بودلير والعرب بين رف الكتب

باحث يحرص على تفسير الحداثة لدى الشاعر الفرنسي شارل بودلير.
الأحد 2022/04/24
الكتاب.. ملاذ أبدي

قارئ كتاب “عصر بودلير” الصادر عن دار خطوط وظلال للناقد التونسي لطيف شنهي يلمس حرص الباحث على تفسير خلفية الحداثة لدى الشاعر الفرنسي شارل بودلير بقدرة هذه الحداثة على سد الخواء الروحي الناتج عن مظاهر العصرية والتقدم في القرن التاسع عشر بعد أن تراجع تأثير الدين، فانسحاب المقدس من الواقع التجريبي لم يُفض إلى تهافت الإحساس بالتعالي والسمو إلى المطلق عبر الفن الحديث عامة ومن خلال الشعر الخالص بصفة خاصة.

والطريف أن لطيف شنهي سعى إلى لفت نظر المهتمين بتاريخ الأدب وبالأدب المقارن إلى أن الرومنطيقيين العرب مثل إلياس أبي شبكة وعلي محمود طه لم يكونوا في أشعارهم مَشدوهين بالرومنطيقية فحسب، بل كانوا أيضا مبهورين ببودلير من ناحية صياغته الغريبة للصور الشعرية من نحو عشقه للجمع بين المُتناقضات والتصوير الغريب.

وقد كان السياب الأنموذج العربي في النصف الأول من القرن العشرين العاشق لبودلير الذي أهدى إليه بعض أشعاره. وبهذا ذهب الباحث مذهبا طريفا في تنزيل شعر السياب في مجال من التفاعل لا يقتصر على إليوت، بل شمل أيضا شعر شارل بودلير.

قصائد مخبأة

"ذاكرة الياسمين" نافذة وكوة على تجربة شاعر اختار أن تكون ذاكرة الياسمين هي ديوانه الأول

صدر عن منشورات دائرة الثقافة بالشارقة ديوان شعري موسوم بـ”ذاكرة الياسمين”، للشاعر المغربي رضوان صابر، ويضم أكثر من 110 من قصائده التي كتبت ضمن مسار إبداعي طويل. ويشكل هذا الديوان أقرب إلى “أعماله الكاملة”، إذ يضم ما يزيد على ثلاثة دواوين شعرية ظلت متجمعة عند الشاعر، في اختيار وإرادة خاصة للجنوح إلى الكتابة والإبداع الشعري وتأمل قصيدته وهي تنمو أمامه.

القصائد في ديوان “ذاكرة الياسمين” كما يشير الشاعر عبدالحق ميفراني في تقديمه له، هذا تمثل المنجز الذي تراكم في تجربة الشاعر إلى اليوم، ويشكل نافذة وكوة على تجربة شاعر اختار أن تكون ذاكرة الياسمين هي ديوانه الأول.

لقد “صارت القصائد مأوى”، هكذا اختار الشاعر رضوان صابر القصيدة ملاذا أبديا للكتابة، في حرص واع على استكناه أسئلة القصيدة وأفق الشاعر. تجربة ومسار طويل، راكم خلاله منجزا إبداعيا، يمثل بعضا من راهن القصيدة العمودية اليوم في المغرب. إذ ظلت القصيدة مأوى يلجأ إليها الشاعر، كلما هدّه سؤال وقلق الوجود، وانجراحات الزمن وانكساراته.

الناجي الوحيد من اسمه

صدرت عن منشورات المتوسط - إيطاليا، رواية جديدة للكاتب السوري المقيم في فرنسا عمر قدور، حملت عنوان “الشهيدان عمر قدور”، وهو عنوان يدفع إلى التساؤل حول هذه المطابقة الاسمية بين الشهيدين في العنوان وصاحب الرواية؟

لكننا سنعرف، لاحقا، أنه وبعد موت شخصين يحملان اسم الكاتب ذاته، في كل من بلدتي زملكا وأطما السوريتين، سيكتب عمر قدور هذه الرواية باعتباره “النسخة الناجية من اسمه”.

هي رواية تتحدث عن أشخاص يعرف القارئ بعضهم ولا يعرف بعضهم الآخر، وأيضا عن شخصيات قد لا تكون موجودة في الواقع بذات الأسماء المذكورة في الرواية، لكنها تتوزع، سابقا واليوم، في كل من سوريا وبلدان اللجوء، تحت أسماء مختلفة وضمن تجارب وقصص وحكايا لا تنتهي.

يبطئ عمر قدور هنا، رغبة الشهداء لنزول القبر، ويزيد من زمن المسافة إليه، وليس من المسافة نفسها، ليمنحهم الوقت ربما كي يطمئنوا على من تبقى حيا، وكي تكون الرواية شهادة ووثيقة لأجل من استشهدوا أو غيبوا.

12