطيران الصينية تستأجر 55 في المئة من طائراتها، ومن “المرجّح جدا” أن تحاول تمديد أي عقود إيجار منتهية الصلاحية حاليا.

11