بوادر تسوية جديدة لتفادي ضغوط الإسلاميين على الحكومة الكويتية

تهديدات الإسلاميين باستجواب وزير الداخلية تحت قبة البرلمان وإسقاط مشروع مدينة الحرير.
الاثنين 2019/03/25
استدامة الضغوط على أعصاب السلطة

الكويت - تتوقّع مصادر سياسية كويتية أن يعاد قريبا فتح ملفّ ما يُعرف بقضيّة “دخول المجلس” بعد أن فصل فيها القضاء الكويتي بشكل نهائي، وتمّ ضمنها إقرار حكم بالسجن على نائبين إسلاميين أُسقطت عضويتهما في مجلس الأمّة (البرلمان)، وأصبحا مطلوبين لقضاء العقوبة مع عدد آخر من المدانين في نفس القضيّة المتعلّقة باقتحام مبنى المجلس سنة 2011، ضمن موجة احتجاجات كانت شهدتها الكويت في تلك السنة.

والطريقة الوحيدة لإعادة فتح القضية، ومن ثمّ إقفالها بشكل نهائي، هو صدور عفو من أمير البلاد على المدانين بموجب الحقّ الممنوح له في المادةّ الخامسة والسبعين من الدستور الكويتي.

واستندت المصادر في توقّعها إلى طلب العفو الذي توجّه به النائب السابق وليد الطبطبائي المنتمي إلى التيار السلفي والمحكوم عليه إلى جانب النائب السابق الإخواني جمعان الحربش، بالسجن مدة ثلاث سنوات وستة أشهر في قضية اقتحام مجلس الأمّة، علما أنّ الطبطبائي والحربش مقيمان حاليا خارج الكويت.

وفي تغريدة على تويتر تحدّث فيها الطبطبائي بصيغة الجمع، ما يعني أنّه يطلب العفو لجميع المدانين في القضية بمن فيهم الحربش، قال النائب السابق “إننا نلتمس من صاحب السمو العفو عن المحكومين في قضية دخول مجلس الأمة”، وأضاف “نحن أبرياء من التهمة لذا نلتمس من صاحب السمو، حفظه ﷲ، وهو والد الجميع ورمز البلاد، أن يتكرم بإصدار عفو خاص عن جميع المحكومين في قضية دخول المجلس، لرفع الظلم الواقع عليهم، وهذا ليس بغريب على سمو الأمير والذي وصلت أياديه البيضاء إلى شتى دول وشعوب العالم فكيف بأبنائه الذين يكنّون له الاحترام والتقدير”.

ورغم أنّ الإسلاميين في الكويت، من إخوان وسلفيين، عجزوا عن استرجاع مقعدي الطبطبائي والحربش في مجلس الأمّة من خلال الانتخابات التكميلية التي أجريت مؤخّرا وفاز فيها مستقّلان، إلاّ أنّ هؤلاء ما يزالون يمتلكون أوراق ضغط كثيرة على حكومة الشيخ جابر المبارك الصباح سواء عبر نوّابهم في المجلس، أو عبر العديد من المؤسسّات الأخرى التي تغلغلوا فيها على مدى العقود الماضية.

عفو متوقع على النائبين السابقين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي المحكوم عليهما بالسجن في قضية اقتحام مجلس الأمة

وأشدّ ما تخشاه الحكومات الكويتية هو تحريك آلية الاستجوابات لأعضائها تحت قبّة مجلس النواب، وهي الآلية التي كانت في الكثير من الأحيان مصدر خلافات حادّة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وسببا في حلّ الحكومات وإبطال البرلمانات.

ويرصد مطّلعون على الشأن الكويتي وجود توجّه جديد لدى أعلى هرم السلطة في الكويت نحو تفادي تلك الخلافات والحفاظ على حدّ أدنى من الاستقرار الحكومي الضروري لمواجهة التعقيدات سواء منها الاقتصادية متمثّلة بتذبذب أسعار النفط وما يستتبع ذلك من تعقيدات اجتماعية، أو الأمنية المرتبطة بالأوضاع في الإقليم.

ويقول هؤلاء إنّ لجوء السلطة إلى التفاهمات لتبريد الأجواء السياسية، هو الوسيلة المثالية المتاحة لتفادي الخلافات، لاسيما مع الإسلاميين، الذين برعوا في لعبة المراوحة بين الضغوط والمهادنة بحسب المراحل والظروف، سعيا لتحقيق أهدافهم السياسية الأشمل.

وعمليّا دخلت السلطة في الكويت في مرحلة تسويات يتوّقع أن يتوسّع مداها ليشمل عفوا على المدانين في قضية دخول مجلس الأمّة، بعد أن تمت الاستجابة مؤخّرا لمطلب إعادة الجنسية للمعارض سعد العجمي بعد حوالي خمس سنوات من قرار سحبها منه، بحجّة أنّه يحمل جنسية بلد آخر.

وقال مصدر سياسي كويتي إنّ عفوا محتملا على الطبطبائي والحربش، يبدو حلاّ مثاليا في الوقت الراهن، مشيرا إلى التزامن بين طلب العفو الذي تقدّم به الطبطبائي، والتهديد باستجواب وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح.

Thumbnail

ومن اللافت أنّ صاحب التهديد بالاستجواب ليس سوى النائب السلفي محمّد هايف الذي كان قد دخل في سجال حادّ مع رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم إثر إسقاط عضوية الطبطبائي والحربش من المجلس، حيث لم يتردّد هايف في التعبير عن غضبه من عدم إتمام ما قال إنّه اتفاق حكومي نيابي سابق على إصدار عفو خاص على النائبين، وكذلك إعادة الجنسية الكويتية لعدد من الأشخاص، مشيرا آنذاك بوضوح إلى أنّ الأمر يتعلّق بصفقة، وأنّ المقابل الذي سيقدّمه النواب هو “التهدئة مع رئيس
الوزراء”.

وهدّد هايف بأنّ استجوابه المزمع لوزير الداخلية سيكون “دسما ومن العيار الثقيل”. ومع أن التهديد باستجواب وزير من الأسرة الحاكمة له وقع سياسي خاصّ في الكويت، إلاّ أن أشدّ الضغوط التي تتعرّض لها الحكومة الكويتية في الوقت الحالي تتعلّق بأضخم مشروع اقتصادي تطمح الكويت إلى تحقيق نقلة نوعية من خلاله، وهو مشروع تطوير المنطقة الشمالية وإنشاء مدينة تحت مسمّى مدينة الحرير، إشارة إلى صلة المشروع بالتعاون الاقتصادي الكويتي الصيني ضمن مشروع طريق الحرير الجديد الذي تروّج له بكين.

ويهدّد نواب بمجلس الأمّة بإسقاط المشروع الذي يتبنّاه بشكل أساسي نجل أمير البلاد، الشيخ ناصر الصباح وزير الدفاع النائب الأوّل لرئيس الوزراء.

وتبدو ملامح الإسلاميين بالغة الوضوح في الضغوط المسلّطة على الشيخ ناصر بشأن المشروع، من خلال الهجوم عليه من زاوية “أخلاقية” حيث يرفض نواب المضي في مشروع يتضمّن حسب رأيهم “مساسا بالثوابت”، ويحتوي على مراقص وخمّارات، بحسب مع عبّر عنه هؤلاء.

3