بوتفليقة يتعهّد بانسحاب مشروط من الحكم في حال انتخابه مجددا

الجزائر - تقدّم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة بملف ترشحه لخوض استحقاق 18 أبريل الرئاسي، وفق ما أعلن مدير حملتة الانتخابية عبدالغني زعلان، ضاربا بذلك عرض الحائط الاحتجاجات الرافضة لترشحه لولاية رئاسية خامسة.
غير أنه تعهد في المقابل بأنه في حال انتخابه مجددا رئيسا في 18 ابريل، بعدم إنهاء ولايته والانسحاب من الحكم بعد تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يحدد تاريخها إثر مؤتمر وطني.
وقال بوتفليقة في رسالة نقلها التلفزيون الوطني مساء الأحد "نمت إلى مسامعي وكلي اهتمام هتافات المتظاهرين عن آلاف الشباب الذين خاطبوني بشأن مصير وطننا"، في إشارة إلى حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي أعقبت إعلانه ترشحه في العاشر من فبراير.
وأضاف "إني لمصمم إن حباني الشعب الجزائري بثقته مجددا على الاطلاع بالمسؤولية التاريخية وألبي مطلبه الأساسي أي تغيير النظام".
وتابع "أتعهد أمام الله تعالى والشعب الجزائري" بالدعوة مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية في 18 ابريل "إلى تنظيم ندوة وطنية شاملة واعتماد إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية من شأنها إرساء أساس النظام الجديد".
وتعهد بوتفليقة بـ"تنظيم رئاسيات مسبقة"، مضيفا "أتعهد ألا أكون مرشحا فيها" ليؤكد بذلك ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة قبل ساعات من انقضاء الآجال القانونية للترشح منتصف ليل الأحد.
ويُنظر إلى التصريحات على أنها محاولة لاسترضاء أولئك الذين خرجوا إلى الشوارع خلال اليومين الماضيين للاحتجاج على اعتزام الرئيس (82 عاما) البقاء في السلطة وأيضا للسماح له بترك السلطة بشروطه.
وهذه أول تصريحات من جانب بوتفليقة بعد أضخم مظاهرات معارضة في الجزائر منذ انتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بحكام دول مجاورة.
وعقب تقديم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ملف ترشحه لولاية خامسة لدى المجلس الدستوري، دعا نشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى الدخول في عصيان مدني، بالجزائر، اعتبارا من الاثنين، إلى حين استجابة، الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، والتراجع عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة.
ويقول معارضون إن بوتفليقة لم يعد لائقا للنهوض بمهام الرئاسة، مشيرين إلى اعتلال صحته وما يقولون إنه انتشار للفساد وافتقار إلى الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لمعالجة مشكلة البطالة التي يتجاوز معدلها 25 في المئة بين الأشخاص دون الثلاثين من العمر.
لكن محللين يقولون إن الحركة الاحتجاجية تفتقر لقيادة وتنظيم في بلد ما زال يهيمن عليه المحاربون القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عن فرنسا في الفترة من عام 1954 حتى عام 1962.
ودعت المعارضة الجزائرية، التي تعاني عادة من الضعف والانقسام، إضافة إلى جماعات المجتمع المدني لمزيد من الاحتجاجات إذا ترشح بوتفليقة.
وسعت الحكومة لاستغلال مخاوف الجزائريين من العودة إلى إراقة الدماء في التسعينات عندما قتل نحو 200 ألف شخص بعد ما حمل الإسلاميون السلاح إثر إلغاء الجيش انتخابات كانوا على وشك الفوز فيها.
لكن موجة الاحتجاجات الجديدة اتسمت بالسلمية باستثناء يوم الجمعة عندما أسفرت اشتباكات مع الشرطة عن إصابة 183 شخصا.
واحتشد آلاف الطلاب داخل عدد من الكليات الجامعية التي يقع إحداها قرب المجلس الدستوري حيث يقدم المرشحون للانتخابات الرئاسية أوراقهم، ورددوا هتافات تقول "لا للعهدة الخامسة".
وبحلول منتصف ليلة الأحد الإثنين، تقدّم 15 مرشحا محتملا، بينهم بوتفليقة، لانتخابات الرئاسة الجزائرية بعد انتهاء الآجال القانونية للترشح.
فإلى جانب بوتفليقة يعد اللواء المتقاعد علي غديري ثاني شخصية لها حضور في الساحة السياسية بالبلاد تقدم ملف ترشحها.
وهناك أيضا رئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد، الذي سبق أن نافس بوتفليقة على الرئاسة في العام 2014، لكنه حل في المركز الثالث بـ3 بالمائة من الأصوات.
كما ضمت قائمة المرشحين المحتملين الوزير الأسبق عبد القادر بن قرينة وهو رئيس حركة "البناء الوطني" (إسلامي)، ورئيس "جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة" أحمد قوراية، ورئيس حزب "عهد 54" علي فوزي رباعين.
كذلك، ترشح كل من رئيس "حركة الانفتاح" عمر بوعشة، ورئيس حزب "النصر الوطني" عدول محفوظ، ورئيس حزب "التجمع" الجزائري علي زغدود، والسياسي رشيد نكاز المقيم في فرنسا.
كما تضمنت القائمة مترشحين مستقلين آخرين هم المحامي محسن عمارة وعلي سكوري ومحمد بوفراش وعبد الشفيق صنهاجي وعبد الحكيم حمادي.
وسابقا، أعلنت أبرز قيادات المعارضة انسحابها من السباق على غرار رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس الذي أكد في تدوينة على صفحته الرسمية بفايسبوك "مكاني ليس في الميدان الانتخابي بل في الميدان مع إخواني للتصدي لتمادي القوى الغير دستورية في ترشيح خرافي لعهدة خرافية تأتي علينا بالعار والخزي"، مضيفا "لقد نطق الشعب و قال كلمته - الكلمة الفصل- و لم يكن في وسعي سوى أن أتشرف بالإصغاء إليه و بالامتثال لأمره".
وتابع "إن إجراء الانتخابات الرئاسية في الظروف الحالية وطبقا للشروط التي أملتها قوى غير دستورية لا مسؤولة قد فقدت كلية معناها وعلة وجودها"، مضيفا "لقد استرجع الشعب الجزائري حقه كاملا في تقرير مصيره وسيطرته على زمام أموره".
ومن أبرز المنسحبين أيضا من السباق الانتخابي، عبد الرزاق مقري رئيس حركة "مجتمع السلم"، ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال و"انحيازها للحراك الشعبي ضد الولاية الخامسة".
وقد فشلت المعارضة بذلك في الاتفاق على مرشح واحد مما يجعل قيامها بحملة مهمة شاقة في بلد يهيمن عليه منذ الاستقلال حزب واحد هو حزب جبهة التحرير الوطني.
وكان العديد من الجزائريين يتجنبون النشاط السياسي على مدى سنوات خوفا من التعرض للأذى من جانب أجهزة الأمن أو بسبب اليأس من إمكانية تغيير القيادة في البلاد.
وبعد تمرد إسلامي استمر عشر سنوات وتمكن بوتفليقة من القضاء عليه في فترة حكمه الأولى أصبح الجزائريون يتحملون نظاما سياسيا لا يترك مساحة تذكر للاختلاف كثمن يدفعونه مقابل الأمن والاستقرار النسبيين.
للمزيد اقرأ:
رئاسيات الجزائر.. رموز جديدة للمعارضة تقلب الطاولة على التقليديين