"بوستيشة" مسرحية تجمع العشرات من الممثلين لمواجهة العنف والكراهية

200 فنان مسرحي جزائري يجتمعون في مسرحية "المشكلة البسيطة" لأهداف خيرية حيث سيذهب ريعها لصالح مرضى السرطان.
السبت 2022/01/15
المسرح في خدمة القضايا الوطنية

الجزائر – شهدت الساحة الفنية الجزائرية في الأيام القليلة الماضية عرضا لعمل مسرحي تحت عنوان “بوستيشة” على خشبة المسرح الوطني محي الدين بشطارزي بالعاصمة.

وأطلق المخرج أحمد رزاق هذا العمل منذ بضعة أشهر من أجل خلق دينامية مع مجمل ممارسي الفن الرابع على الصعيد الوطني، إذ عرفت هذه المسرحية مشاركة نحو 200 فنان مسرحي جزائري لأهداف خيرية حيث سيذهب ريعها لصالح مرضى السرطان.

وتفيد أرقام رسمية بأن الجزائر تسجل سنويا أكثر من 50 ألف حالة إصابة بمرض السرطان، منها حوالي 1500 إصابة لدى الأطفال وذلك بمعدل 112 حالة لكل 100 ألف نسمة.

ويقول القائمون على هذا العمل المسرحي إنه يندرج ضمن ترسيخ القيم الإنسانية من بينها التضامن والتكافل بين مختلف شرائح وفئات المجتمع، والتأسيس لوعي مواطني ونشر ثقافة العمل التطوعي ودعمه وتشجيعه.

ويتكون الطاقم الفني للمسرحية من فنانين من أجيال مختلفة منهم نحو ثلاثون راقصا والعشرات من الموسيقيين وخمسة مخرجين إلى جانب كتاب سيناريو، عدا عن 70 ممثلا قدموا من مختلف محافظات الجزائر.

وقدمت المسرحية لمدة ثلاثة أيام متتالية بدأت في الثامن من يناير الجاري بالتزامن مع مناسبة إحياء الذكرى الثامنة والخمسين لتأميم المسرح الوطني الجزائري.

و”بوستيشة” وهي كلمة جزائرية محلية تعني “المشكلة البسيطة” بلهجة سكان العاصمة.

وتحكي المسرحية قصة سكان حي شعبي يستيقظون على خبر تعرض المصباح الوحيد الذي ظل ينير الحي إلى التخريب من طرف أحد المجهولين، ثم تتقاطع مشاكل بسيطة يواجهها سكان الحي مع الكثير من القصص الطريفة.

ويعرف النزاع بعد ذلك تشعبات خطيرة ليمر من مجرد سوء تفاهم بين جيران إلى نزاع بين الأحياء ثم إلى خلاف بين المدن.

وتقدم المسرحية التي ترتكز أساسا على البعد الإنساني مستويات قراءة عديدة، حسب مخرج العمل الذي أكد على رمزية “المصباح المحطم” الذي يشير إلى غياب الأفكار والتفكير مما يؤدي حتما إلى “جميع أشكال الظلامية”.

وقال رزاق إن فكرة إنجاز هذا العمل المسرحي بدأت بتوجيه نداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الممثلين الجزائريين للعمل معاً من أجل تقديم مسرحية تمزج بين الكوميديا والرؤية النقدية للواقع الاجتماعي والسياسي في الجزائر.

ووصف المخرج المسرحية بـ”التجربة” لاسيما وأنه يقود عدة جبهات بين إدارة التدريبات وعقد الاجتماعات وورشات المسرحية ومشاهدة التحضيرات التقنية والفنية التي تتم يوميا بالمسرح الوطني والمسرح الجهوي بمستغانم.

واعتاد رزاق على تقديم هذا النمط في أعماله المسرحية، وهو ما أكسبه شعبية كبيرة، خاصة عندما قام بإخراج أول مسرحية له بعنوان “طرشاقة” عام 2016، وفازت بالجائزة الكبرى في “المهرجان الوطني للمسرح المحترف” في العام نفسه.

وعام 2017 قدم رزاق مسرحية “كشرودة” ثم مسرحية “خاطيني” عام 2020 بأسلوبه الساخر الذي يتناول العديد من القضايا السياسية والاجتماعية، مستلهماً روح النكتة من قصص الطبقة الوسطى والفقيرة في المجتمع، وهو يحرص أيضا على استغلال مساحة الحرية المتاحة له.

وقال “آخر عرض قدمته كان ‘خاطيني’ وهو عمل أكثر جرأة وقد أنتج من طرف الدولة، لهذا أستطيع القول إنه لا يوجد في الجزائر رقابة فوق الخشبة، وما هو موجود من عراقيل يتعلق بأمور شخصية وتخوف بعض المسؤولين من الرسائل السياسية التي قد يحملها هذا العرض أو ذاك فيسعون لعرقلة إنجاز العمل”.

15