بوتين ينتقد وجود القوات الأجنبية في سوريا لدى لقائه بشار الأسد

موسكو – انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى استقباله نظيره السوري بموسكو وجود القوات الأجنبية التي وصفها بـ"غير الشرعية" في سوريا، معتبرا أنها تمثل عائقا أمام توحيد البلاد، فيما وصف بشار الأسد العقوبات التي فرضتها بعض الدول على سوريا بأنها "غير إنسانية".
وأفاد الكرملين صباح الثلاثاء بأن الرئيس الروسي عقد اجتماعا مع نظيره السوري الذي وصل إلى العاصمة الروسية في زيارة غير معلنة مساء الاثنين.
وقال بوتين مخاطبا الأسد "المشكلة الرئيسية، في رأيي، تكمن في أن القوات الأجنبية موجودة في مناطق معينة من البلاد دون قرار من الأمم المتحدة ودون إذن منكم، وهو ما يتعارض بشكل واضح مع القانون الدولي ويمنعكم من بذل أقصى الجهود لتعزيز وحدة البلاد، ومن أجل المضي قدما في طريق إعادة إعمارها بوتيرة كان من الممكن تحقيقها لو كانت أراضي البلاد بأكملها تحت سيطرة الحكومة الشرعية".
وكان بوتين طالب مرارا بسحب كل القوات الأجنبية والتي يقصد بها كل المجموعات العسكرية الأجنبية، التي توجد على أراضي سوريا، بمن فيها الأميركيون والأتراك وحزب الله والإيرانيون، باستثناء القوات الروسية التي تملك قواعد عسكرية في سوريا.
وأضاف بوتين بعد أن هنأ الرئيس السوري على فوزه في الانتخابات "بجهودنا المشتركة تكبد الإرهابيون أضرارا بالغة، والجيش السوري يسيطر على أكثر من 90 في المئة من أراضي البلاد".
وفاز الأسد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس والعشرين من مايو، بنسبة 95 في المئة من الأصوات، في ثاني استحقاق من نوعه منذ اندلاع النزاع، فيما شككت المعارضة السورية وقوى غربية بنزاهة الانتخابات ونتائجها، حتى قبل حدوثها.
وساعد الدعم الروسي الأسد على استعادة كل الأراضي التي خسرها تقريبا أمام المعارضة المسلحة، التي حاولت الإطاحة به خلال الحرب التي اندلعت في 2011.
ولا تزال مناطق غنية، تضم سهولا زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرة النظام السوري رغم توقف المعارك إلى حدّ كبير.
ونظمت جولات محادثات عدة برعاية الأمم المتحدة، لكنها لم تفلح في وضع حد للعنف في سوريا، حيث أدى النزاع إلى سقوط نحو نصف مليون قتيل ونزوح الملايين من الأشخاص منذ العام 2011.
وشكر الأسد، الذي كان آخر اجتماع له في موسكو مع بوتين عام 2015، الرئيس الروسي على المساعدات الإنسانية لسوريا وعلى جهوده لوقف "انتشار الإرهاب"، مؤكدا "لبعض الدول تأثير مدمر على سير العملية السياسية في سوريا".
وأشاد بما وصفه بنجاح الجيشين الروسي والسوري في "تحرير الأراضي المحتلة" بسوريا، مضيفا "مع ذلك، نحن مصممون في سوريا، كحكومة وكمؤسسات دولة، على السير بالتوازي في عملية تحرير الأراضي وفي عملية الحوار السياسي".
ووصف الأسد العقوبات التي فرضتها بعض الدول على سوريا بأنها "غير إنسانية" و"غير شرعية"، قائلا "قامت بعض الدول بفرض حصار على الشعب السوري.. حصار نصفه بأنه غير إنساني وغير أخلاقي وغير قانوني".
وتزيد العقوبات الدولية التي تشمل العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر، والعقوبات الأوروبية التي تصدر بشكل مستمر من الاتحاد الأوروبي، من الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على النظام السوري الذي يريد إعادة البلاد.
ولن يكون بمقدور الأسد، وفق محللين، المضي في عملية إعادة الإعمار من دون الحصول على أموال المجتمع الدولي، إذ لا يمكن أن يحصل ذلك خارج تسوية سياسية تحت مظلة الأمم المتحدة، يعمل ومن خلفه حلفاؤه على جذب "مانحين محتملين" على رأسهم دول الخليج، وسط مؤشرات على بدء انفتاح خليجي نحو سوريا.
وخلال السنوات الأخيرة، راهن المجتمع الدولي على تسوية سياسية تحدث تغييرا في بنية النظام قبل الانتخابات، بعدما تخلّت قوى غربية وعربية عدة عن مطلب تنحي الأسد. لكنّ جهود الأمم المتحدة التي قادت جولات تفاوض بين الحكومة والمعارضة في جنيف اصطدمت بعقبات كثيرة ولم تحقق أي تقدم يذكر.
وذكرت الرئاسة السورية أن القمة التي جمعت بوتن والأسد جرى خلالها التباحث في ملفات التعاون الثنائي القائم بين البلدين، والإجراءات المتخذة لتوسيعه وتطويره تحقيقا للمصالح المشتركة.
والقمة التي ابتدأت باجتماع ثنائي مطول بين الرئيسين ثم انضم إليه لاحقا وزير الخارجية فيصل المقداد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بحثت التعاون المشترك بين جيشي البلدين في عملية مكافحة الإرهاب، واستكمال تحرير الأراضي التي ما زالت تخضع لسيطرة التنظيمات الإرهابية.
وتم التباحث بشأن الخطوات المتخذة على المسار السياسي، حيث أكد الجانبان أهمية استكمال العمل على هذا المسار من أجل التوصل إلى توافقات بين الأطراف السورية ودون أي تدخل خارجي، وتطرقت المباحثات أيضا إلى مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وناقش الرئيسان الأسد وبوتن آخر مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية.