"بوابة النقوش العربية" متحف إلكتروني لتراث مشترك

صار لزاما على المؤسسات التي تسعى للحفاظ على التراث الاستعانة بالوسائل الرقمية، التي لا تساهم في حفظ هذا التراث فحسب، بل وفي الترويج له وتسهيل تداوله، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء بوابة رقمية للنقوش العربية، إذ تسهم في تخزين هذه العناصر التراثية وتسهيل الولوج إليها.
ريم الهاجري
أبوظبي- وقعت الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان السفيرة فوق العادة للثقافة العربية لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، ووزارة الثقافة والشباب الإماراتية، ومنظمة “الألكسو”، اتفاقية تعاون لجمع أهم مكتشفات النقوش الكتابية في الوطن العربي بهدف إثراء وتوسيع مشروع موقع “بوابة النقوش العربية”.
وتأتي الاتفاقية، التي تم توقيعها افتراضيا، تنفيذا لقرار الدورة الـ22 من مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي الذي استضافته الإمارات، والخاص بالمشروع الثقافي العربي المشترك وتحديدا الجزء المتعلق بمشروع إثراء بوابة النقوش العربية التي أسستها الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان، ودشنها الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش في أبريل 2021.
رقمنة المحتوى
نظرا إلى أهمية هذا المشروع في توثيق أحد مكونات التراث الثقافي بالبلدان العربية وإتاحته لكل الدارسين والباحثين والمهتمين بهذا الصنف من التراث المكتوب، تم الاتفاق على إثراء البوابة من قبل جميع الدول العربية ممثلة في وزارات الثقافة والسياحة التابعة لها.
وتسعى الاتفاقية بالتعاون بين المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم واللجنة الوطنية الإماراتية للتربية والثقافة والعلوم لدعم وإثراء موقع “بوابة التقوش العربية”، الذي يعد أحد أهم المواقع الإلكترونية في المنطقة العربية، المعني في الحفاظ على أبرز وجوه التراث الثقافي العربي وهي النقوش والكتابات الصخرية من مختلف البلاد العربية، ودعوة خبراء من الدول العربية لإثراء الموقع بالمزيد من المعلومات ذات الصلة.
وقال الباحث محمد ولد أعمر مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” خلال توقيع الاتفاقية موجها خلالها دعوة لدول الوطن العربي “أغتنم هذه الفرصة لتوجيه الدعوة إلى كل البلدان العربية للتعاون مع الفريق التنفيذي لهذه الاتفاقية لما لها من أهمية في توثيق أحد مكونات التراث الثقافي بالبلدان العربية وإتاحته لكل الدارسين والباحثين والمهتمين بهذا النوع من التراث المكتوب”.
وأضاف “أتقدم بجزيل الشكر إلى دولة الإمارات مُمثلة في وزارة الثقافة والشباب والشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان سفيرة الألكسو فوق العادة للثقافة العربية على دعمها المتواصل للمنظمة”.
وتابع أن توقيع هذه الاتفاقية خير دليل على استمرارية هذا التعاون ونجاعته، وعلى التفاعل الإيجابي والبناء وما تم توفيره من دعم، وهو ما من شأنه أن يدعم العمل العربي المشترك ويساعد المنظمة على أداء رسالتها إزاء كل الدول العربية دون استثناء، لافتا إلى أن الاتفاقية الخاصة بتطوير وإثراء بوابة النقوش العربية جاءت ضمن تنفيذ قرارات الدورة الـ22 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، ومواصلة تنفيذ أنشطة سفيرة الألكسو فوق العادة للثقافة العربية.
الحضارة العربية مشبعة بمخزون كبير من المعارف والعلوم وكنوز الفكر التي يجب الاهتمام بها وصونها بجهود أكبر
وقال مبارك الناخي وكيل وزارة الثقافة والشباب، بهذه المناسبة “يمتلك تاريخنا العربي العديد من العناصر الفريدة والعريقة، فحضارتنا مشبعة بمخزون كبير من المعارف والعلوم وكنوز الفكر التي يجب الاهتمام بها وصونها وبذل المزيد من الجهود من أجل المحافظة عليها باعتبارها الثروة الأهم التي نملكها”.
وتابع “تكمن أهمية الموقع في كونه بنكا للمعلومات يقدم للدارسين والباحثين فرصة مثالية للاطلاع على قاعدة بيانات متكاملة من النقوش الصخرية ذات الأهمية الكبيرة في مجال تمكين اللغة العربية واللغات القديمة، فهذه النقوش تأتي بمثابة السجل التاريخي والتوثيقي الخالد لهويتنا وانتمائنا العربي، ومرجعا تاريخيا للغتنا العربية”.
وأضاف “تترجم هذه الاتفاقية سعي الوزارة لحث جميع الأطراف المعنية لبذل المزيد من الجهود من أجل تعزيز رقمنة المحتوى العربي والحفاظ على هذا الإرث الضخم عبر منصات تصونها وتحافظ عليها من الضياع والتشتت وتسهم في رفع المستوى المعرفي بها سواء للجمهور أو الدارسين على حد السواء”.
وثمّن الباحث محمد الكحلاوي رئيس المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب هذا المشروع الكبير “بوابة النقوش العربية” الذي يحفظ للأمة العربية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ويحميها من عوامل التعرية والعامل البشري، مضيفا أن لهذه النقوش أهمية لحاضر الأمة العربية فهي دلالة مادية واضحة على وحدة الأمة العربية فالأمر لا يتعلق بجمع النقوش فقط بل بالتحليل أيضا، أما المستقبل فيقصد به الحفاظ على الهوية العربية.
بنك للمعلومات
أكد الكحلاوي أن مشروع بوابة النقوش العربية الذي انطلقت به سفيرة الثقافة العربية، نالت به قصب السبق وأصبح اليوم له واقع ملموس وله مكانته على المستوى العربي وأمام الباحثين العرب ليتنافسوا ويتسابقوا في ضوء الجوائز التي أطلقتها منذ تأسيس الموقع لتحفيز شباب الآثاريين العرب على جمع هذا التراث المفقود.
وأضاف “هناك بعض التوصيات عند بداية العمل وهو استبعاد النقوش التي سبق نشرها والعمل على جمع النقوش من البلدان المهددة بالخطر والتي تشهد صراعات مسلحة والعمل على دراسة كافة النقوش من الناحية التحليلية ومعرفة ما بها من دلالات ومضامين لأنها ستكشف العديد وتصوب الكثير من المعلومات التاريخية والحضارية وتكشف عن المكانة التي كانت عليها الحضارة العربية في أقطارها المختلفة”.
وتعد “بوابة النقوش العربية” بنكا للمعلومات ومكتبة ومتحفا إلكترونيا موثقا ومتخصصا يضم أكثر من 300 نقش من أهم وأبرز المكتشفات التاريخية الخاصة بالنقوش الكتابية التي وجدت محفورة على الأحجار والصخور وأشرف على اكتشافها نخبة من العلماء والباحثين من الإمارات ومعظم دول الوطن العربي، ويتيح فرصة التعرف على الإرث الثقافي الضخم الذي يعكس الهوية الحضارية العربية.
ويقدم الموقع تجربة تفاعلية افتراضية للزوار حيث يحظى المتصفح بفرصة التجول في معرض افتراضي ثلاثي الأبعاد يتيح للزائر مشاهدة مجموعة من النقوش المنتقاة من ألبوم نقوش الموقع، وذلك بأسلوب تفاعلي باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي المعزز.
والموقع يعد مكانا واحدا متميزا لكل المهتمين والباحثين في علم الكتابات والنقوش الصخرية العربية، وسيمكنهم من الاطلاع على صور عالية الجودة لأهم النقوش (المناظر والكتابات)، بالإضافة إلى الرسم الخطي لتسهيل عملية الاطلاع والقراءة لتلك النقوش وذلك بطريقة سهلة وتفاعلية. كما يتيح فرصة للاطلاع على معلومات عن طبيعة الأماكن التي عثر فيها على هذه النقوش.
وقد تم رفد البوابة بمجموعة جديدة من النقوش العربية للباحثين الفائزين بجوائز المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب في مجال النقوش والكتابات العربية على الصخور، والمقدمة من الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان خلال المؤتمرالدولي للمجلس العربي على مدار دورتين متتاليتين، وهي أول جائزة بالمجلس وعلى مستوى الدول العربية في تخصص النقوش والكتابات العربية على الصخور والأحجار، وتهدف هذه الجوائز إلى تشجيع الباحثين على أعمال المسح الميدانى لمواقع النقوش الصخرية في أي مكان في بلدان العالم العربى، ورصد وجمع أهم الاكتشافات الخاصة بالنقوش والكتابات العربية على الصخور والأحجار.