بوتين ينهي عهد الإنترنت الحر في روسيا

الحكومة الروسية تعتزم إنشاء بنية تحتية لإنترنت سيادي فيما يقول منتقدون أن الإجراء يعد خطوة نحو تشديد الرقابة.
السبت 2019/11/02
سيطرة مباشرة

موسكو - أعلنت الحكومة الروسية فصل البلاد عن شبكة الإنترنت العالمية الجمعة، مع دخول قانون مثير للجدل وقعه الرئيس فلاديمير بوتين دخل حيز التنفيذ. معلّلة ذلك بأنه “دفاع ضروري ضد الهجمات الإلكترونية من الخارج”.

وتعتزم الحكومة إنشاء بنية تحتية لإنترنت سيادي فيما يقول منتقدون أن هذا الإجراء يعد خطوة نحو تشديد الرقابة.

وقال خبير الإنترنت الروسي ألكسندر إيسافنين من منظمة روسكومسفوبودا المناهضة للرقابة “هذه هي المرة الأولى التي تسيطر فيها الدولة فنيا بالكامل على الإنترنت”.

وأضاف أنه في حين أن مزوّدي الإنترنت الروس كانوا يعملون سابقا في ظل ظروف السوق الحرة، يمكن للدولة الروسية الآن أن تمارس السيطرة المباشرة.

وبموجب ذلك الإجراء، سيتم توجيه حركة مرور الإنترنت الروسية عبر مراكز من داخل البلاد، حيث لم يتم إنشاء بنية تحتية بعد. ويجب على مزودي الإنترنت تركيب المعدات اللازمة لتنفيذ ذلك الانتقال.

وينصّ القانون على استحداث آلية لمراقبة حركة مرور الانترنت في روسيا وإبعادها عن الخوادم الأجنبية، ظاهرياً بهدف منع أيّ بلد أجنبي من التأثير عليها.

وبموجب القانون الجديد سيحتاج مزوّدو خدمة الإنترنت في روسيا أيضاً إلى ضمان امتلاك شبكاتهم الوسائل التقنية “للتحكّم المركزي في حركة المرور” لمواجهة التهديدات المحتملة.

وستمرّ هذه المراقبة بشكل خاص عبر جهاز الأمن الفدرالي الروسي “أف.أس.بي” والهيئة الروسية للرقابة على الاتصالات “روسكومنادزور” المتّهمة بأنها تحجب المحتوى على الإنترنت بشكل تعسّفي.

 سيتم توجيه حركة مرور الإنترنت الروسية عبر مراكز داخل البلاد، حيث لم يتم إنشاء بنية تحتية بعد. ويجب على مزوّدي الإنترنت تركيب المعدات اللازمة لتنفيذ ذلك الانتقال

وكانت السلطات قد حجبت بالفعل العديد من مواقع المعارضة السياسية في البلاد، ويخشى العديد من الروس أن تصبح البلاد معزولة رقميا مع زيادة الرقابة من قبل أجهزة أمن الدولة.

واحتج آلاف الأشخاص على قانون “الإنترنت السيادي” الذي وقعه بوتين في مايو الماضي. ويسمح للسلطات الروسية بعزل إنترنت البلاد عن العالم، في خطوة استنكرتها المنظمات الحقوقية.

ويعتبر واضعو هذه المبادرة بأنه على روسيا أن تضمن أمن شبكاتها، وذلك بعد أن كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي عن إستراتيجية أميركية جديدة لأمن فضاء الإنترنت تستند على أنّ روسيا قامت بشنّ هجمات إلكترونية وأفلتت من المحاسبة. ودافع الرئيس الروسي عن هذا الإجراء باعتباره مسألة تتعلق بالأمن القومي.

من جانبه، أكد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، أن روسيا لا تخطط لفصل نفسها عن الإنترنت ولكنها تستعد لاحتمال أن يفصل الغرب روسيا عن الشبكة.

وفي السنوات السابقة حجبت السلطات الروسية مواقع مرتبطة بالمعارضة وأخرى رفضت التعاون معها مثل “دايلي موشن” و”لينكدان” و”تليغرام”.

وفي هذا المجال يبدو أن روسيا تتخذ من الصين قدوة لها. فقد طورت الصين منذ عقود نظاماً معقداً للرقابة على الإنترنت. ووصفت منظمة “حرية الإنترنت” في تقرير لها يعود لأكتوبر 2018 الصين بأنها “أكثر بلد تعرضت فيها حرية الدخول للإنترنت للتضييق”. ويوجد في الصين منصات شبيهة بيوتيوب وواتساب وتويتر يمنع فيها تداول محتوى ناقد. ولا يعرف الشباب الصيني، الذي لم يسبق له السفر إلى الخارج، المنصات السابقة الذكر إلا من اسمها. وبهذه الطريقة يتحكم الحزب الشيوعي الصيني بما يصل للناشئة من معلومات.

وقائمة الدول التي يضيّق فيها على حرية الوصول إلى شبكة الإنترنت، أو حتى قطعها بالكامل، ليست قصيرة. فروسيا والصين وإيران وفيتنام وكوريا الشمالية مجرد أمثلة لها.

ويقول خبير البيانات الهولندي يوريس فان هوبوكين، “تصعّد الحكومات في كل أنحاء العالم من محاولاتها السيطرة على شبكة الإنترنت وضبطها”، مضيفاً أن ذلك له علاقة بصعود النظم الاستبدادية.

وحذر هوبوكين من أن روسيا وضعت بذلك الإطار القانوني لتعطيل الدخول إلى بعض مواقع الإنترنت وتشديد الرقابة على بعضها الآخر.

ولفت الخبير الهولندي النظر إلى الجوانب الاقتصادية للرقابة على الإنترنت في الصين قائلا “وحتى قوة اقتصادية مهولة كالصين تحرص على أن يكون لها شركاتها الخاصة بهدف الربح. نذكر هنا محرك البحث “بايدو” على سبيل المثال لا الحصر”، مشدداً على أن القضية لا تقتصر على الأبعاد السياسية.

وانتقدت منظمة مراسلون بلا حدود ذلك الإجراء واعتبرت أنه يزيد من الرقابة على الإنترنت ومن ثم ينتهك الحريات الأساسية.

18