بهيجة سيمو: السينما بديل من أجل تنمية المناطق الجبلية بالمغرب

أزيلال (المغرب) - أبرزت بهيجة سيمو رئيسة المهرجان الدولي لسينما الجبل ولمؤسسة صوت الجبل للمحافظة على الثراث والتنمية المستدامة أن السينما يمكن أن تشكل بديلا من أجل تنمية المناطق الجبلية.
وتوقفت بهيجة سيمو عند أهداف تنظيم الدورة الثانية من هذا المهرجان بأوزود، ولاسيما الترويج للمنطقة كوجهة قوية للسياحة الوطنية وتحقيق التنمية بهذه القرية.
ويعتبر تنظيم مهرجان للسينما سابقة في تاريخ قرية أوزود، وعن سر اختيار هذه المنطقة لتستضيف حدثا فنيا مهما، قالت سيمو إن تنظيم مهرجان بقلب جبال الأطلس وفي قرية أوزود يأتي استجابة لرغبة العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يضع الثقافة في صلب اهتماماته ويعمل على تقريب المعرفة من المواطنين إيمانا بأن الثقافة حق لكل مواطن حيثما تواجد.
وفي هذا السياق، قامت مؤسسة صوت الجبل للمحافظة على التراث والتنمية المستدامة بتأسيس متحف وكذلك مكتبة شخصية عبارة عن 3600 مجلد مهداة لسكان هذه المنطقة، بقصد تربية الجيل الصاعد على القراءة وحب الكتاب. ولذلك، وللنهوض بالمعرفة بهذه المنطقة الجبلية، تم التفكير في تأسيس مهرجان سينمائي يهتم بسينما الجبل.
الهدف من هذه المبادرة إدماج جهة بني ملال-خنيفرة، وخاصة إقليم أزيلال، في ديناميكية إيجابية باستخدام السينما كرافعة اقتصادية
لماذا الجبل بالذات؟ تجيب رئيسة المهرجان أنه “حينما نقول الجبل نعبر عن الرغبة في الانتقال من المكتوب الأكاديمي إلى الصورة وإلى الكتابة المرئية التي تتذوقها أكثر هذه الأجيال. والطموح أن يتحول هذا الجبل من فضاء جغرافي إلى التعريف به كفضاء للتراث المادي واللامادي، وكذا جلب الاستثمارات لهذه المنطقة. السينما تعد وثيقة، ووسيلة للترويج، وتجارة، وصناعة، ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إذن من هذا المنظور، أردنا أن نساهم في تحويل المنطقة بالخروج من مجتمع زراعي ضيق يعتمد على التساقطات لاسيما في ظل الأزمة المائية الحالية التي تعاني منها كافة بلدان المعمور لنجد بدائل للتنمية القروية”.
وأوضحت سيمو أن “الجبل ظل شبه مغيب في الإنتاج السينمائي المغربي، ومنذ السنة الماضية أي منذ الدورة الأولى من المهرجان، أصبحت بعض معالم عوالم النجاح تظهر، منها حضور ضيوف من 14 بلدا من أفريقيا وآسيا وأوروبا وبلدان أخرى”.
ورأت أنه “من معالم نجاح المهرجان أنه نظم في الجبل، وأنه أعطى ثماره شهرين بعد انقضاء الدورة الأولى، حيث أصبح هناك إنتاج سينمائي محلي مثل فيلم ’باب الخير’ الذي أنتج في إحدى دور الضيافة بأوزود، وفيلم ’بابا علي’ الناطق باللهجة الأمازيغية. وحاليا، ستستقبل أزيلال إنتاجا ضخما حول شخصية بارزة في التاريخ المعاصر الذي هو أحمد الحنصالي، فضلا عن إنتاج مرتقب لفيلم خاص حول التراث الجبلي يتحدث عن إملشيل”.
وكشفت أن “الدورة الأولى كان من نتائجها أيضا أن قرر المركز السينمائي المغربي مد المؤسسة بدعم لبناء قاعتين سينمائيتين في المنطقة الجبلية، قاعة أولى كبيرة بسعة 150 مقعدا وأخرى من أجل تكوين الشباب على الفن السابع وعلى الانخراط في الإنتاج السينمائي”.
وفي تصورها لكيفية إسهام مهرجان كهذا في تنمية منطقة يغلب عليها الطابع الجبلي، قالت رئيسة المهرجان إن “بوادر هذا المهرجان السينمائي جاءت أولا بالانخراط المحلي في استقبال المشاركين سواء بالفنادق أو دور الضيافة، مما روج للإنتاج المحلي بدء من التجار وصولا إلى الفرق الفلكلورية بفعل تكاثر الزوار. ومن بوادر تنمية المنطقة، توقيع اتفاقية مع الوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة لتكوين حاملي شهادة الباكالوريا بالمنطقة على المهن الرقمية من أجل المساهمة في رقمنة هذا التراث وتوفير فرص للشغل في وقت يحتاج المنتج السينمائي او المخرج لتقنيين ولشباب مؤهل”.
تكريم المخرج محمد عبدالرحمن التازي والممثلة نعيمة المشرقي والسيناريست والفاعل في مجال السينما الأمازيغية، أحمد نتاما، اعترافا بعطائهم ومسارهم الفني المميز في الفن السابع المغربي
وتابعت “لقد لاحظنا التحول الذي طرأ على المجتمع القروي بورزازات قبل أن تصبح بهذا الحجم. وذلك ما نصبو إليه لأنه إزاء ندرة المياه أصبح لزاما على المجتمعات القروية البحث عن بدائل للتنمية. ومن نتائج المهرجان ندوات من أجل التفكير في هذا الفضاء الجبلي، فصلت في علاقة السينما بالفلسفة وبالإبداع وبالوجدان المغربي، وأيضا في علاقة السينما بالتاريخ والتراث، وفي كيفية استغلال الفضاء وكيفية مساهمة السلطات المحلية في تسهيل مأمورية المنتج أو المخرج السينمائي”.
وجاء تنظيم النسخة الثانية من المهرجان الدولي لسينما الجبل التي انعقدت من 3 وحتى 7 سبتمبر الجاري في سياق يتسم بأزمة المياه التي تتطلب إعادة التفكير في حلول مبتكرة لضمان تدبير الموارد المائية، وكذا تحديد البدائل الإستراتيجية التي من شأنها تعزيز تنمية هذه المنطقة القروية.
وتعد هذه التظاهرة مناسبة لتقريب السينما من ساكنة المنطقة التي تتوفر على تراث غني لكن العرض الفني فيها يظل محدودا. واعتبر المنظمون، أن الهدف من هذه المبادرة يتمثل في إدماج جهة بني ملال-خنيفرة، وخاصة إقليم أزيلال، في ديناميكية إيجابية باستخدام السينما كرافعة اقتصادية.
وعرض المهرجان على مدى خمسة أيام برمجة غنية تضمنت مسابقة للأفلام المختارة ذات طابع كوني، تركز بشكل خاص على التيمات المرتبطة بالجبل وفضائه، وتستكشف، بحساسية عميقة، الروابط بين الإنسان والطبيعة، مع دعوتها الجمهور إلى التفكير في دورها في الحفاظ على بيئتها الطبيعية، وقدم عروضا سينمائية في الهواء الطلق بالساحة العامة لأوزود، وكذا ندوات ولقاءات من تنشيط مهنيي القطاع ومخرجين مرموقين.
وخلال هذه الدورة التي تُبَوِّئُ السينما الجبلية صدارة المشهد باعتبارها محفزا للتنمية، تم تكريم المخرج محمد عبدالرحمن التازي والممثلة نعيمة المشرقي والسيناريست والفاعل في مجال السينما الأمازيغية، أحمد نتاما، اعترافا بعطائهم ومسارهم الفني المميز في الفن السابع المغربي.