بوتين يراهن على سلاح "الوقت" لكسب الحرب في أوكرانيا

الكرملين يأمل في أن يضعف عزم الغرب بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
الاثنين 2022/07/25
لا علامات على تراجع بوتين

يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن عامل الوقت سلاح يعزز انتصاره في حرب أوكرانيا، وهو يراهن بذلك على ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، ما سيفضي في نهاية المطاف إلى استسلام كييف وحلفائها الغربيين لمطالبه، إلا أن خبراء يرون أن ذلك سلاح ذو حدين، يمكن أن يؤذي روسيا نفسها.

موسكو - يراهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على “سلاح” قديم، أقوى من الصواريخ التي تزود بها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون أوكرانيا، وهو الوقت.

وبعد ستة أشهر، منذ أمر بوتين بغزو أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير، تأمل روسيا في أن يضعف عزم الغرب بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء العالمية التي ساعدت الحرب على تأجيجها.

وعبّر مسؤولون روس ومحطات تلفزيونية حكومية عن سعادتهم علنا بسقوط رئيسي الوزراء البريطاني والإيطالي بوريس جونسون وماريو دراجي، على التوالي، ووصفوا استقالتيهما كنتيجة لعقوبات “إيذاء النفس” التي فرضها الغرب على روسيا. وسأل بعضهم ساخرا من سيكون التالي الذي يسقط؟

وأخبر بوتين، الذي سيبلغ السبعين من عمره في أكتوبر، الغرب هذا الشهر بأنه بدأ لتوه حربه على أوكرانيا، وتجرأ على الولايات المتحدة، التي تتمتع بتفوق عسكري واقتصادي وتقليدي على روسيا، في أن تحاول هزيمة موسكو، وقال “سوف تفشلون”.

وقال مدير وكالة المخابرات المركزية والسفير الأميركي السابق في موسكو وليام بيرنز، خلال منتدى آسبن الأمني الأسبوع الماضي، “رهان بوتين أنه يمكن أن ينجح في حرب استنزاف طاحنة”.

وليام بيرنز: بوتين يراهن على أنه يستطيع إرهاق أوروبا وحتى الولايات المتحدة

ويراهن بوتين على أنه يستطيع “خنق الاقتصاد الأوكراني، وإرهاق القيادات الأوروبية، وحتى الولايات المتحدة”، وفق بيرنز.

وقال بيرنز، الذي أرسله الرئيس الأميركي جو بايدن إلى موسكو في نوفمبر الماضي لتحذير بوتين من عواقب غزو أوكرانيا، إنه يعتقد أن رهان الرئيس الروسي سيفشل.

لكن الكرملين لا يظهر أي علامة على التراجع، حيث يصر على أن روسيا ستحقق جميع أهدافها في أوكرانيا.

وقال وزير خارجية بوتين منذ 18 عاما سيرغي لافروف إن طموحات روسيا في أوكرانيا تتجاوز الآن منطقة دونباس الشرقية، لتشمل مساحة كبيرة من الأراضي في الجنوب و”عددا من الأقاليم الأخرى”.

وقال مجلس الأمن القومي الأميركي الأسبوع الماضي إن لديه معلومات استخبارية تفيد بأن روسيا تستعد لضم كل منطقة دونباس، وكذلك الأراضي الواقعة على طول الساحل الجنوبي لأوكرانيا، بما في ذلك خيرسون وزابوريجيه.

وهذا من شأنه إضفاء الطابع الرسمي على السيطرة الروسية على أكثر من 18 في المئة من الأراضي الأوكرانية، بالإضافة إلى حوالي 4.5 في المئة التي استولت عليها موسكو في عام 2014 بضم شبه جزيرة القرم.

وقال لافروف إن الغرب إذا قدم المزيد من الأسلحة طويلة المدى لأوكرانيا، مثل أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة “هيماريس”، فإن “شهية” روسيا ستزداد أكثر.

وتعليقا على ذلك، قال فلاديسلاف زوبوك، وهو أستاذ التاريخ الدولي في كلية لندن للاقتصاد، “يبدو أن الرسالة الخطابية التي يرسلها لافروف إلى الغرب هي: كلما طال أمد الحرب، زاد عزمنا”.

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قال في مناسبة سابقة إن الولايات المتحدة، التي قدمت أكثر من ثمانية مليارات دولار كمساعدات أمنية لأوكرانيا، سترسل أربعة أخرى من أنظمة هيماريس إلى كييف.

وقال باري آر بوزن، أستاذ فورد الدولي للعلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، “أفضل السيناريوهات هو أن الحرب ستنتهي إلى مأزق، نحن متجهون نحو فترة قبيحة من التجارب السياسية والعسكرية، تليها تسوية غير مريحة وغير مشروعة لنزاع مجمّد”.

ومنذ أن سلم بوريس يلتسين، رئيس روسيا السابق، الحقيبة النووية لبوتين في اليوم الأخير من عام 1999، كانت أولوية بوتين هي استعادة البعض من مكانة القوة العظمى على الأقل التي فقدتها موسكو عندما انهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.

ووجه بوتين انتقادات متكررة للولايات المتحدة لقيادتها توسع حلف الناتو شرقا، وخاصة ما وصفه بمغازلتها الجمهوريات السوفيتية السابقة مثل أوكرانيا وجورجيا، اللتين تعتبرهما روسيا جزءا من مجال نفوذها.

مع استمرار روسيا في تصدير ثروتها الهائلة من الموارد الطبيعية، وبدعم حاسم من الصين، يراهن بوتين على أن روسيا يمكن أن تقيد أوكرانيا ببطء

وأشار بوتين إلى أن مثل هذه التحركات تهدف إلى إضعاف روسيا عن عمد، وحتى تدميرها.

وقدم بوتين مجموعة متنوعة من التبريرات لغزوه أوكرانيا، لكنه صورها بشكل متزايد على أنها معركة وجودية مع الغرب، ستعيد نتيجتها تشكيل النظام السياسي العالمي.

ومع استمرار روسيا في تصدير ثروتها الهائلة من الموارد الطبيعية، وبدعم حاسم من الصين، يراهن بوتين على أن روسيا يمكن أن تقيد أوكرانيا ببطء.

وتقدر المخابرات الأميركية أن حوالي 15000 روسي قتلوا حتى الآن في أوكرانيا، وهو ما يعادل إجمالي عدد القتلى السوفييت خلال احتلال موسكو لأفغانستان في 1979 – 1989.

وقال بيرنز إن الخسائر الأوكرانية ربما تكون أقل بقليل من ذلك، كما تعتقد المخابرات الأميركية، بينما لم تقدم أوكرانيا ولا روسيا تقديرات مفصلة لخسائرهما.

وقال بيرنز “بوتين حقا رسول الثأر”، وأضاف “إنه مقتنع بأن مصيره.. هو استعادة روسيا كقوة عظمى”.

وأكد أن الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كان الرهان الأكثر خطورة من حكم بوتين الذي دام 22 عاما، سيؤتي ثماره.

5