بوادر إيجابية لمراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي

حملت تصريحات دييغو ميلادو باسكوا، سفير الاتحاد الأوروبي الجديد بالجزائر مؤشرات إيجابية، تهدف إلى مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي المبرم منذ العام 2002، بالموازاة مع تحقيق مبدأ توازن المصالح بين الطرفين.
الجزائر- صرح سفير الاتحاد الأوروبي الجديد بالجزائر العاصمة، أن هناك جانبا جيوسياسيا في تعريف الروابط بين الاتحاد الأوروبي وجيرانه، وهي إشارة إلى استعداد الاتحاد لمراجعة اتفاق الشراكة المبرم بين الطرفين، في ظل إلحاح الجزائر من أجل ما تراه توازن المصالح بين الطرفين، بينما يركز الأوروبيون على ما وصفوه، بـ”الجغرافيا السياسية” و”السياق العالمي الجديد.”
وألمح السفير الأوروبي بالجزائر دييغو ميلادو باسكوا، إلى استعداد التكتل لمراجعة اتفاق الشراكة المبرم مع الجزائر العام 2002، ودخوله حيز التنفيذ بعد ثلاث سنوات بعد ذلك، وذلك بناء على طلب الجزائر، التي باتت تلح على ضرورة مراجعة الاتفاق من أجل مراجعة الإخلالات المسجلة.
ولم تستبعد مصادر مختصة أن يكون ذلك بداية من العام القادم، في إطار ما أسماه السفير الأوروبي في تصريحه، بـ”الجغرافيا السياسية” و”السياق العالمي الجديد” وهي مفردات تحمل العديد من التصورات، على غرار الطاقة والهجرة السرية والمناخ.. وغيرها.
وتذكر بيانات جزائرية أن اتفاق الشراكة كبدها خسائر قدرت بـ30 مليار دولار طيلة العقدين الماضيين، نتيجة بند التفكيك الجمركي، وغياب صادرات منها نحو الوجهة الأوروبية، ما عدا النفط والغاز، كما أن الجزائر غير راضية عن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والتي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2005. ومنذ عدة سنوات، ارتفعت الأصوات للمطالبة بمراجعتها.
الجزائر غير راضية عن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ومنذ عدة سنوات ترتفع الأصوات مطالبة بمراجعتها
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، قد طالب صراحة في تصريح لوسائل إعلام محلية، بمراجعة اتفاق الشراكة، من أجل “حماية مصالح الطرفين وتحقيق الفائدة للجميع”.
ويوجز مختصون أسباب التوجه الجديد، في اختلال التوازن التجاري مع وجود ميزان تجاري غير موات للغاية للجزائر باستثناء المحروقات، مع الأخذ بعين الاعتبار قلة الاستثمارات الأوروبية منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
وأوضح الرئيس عبدالمجيد تبون، في مقابلة صحفية عقدها منذ بضعة أسابيع، أن “مساهمة الصناعة في الدخل الوطني في ذلك الوقت كانت بالكاد تتجاوز 3 بالمائة وكنا نستورد المنتجات الزراعية دون تصديرها.”
وأضاف:” بعبارة أخرى، لم تكن للجزائر في ذلك الوقت قدرات تصديرية، لكن الوضع تغير الآن، فالجزائر الآن تنتج وتصدر مجموعة واسعة من المنتجات المصنعة والأجهزة المنزلية.. وغيرها.”
وشدد على أنه،” اليوم ندعو إلى إعادة النظر، لأن جوهر الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يقوم على التجارة الحرة، ونريد أن نفعل ذلك بروح ودية دون الدخول في صراع.”
وأمام هذا الطلب، فإن الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول للجزائر والمستثمر الأجنبي الأول والمستورد الأول للغاز الجزائري، لا يرى أي موانع واضحة ما دامت هذه المراجعة مدمجة في رؤية أكثر عالمية مع مراعاة ما أسماه سفيره، “السياق العالمي” و”الجغرافيا السياسية.”
وقال دييغو ميلادو باسكوا، في العاصمة الجزائرية، إن “هناك جانبا جيوسياسيا في تعريف الروابط بين الاتحاد الأوروبي وجيرانه.” وأوضح أنه “مع الجزائر، نريد أن ننظر إلى العلاقات في مجملها، في إطار السياق والجغرافيا السياسية اللذين يؤثران على علاقاتنا.”
ويندرج هذا النهج في إطار ميثاق جديد لمنطقة البحر الأبيض المتوسط يعتزم الاتحاد الأوروبي إعادة تعريفه، والذي قرر قبل بضعة أيام تخصيص مفوض له، ومن هذا المنطلق، من المقرر إجراء ثلاث زيارات على الأقل لإجراء “مشاورات تقنية وتلقي المقترحات الجزائرية وخلق السياق السلمي اللازم.”
مسألة حركة الأشخاص يجب أن تكون جزءا من النقاش حول ميثاق عالمي، من خلال “إيجاد توازن، وإمكانية تحسين مساحات التداول، وليس فقط البضائع
وكان قد تم تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها خبراء أوروبيون قبل بضعة أيام إلى أجل غير مسمى، بسبب التعديل الحكومي في الجزائر، وكذلك التغييرات التي أجريت على رأس بعض هياكل الاتحاد الأوروبي.
وقال السفير الأوروبي، “نحن ننظر إلى العلاقة الشاملة، وبالطبع سنرى ما الذي يجب تحديثه في الاتفاقية، وأنه يمكننا إيجاد أرضية مشتركة ترضي الجميع.”
ووفق المتحدث، فان مسألة حركة الأشخاص يجب أن تكون جزءا من النقاش حول ميثاق عالمي، من خلال “إيجاد توازن، وإمكانية تحسين مساحات التداول، وليس فقط البضائع، لأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى القوى العاملة، وعلينا أن ننظر إلى مصالح الجانبين، إنها مسألة ستكون مطروحة على الطاولة.”
وإدراكا لإمكانات الجزائر ومراعاة للإصلاحات الاقتصادية المنجزة، وكذلك التطورات المسجلة خاصة في مجال الصناعة، أكد دييغو ميلادو على ضرورة انضمام الجزائر إلى السوق الأوروبية، حيث أوضح، بأن “الإمكانات هائلة في الجزائر. يجب أن تكون موجودة في أوروبا. يجب أن يشمل استخدام السوق الأوروبية.”
وتعتبر الطاقة أكبر جوانب التبادل بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، ولذلك يظل مركزا على ما يسميه، بـ”الصفقة الخضراء” في قلب إستراتيجيته، ويرحب بشراكة أكثر استدامة للجزائر لصالح الطاقة المتجددة.
وفي هذا الشأن أوضح السفير الأوروبي، بأنه “يجب على الجزائر أن تثمن طاقتها من الغاز.. هناك اهتمام أوروبي بالطاقة المتجددة، ويمكننا جلب الأفكار والاستثمارات، نحن نريد شراكة قوية في مجال الطاقة من خلال التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة، وأن هدف الاتحاد الأوروبي هو خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى 55 في المئة بحلول عام 2035.. هدفنا هو إزالة الكربون. نحن لا نزال عميلا موثوقا به للجزائر.”