بوادر انفراجة في الأزمة التونسية

تونس - اجتمع الرئيس التونسي قيس سعيّد الثلاثاء مع رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي ورؤساء حكومات سابقين لبحث الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وتمحور اللقاء حول كيفية الخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس، دون التعرّض إلى تشخيص الأوضاع التي يتفق حولها الجميع، من خلال مناقشة الأسباب التي أدّت إلى هذا الوضع وإلى سبل تجاوزه، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية.
ويعتبر هذا أول اجتماع لسعيّد مع المشيشي بوصفه رئيسا للحكومة منذ أزمة التعديلات الوزارية المثيرة للجدل، حيث سبق وأن اجتمع به قبل أيام بصفته وزيرا للداخلية بالنيابة.
وحضر الاجتماع كل من علي العريض ويوسف الشاهد وإلياس الفخفاخ، وتغيب عنه مهدي جمعة وحمادي الجبالي لوجودهما خارج تونس، في حين لم يحضر الحبيب الصيد لأسباب صحية.
وأكدت الرئاسة أن توجيه الدعوة لم يتم بناء على الانتماء الحزبي، بل باعتبار التجربة التي مرّ بها المسؤولون المذكورون.
وجدّد الرئيس سعيّد موقفه الرافض للحوار على شكل ما حصل في السابق، وركّز على ضرورة إدخال إصلاحات سياسية بعد أن أثبتت التجربة أن التنظيم السياسي الحالي وطريقة الاقتراع المعتمدة أدّيا إلى الانقسام وتعطّل السير العادي لدواليب الدولة.
ويطالب سعيّد بتعديل نظام الحكم البرلماني الذي تعتمده تونس منذ العام 2014 إلى رئاسي، حيث يعتبره السبب في بلوغ البلاد هذا الحدّ من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحادة.
وتعرّض سعيّد أيضا لعدد من الإخلالات والتجاوزات القانونية والأخلاقية، وركّز في هذا الخصوص على أن الحصانة لا يمكن أن تكون أداة لتجاوز القانون، بل هي أداة لضمان استقلالية من يتمتع بها، في إشارة إلى مطالب رفع الحصانة التي وردت على البرلمان بشأن عدد من النواب الملاحقين قضائيا بتهم مختلفة، وعدم نظر المؤسسة التشريعية في هذه المطالب.
وخلال اللقاء تم الاتفاق على بلورة تصوّر جديد يقوم على إدخال إصلاحات سياسية جوهرية، ومن بينها القانون الانتخابي إلى جانب بعض الأحكام الواردة في نصّ الدستور.
ومن المنتظر عقد اجتماع ثان مجدّدا في أقرب الآجال حتى يقدّم كلّ مشارك تصوّره للحلول، إلى جانب إمكانية تشريك أطراف أخرى شرط أن يكون العمل نابعا من تصوّرات وطنية لا من اعتبارات ظرفية أو حسابات سياسية ضيّقة.
ويأتي هذا الاجتماع عقب ما صرّح به الرئيس التونسي الجمعة الماضي حول وجود بوادر للحوار، بعد استقباله الأمين العام للاتحاد العام التونسي الشغل نورالدين الطبوبي، وهو نفس ما أكده رئيس المنظمة الشغيلة عن وجود انفراج وأخبار إيجابية في الأيام القليلة القادمة.
ويبدو أن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل لتنظيم حوار وطني لإنقاذ البلاد في طريقها إلى التجسيد على أرض الواقع، بعد مرور أكثر من 6 أشهر على تقديمها إلى الرئيس سعيّد.
وبالتزامن مع اجتماع سعيّد برؤساء الحكومات أكد راشد الغنوشي رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإسلامية قبوله إشراف رئيس الجمهورية على الحوار الوطني.
وقال الغنوشي "نحن ننتظر الدخول في تفاصيل وشروط ومرتكزات هذا الحوار على اعتباره الحل الوحيد لحل مشكلات تونس"، مشددا على أن حركة النهضة "تتمسك بالحوار وترفض الإقصاء على اعتبار أنها كانت لمدة طويلة ضحية الإقصاء، ولذلك فهي تدعو إلى حوار لا يقصي أحدا، وبالتالي ضرورة مشاركة كل التونسيين".
ويتعارض قبول الغنوشي المشروط للحوار مع توجه سعيّد الذي كرر في أكثر من مناسبة أنه لن يتحاور مع من أسماهم بـ"اللصوص".
وتمر تونس بأزمة سياسية إثر الخلافات بين الرئيس سعيّد ورئيس الحكومة المشيشي، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير الماضي.
ورغم مصادقة البرلمان على التعديل، إلا أن سعيّد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.
وتشهد تونس منذ أسبوع موجة احتجاجات شعبية بدأت في حي سيدي حسين الشعبي بسبب "تعنيف" قوات الأمن لشاب تونسي، لتتوسع إلى حي الانطلاقة وحي التضامن بالضواحي الغربية للعاصمة.