بورصة الدار البيضاء وجهة جديدة للشركات الأجنبية الباحثة عن الإدراج

ساوند إنيرجي وبريداتور أويل أند غاز تدرسان دخول سوق الأسهم المغربية.
الاثنين 2025/03/17
رحبوا باللاعبين الجدد

تكشف أحدث التحولات في المغرب عن أن البورصة ستكون وجهة جديدة للشركات الأجنبية الباحثة عن القيام بطروحات، بفضل السياسة التي يتبعها المسؤولون لتنمية سوق المال بجذب المستثمرين، وهو طموح تتطلع إليه الحكومة لجعل الاقتصاد يحظى بزخم حتى يتمكن من التصدي للتحديات.

الرباط - تدرس شركتان بريطانيتان تعملان بمجال استكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي في المغرب مسألة الإدراج في بورصة الدار البيضاء، حيث تتركز أعمالهما في البلاد التي تقترب من مراحل الإنتاج.

والأحد كشفت مصادر مطلعة لبلومبيرغ الشرق أن الأمر يتعلق بشركتي ساوند إنيرجي وبريداتور أويل أند غاز، وهما مدرجتان في بورصة لندن.

وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها لكون القرارات لم تتخذ بعد، إن “ضعف حماية الشركات المتوسطة والصغيرة، وانخفاض قيمة الأصول، ومشاكل السيولة هي أبرز العوامل التي دفعت الشركتين إلى التفكير في اللجوء نحو سوق الأسهم المغربية.”

كما لم يتم حسم ما إذا كانتا ستستمران في بورصة لندن مع الإدراج في بورصة الدار البيضاء أم سيتم الشطب النهائي من الأولى.

وخلال العام الماضي انسحبت 45 شركة من بورصة لندن، ويُعد هذا أكبر عدد من الشركات التي تغادر السوق منذ عام 2010، مقابل ندرة الطروحات العامة الأولية، وفقا لبيانات جمعتها بلومبيرغ، حيث تكابد الشركات في سعيها للحصول على التقييم الذي تريده.

وتشهد بورصة الدار البيضاء زخما مستمرا منذ العام الماضي. وخلال 2025 حقق المؤشر الرئيسي للسوق (مازي) مستويات قياسية مدعوما بطلب كبير من المستثمرين على 77 ورقة مالية مدرجة.

غراهام ليون: نفكر في خيار طرح ساوند إنيرجي في البورصة المغربية
غراهام ليون: نفكر في خيار طرح ساوند إنيرجي في البورصة المغربية

وسجل مازي أرقاما قياسية منذ العام الماضي، وحافظ على زخمه بالاستقرار فوق مستوى 16 ألف نقطة، محققا مكاسب بأكثر من 15 في المئة منذ بداية العام الجديد حتى اليوم.

وخيار الطرح بالنسبة إلى شركة ساوند إنيرجي أكده رئيسها التنفيذي غراهام ليون ردّا على استفسار بلومبيرغ الشرق بالقول “نحن نفكر في هذا الخيار.” ولم يتسنَ الحصول على تعليقات فورية من بورصة الدار البيضاء والهيئة المغربية لسوق الرساميل في البلاد.

ويرى خبراء أن نجاح خطوة كهذه سيفتح الباب على مصراعيه أمام الشركات من مناطق كثيرة من العالم للإدراج في المغرب، الأمر الذي سيعطيها تقييمات أكبر في المستقبل، بفضل السياسات المالية المتبعة والاستقرار السياسي الذي يتمتع به البلد.

وتسجل البورصة المغربية إدراجا واحدا في المتوسط سنويا، وتطمح البلاد لبلوغ أكثر من 300 شركة بحلول 2035، وتراهن السوق على طرح شركات حكومية لتشجيع شركات القطاع الخاص.

ورجّح مصدر مطلع أن يكون قرار الإدراج بالنسبة إلى ساوند إنيرجي في نهاية هذا العام أو بداية 2026، تزامناً مع إنتاجها المرتقب للغاز الطبيعي المسال من حقل تندرارا شرق المغرب، والذي سيمثل أول إنتاج من نوعه في تاريخ البلاد.

وتخطط بريداتور هذا العام لحفر آبار ضمن ترخيصها بمنطقة جرسيف، شمال شرق المغرب، مستهدفة إنتاج 400 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي.

وذكر مصدر أن الشركة تبحث حالياً عن مصادر لتمويل استثماراتها في السنوات المقبلة والتعاقد مع مشترين محليين لإنتاجها المرتقب من الغاز.

ولا يتجاوز الإنتاج المحلي للغاز 100 مليون متر مكعب سنويا من حقول صغيرة غرب البلاد، لكن احتياطياتها شارفت النفاد. وتستورد الرباط باقي احتياجاتها المُقدّرة بنحو مليار متر مكعب سنوياً من السوق الدولية، عبر خط أنابيب مع إسبانيا.

وإلى جانب الإنتاج المحلي تعتزم الحكومة تطوير البنية التحتية لضمان استيراد أكبر للغاز الطبيعي، حيث يتوقع إطلاق مناقصة بهذا الشأن باستثمارات مرتقبة تناهز 6 مليارات دولار.

كما تسعى لاعتماد الغاز الطبيعي كطاقة انتقالية مع زيادة مشاريع الطاقة النظيفة، بينما لا يزال الفحم أول مصدر لتوليد الطاقة في البلاد بحصة تناهز 34 في المئة، وفقاً لأرقام رسمية.

وبينما يستعد المغرب لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، تظل التوقعات إيجابية في أغلب قطاعات الاقتصاد الذي يُعاني من توالي سنوات الجفاف.

وبدأت الحكومة في تنفيذ مشاريع ضخمة تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار تمتد من الطرق إلى سكك الحديد والمطارات والعقارات وصولا إلى تحلية مياه البحر.

وبالعودة إلى الاستثمار في سوق الأسهم تشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد الشركات المدرجة ببورصة الدارة البيضاء يبلغ 77 كيانا تعمل في قطاعات مختلفة تشمل البنوك والعقارات والصحة وغيرها.

وفي أواخر 2022 كشف الرئيس السابق لمجلس إدارة البورصة كمال مقداد أن بورصة الدار البيضاء تستهدف زيادة عدد الشركات المدرجة بنحو خمسة أضعاف إلى 350 شركة بحلول عام 2035.

واستفادت الشركات المُدَرجة حديثا من ارتفاع مهم في قيمتها، حيث يتعاظم الطلب بشكل أكبر من المستثمرين الأفراد على عرض قليل من الأسهم.

وقاد ذلك الوضع الأسعار إلى تحطيم كل الأرقام القياسية منذ العام الماضي حتى الآن، وهو ما ساهم في بروز أصحاب الثروة بين جيل جديد من المؤسسين ورواد الأعمال والرؤساء التنفيذيين.

350

شركة يطمح المغرب لإدراجها في البورصة بحلول 2035 ارتفاعا من 77 شركة حاليا

وبحسب بيانات جمعتها بلومبيرغ يتم في الوقت الحالي تداول أسهم الشركات المدرجة في المجموع فقط بقيمة تناهز 86 مليار دولار.

ودخل المغرب مرحلة أكثر انفتاحا في خططه الإستراتيجية المتعلقة بإصلاح نشاط البورصة، بإعلان المسؤولين في نوفمبر الماضي عن خطط لتسويق منتجات المشتقات المالية، في تحرك يرجح أن يحقق إيرادات أكبر للدولة مع إمكانية جذب المستثمرين بمخاطر أقل.

وكشفت وزيرة المالية نادية فتاح العلوي آنذاك أن البورصة مستعدة لإطلاق سوق للمشتقات تسمح بالتداول في العقود الآجلة للأسهم، وذلك في ظل السعي إلى منح سوق المال دورا أكبر في تعزيز السيولة وتمويل الاقتصاد.

وذكرت أثناء منتدى الاستثمار الأفريقي الذي احتضنته مدينة الدار البيضاء أن الخطوة تأتي عقب اجتماع للجنة سوق الأسهم، بما في ذلك الجهة المسؤولة عن تنظيم البورصة والبنك المركزي، تقرر خلاله تحويل البورصة إلى شركة قابضة.

وفي مسعى آخر لتطوير نشاط البورصة، بما يساعد على الانتقال بالسوق المالية نحو زيادة التنافسية بين المستثمرين، قالت العلوي آنذاك إن “البورصة ستطلق أيضا دار (غرفة) مقاصة.”

وتؤكد الجمعية المغربية للمستثمرين في رأس المال أن التمويلات التي ضخها المستثمرون خلال السنوات الخمس عشرة الماضية تخطت حاجز المليار دولار لفائدة 250 شركة تعمل في عدة قطاعات، منها أكثر من 100 مليون دولار في عام 2023.

ووفق دراسة أجرتها البورصة مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، هناك تأثير إيجابي لإدراج الشركات الحكومية من حيث تحسين الحوكمة وتقليل الاعتماد على الدولة في التمويل مع تعزيز كفاءة أعمالها، وبالتالي المساهمة في النمو.

11