بوتين يبحث مع السوداني متانة جبهة أوبك+ في مواجهة سقف الأسعار

موسكو- حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من حدوث “تداعيات خطيرة” إذا تمّ فرْض سقف لأسعار النفط الروسي، في خطوة تظهر تحركا روسيًّا لاختبار متانة جبهة أوبك+ ومدى استعداد الدول ذات الثقل للوقوف إلى جانب موسكو في مواجهة سقف الأسعار الذي يريد الغرب أن يفرضه عليها.
ويُتوقع أن يكون الاتصال بالسوداني هو الخطوة الأولى من الرئيس الروسي الذي سيحتاج إلى الحلفاء في هذه المعركة، وخاصة إلى السعودية التي تتمسك إلى حد الآن بتحالفها مع روسيا وترفض زيادة إمدادات النفط والإسهام في خفض الأسعار.
ولا يُعرَف ما إذا كان العراق سيلتزم بالخطة الحالية لأوبك+ بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس شركة تسويق النفط الوطنية الحكومية (سومو) المسؤولة عن تصدير نفط العراق علاء الياسري، الذي يرى أن حصة العراق الحالية لا تتماشى مع احتياطيات النفط، وهو ما فُهم على أنه استعداد من قِبَل العراق لزيادة حصته حتى لو كان ذلك يتعارض مع قرارات أوبك+.
◘ مقترح المفوضية بشأن تحديد سقف للأسعار تم تحييده بضغط من بلدان مثل ألمانيا وهولندا
ويقول مراقبون إن التحرك الروسي نحو الحلفاء في أوبك+ يهدف إلى معرفة حقيقة ما يجري بعد الجدل الذي أحدثته تسريبات وول ستريت جورنال بشأن استعداد السعودية لزيادة الإنتاج إثر إعلان واشنطن عن منح الحصانة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال بوتين إنّ “مثل هذه الإجراءات تتعارض مع مبادئ العلاقات التجارية وستؤدي على الأرجح إلى حدوث تداعيات خطيرة على سوق الطاقة العالمية”.
وأوضح بيان صادر عن الكرملين أن العراق وروسيا قدما تقييما متفائلا للعمل المشترك في إطار تحالف أوبك+، وهو ما يجعل من الممكن دعم استقرار سوق النفط العالمية.
وكان الكرملين قال الخميس قبيْل المكالمة التي جرت بين بوتين والسوداني “إن موسكو لا تعتزم تصدير النفط والغاز إلى الدول التي تدعم فرْض سقف لسعر النفط الروسي”.
ولوحت روسيا الثلاثاء بالتوقف التام عن بيع النفط وخفْض الإنتاج بشكل حاد إذا فُرض سقف لأسعار نفطها.
وقال ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي إن بلاده تتعهد بعدم تصدير النفط إلى أي دولة تضع حدا أقصى لأسعار النفط الروسي.
وأضاف نوفاك أن “موسكو ستعيد توجيه إمداداتها النفطية إلى شركائها الذين يستخدمون السوق لتحديد الأسعار، أو ستخفض إنتاجها من الخام”، ونبه إلى أن وضْع حد أقصى لسعر النفط الروسي سيؤدي إلى تراجع الاستثمار وعجز محتمل في المعروض العالمي.
وتتطلع مجموعة السبع (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) إلى وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي المنقول بحرا يتراوح بين 65 و70 دولارا للبرميل، إلا أن حكومات دول الاتحاد الأوروبي لم تتفق بعد على السعر، ومن المقرر أن تستمر المحادثات في هذا الشأن.
وسيعلن تحالف الدول الراغبة في فرض سقف لأسعار النفط الروسي، والذي يضم مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا، الحدّ الأقصى الذي يعتزم وضعه “في الأيام المقبلة”، وفقاً لمسؤول في وزارة الخزانة الأميركية الثلاثاء.
ويتمثل الهدف في التوصل إلى اتفاق على حدّ أقصى لسعر المحروقات الروسية، يمكن تحديده قبل دخول العقوبات الأوروبية الجديدة حيّز التنفيذ اعتباراً من الخامس من ديسمبر المقبل.
وتشمل حزمة العقوبات الجديدة خصوصا منع شركات التأمين وإعادة التأمين من تغطية النقل البحري للنفط الروسي، وإعفاء المشغّلين الأوروبيين -في حال وجود اتفاق- إذا تمّ بيع النفط بسعر أدنى أو مساو للسقف المحدّد مسبقًا.
والهدف من تحديد سعر النفط الذي تبيعه روسيا هو تقليل مواردها المالية وبالتالي تقويض قدرتها على مواصلة الحرب في أوكرانيا، والحدّ من ارتفاع أسعار الطاقة. ومع ذلك، يجب أن يظلّ هذا السعر أعلى من سعر الإنتاج، لتشجيع روسيا على الاستمرار في بيع الخام.
وبالتوازي مع فشل تحديد سقف لأسعار النفط فشل وزراء الطاقة ضمن دول الاتحاد الأوروبي الخميس في الاتفاق على سقف لأسعار الغاز للحد من تداعيات أزمة الطاقة في القارة، في ظل خلافات عميقة بشأن مقترح اعتبره عدد منهم “مهزلة”.
وسيجتمع الوزراء في النصف الأول من ديسمبر المقبل على أمل تجاوز الخلافات، وفق ما أفاد به وزير الصناعة والتجارة التشيكي جوزيف سيكيلا الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن الوزراء تمكنوا -رغم ذلك- من تبني “إجراءات مهمة” أخرى تشمل القيام بعمليات شراء مشتركة للغاز من أجل تجنّب إمكانية أن تتسبب المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي في رفع الأسعار، والتضامن لتوفير الإمدادات إذا اقتضت الحاجة، وتسريع الموافقات المرتبطة بمصادر الطاقة المتجددة.
واشتكى وزراء مشاركون في اجتماع الخميس من أن المقترح المطروح حاليا لتحديد سقف لأسعار الغاز، والذي كشفت عنه المفوضية الأوروبية قبل يومين، مصمم بوضوح حتى لا يتم استخدامه إطلاقا.
◘ العراق وروسيا قدما تقييما متفائلا للعمل المشترك في إطار تحالف أوبك+، وهو ما يجعل من الممكن دعم استقرار سوق النفط العالمية
ووصف وزيرا الطاقة في بولندا وإسبانيا المقترح بـ”المهزلة”.
بدوره، لفت وزير الطاقة اليوناني كوستاس سكريكاس إلى أن السقف “ليس بالفعل سقفا (لأسعار الغاز)”، وقال “نضيع وقتا ثمينا دون أي نتائج”.
وتحدد الخطة التي لم تكن المفوضية الأوروبية متحمّسة لها في الأساس سقفا لأسعار الغاز يبلغ 275 يورو للميغاوات ساعة.
وبناء على الخطة لن يُطبّق السقف المقترح عند 275 يورو/ميغاوات ساعة إلا عندما يتم خرق هذه العتبة لأسبوعين على الأقل وفقط في حال ارتفاع سعر الغاز الطبيعي المسال إلى أكثر من 58 يورو لمدة 10 أيام ضمن فترة الأسبوعين ذاتها.
ويرى كثيرون أن مقترح المفوضية بشأن تحديد سقف للأسعار تم تحييده بضغط من بلدان مثل ألمانيا وهولندا. ويخشى أن يؤدي هذا القرار -إن تم التوافق عليه- إلى تحويل إمدادات الغاز إلى أسواق مربحة أكثر كتلك الآسيوية.
مع ذلك تطالب 15 دولة في الاتحاد الأوروبي على الأقل (أي أكثر من نصف بلدان التكتل) بسقف عملي لأسعار الغاز بالجملة من أجل التعامل مع النقص في الإمدادات الذي تسببت فيه الحرب الروسية – الأوكرانية.