بوركينا فاسو تجنّد المدنيين للمساعدة في محاربة الجهاديين

واغادوغو - أطلقت السلطات في بوركينا فاسو هذا الأسبوع حملة لتجنيد 50 ألف متطوع لمساعدة الجيش في محاربة الجهاديين، فيما تواجه الدولة الأفريقية التي تعد من أفقر دول العالم تمردا جهاديا داميا منذ عام 2015 أوقع الآلاف من الضحايا.
ويأتي شمال بوركينا فاسو المجاور لمالي والنيجر في طليعة المناطق التي تتعرض منذ ثلاثة أعوام لهجمات عنيفة من قبل إسلاميين متطرفين، ووصل عدد الهجمات التي جرى إحصاؤها منذ 2016 إلى أكثر من 200 هجوم.
وشهدت بوركينا فاسو انقلابين عسكريين منذ بداية العام، وكلما تسلم زعيم جديد السلطة اتهم الذي سبقه بالفشل في وضع حد لعنف الجهاديين وتمردهم.
كلما تسلم زعيم جديد السلطة في بوركينا فاسو اتهم الذي سبقه بالفشل في وضع حد لعنف الجهاديين وتمردهم
وأعلن الكابتن إبراهيم تراوري، الذي تولى السلطة أواخر الشهر الماضي، عن تعيين حكومة انتقالية جديدة مساء الثلاثاء.
وقبيل الإعلان عن تعيين الكولونيل بوكاري زونغرانا وزيرا للإدارة الإقليمية، كان الأخير قد أعلن أنه سيتم تجنيد المزيد من المدنيين للمساعدة في صد هجمات الجماعات المسلحة.
وقال زونغرانا “تم الشروع في تجنيد 35 ألف متطوع للدفاع عن الوطن” من مناطق مختلفة، مشيرا إلى أن مهمتهم “ستكون حماية السكان ومناطقهم إلى جانب القوات الأمنية”.
وكانت السلطات قد أعلنت الإثنين بشكل منفصل عن تشكيل قوة من 15 ألف متطوع آخر “يمكن نشرهم في جميع أنحاء التراب الوطني”.
وما يسمى بقوات “المتطوعين من أجل الدفاع عن الوطن” هو كيان موجود بشكل قانوني منذ عام 2020. ويتلقى المجندون تدريبا لمدة أسبوعين قبل تسليمهم الأسلحة والعتاد.
وقُتل الكثير من المتطوعين إثر هجمات جهادية خاصة في شمال البلاد وشرقها. وبالإضافة إلى المتطوعين المدنيين يتطلع الجيش أيضا إلى تطويع ثلاثة آلاف جندي إضافي لتعزيز صفوفه.
وكانت بوركينا فاسو قد كوَّنَتْ في عام 2014 ما يعرف بمجموعة “جي 5” لمكافحة الإرهاب مع أربع دول أخرى في منطقة الساحل الأفريقي جنوب الصحراء الكبرى، ويدعم الاتحاد الأوروبي هذا التحالف. وتعد مجموعة “جي 5” قوة للتدخل السريع يبلغ تعدادها 5000 جندي.
ويسيطر الجهاديون على نحو 40 في المئة من أراضي بوركينا فاسو، وفي أحدث هجوم الإثنين قتل ما لا يقل عن 10 جنود في مدينة جيبو بشمال البلاد.
ويأتي الانقلاب في بوركينا فاسو ليعزز صورة عدم الاستقرار السياسي في غرب القارة ويخدم مصالح الجماعات الجهادية التي تبث الفوضى.
ويرى محللون أن الانقلابات في أفريقيا زوبعة عاتية تعصف بالمنطقة مع استقواء الجماعات الجهادية ومنها تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة.
وقال إيفان غويشاوا، الخبير من جامعة كنت في بروكسل، بعد الانقلاب في بوركينا فاسو إن “أكبر الرابحين ليسوا الروس ولا الفرنسيين بل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية في الساحل”، واصفا ذلك بأنه “كارثة”.
50
ألف متطوع ضمن حملة تجنيد لمساعدة الجيش في محاربة الجهاديين
ووفق جليل لوناس، الباحث في جامعة الأخوين المغربية، “يزعزع الانقلاب استقرار بنية الجيش ويقسم العسكريين بين مؤيدين ومعارضين له. هذا يعني عدم الاستقرار والانقسام وعمليات تطهير”.
وعلاوة على ذلك لا تمثل الجيوش الأفريقية نماذج من الفاعلية أو الإدارة الناجحة. ويشير آلان أنتيل، المتخصص في شؤون مالي ضمن المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إلى رجال الدرك في بوركينا فاسو الذين قُتلوا على يد الجهاديين في نهاية عام 2021 بعد أن توقفت الإمدادات عن الوصول إليهم. ويقول إنهم “كانوا يضطرون إلى اصطياد الغزلان في الأدغال ليأكلوا. لا يمكنك محاربة خصوم أشداء في حين أنك تواجه هذا النوع من المشكلات اللوجستية”.
ولم يصحح المجلس العسكري المنتهية ولايته الوضع وليس هناك ما يضمن أن المجلس الجديد سيحقق نتائج أفضل. ويضيف أنتيل أن “أسطورة العسكري المتبصر الذي يحل المشكلات نادرا ما تتحقق”. ويشرح على وجه الخصوص أن العسكريين “يكونون في أكثر الأحيان أقل تجهيزًا من المدنيين الذين يحلّون محلهم لفهم الجوانب غير الأمنية” للأزمة.
وما عدا ذلك فإن فكرة الدولة ذاتها هي التي تهتز كلما تغير الحكم؛ الدولة المتهمة بإثراء نخب العاصمة والتخلي عن المناطق الصحراوية الشاسعة التي تسود فيها الجماعات الجهادية فتفرض فيها بدائلها الأمنية والقضائية. ويقول خبراء الأمن في منطقة الساحل إن العديد ممن يتم تجنيدهم في صفوف الجهاديين شبان ضائعون عاطلون عن العمل ويُستدرجون بوعود المال والدين.