بنوك معلومات الرضع حل لمشكلات الأسر التي فقدت أبناءها

مجهول
مبادرات حقوقية لتعميم تحاليل الحمض النووي في الدول العربية، واستغلال الأطفال يزيد في غياب سبل علمية لحمايتهم.
الثلاثاء 2019/03/19
الشكوك تحتاج لحسم علمي

تلقى مبادرات إجراء تحليل الحمض النووي للأطفال المحرومين من الرعاية الأبوية في دور الرعاية أو المشرّدين في الشوارع، تأييدا مستمرا كحل عملي يساعد السلطات الأمنية في الكثير من الدول العربية على إعادة الأطفال والرضع المختطفين أو المفقودين إلى أحضان أسرهم مجددا.

تزداد أهمية تحاليل الحمض النووي يوما بعد يوم في ما يتعلق بضياع الأطفال أو جرائم الاختطاف خاصة بالنسبة للرضع منهم، وذلك بالتوازي مع زيادة الظواهر الاجتماعية المتعلقة بهذه الفئة من الأطفال الذين أبعدوا أو فقدوا عائلاتهم الأصلية حيث انتشرت ظواهر مثل الدفع بهم في أعمال التسول أو تشغيلهم في مهن جمع القمامة أو استخدامهم في الاتجار بالبشر أو تجارة الأعضاء، فتغير ملامحهم مع تقدمهم في العمر وتعرضهم لظروف قاسية في الشوارع يجعلان مهمة أسرهم في التعرف عليهم حال مشاهدتهم أمرا في غاية الصعوبة.

وشهدت العديد من المستشفيات في الدول العربية حوادث اختطاف للرضع حديثي الولادة في أعمار لا تتجاوز ثلاثة أيام من قبل متخصصين في الاتجار بالبشر أو الأعضاء. وفي حال تضييق الخناق الأمني على الخاطفين في الطرقات أو مصادفتهم لكمائن أمنية يلجأون إلى التخلص من الرضع بإلقائهم في أقرب مكان ليجد الأسعد حظا فيهم طريقه إلى دار رعاية وبعضهم يتم العثور عليه ميّتا.

ودشن ناشطون في حقوق الطفل مبادرات جديدة تجد رواجا متزايدا، تتعلق بتعميم تحاليل الحمض النووي “دي أن آي” على المواليد في المستشفيات والأطفال المشردين بالشوارع أو المتواجدين بدور الرعاية لتأسيس بنوك معلومات، يمكن الاستدلال عبرها عن المفقودين، ومساعدة الأسر في متابعة مصير أبنائها أولا بأول.

وتمتلئ الكثير من دور رعاية الأطفال برضع أحضرهم متطوعون عثروا عليهم بالصدفة في الطرقات، وأحيانا وسط أكوام القمامة. وتشي ماركات ملابسهم بانتمائهم إلى أسر غنية وإمكانية تعرضهم للاختطاف، وآخرون تم وضعهم أمام أبوابها على أمل أن يجتذب صراخهم بعض العاملين فيخرجون لإنقاذ حياتهم.

تعميم تحاليل الحمض النووي تساعد في تأسيس بنوك معلومات  يمكن  الاستدلال عبرها عن الأطفال المفقودين

وسجل المغرب خلال العام الماضي 55 واقعة اختطاف أطفال صغار. وضبطت السلطات أخيرا فتاة تتجول مع طفلة مختطفة لا تتجاوز 3 سنوات بالدار البيضاء، وفي التوقيت ذاته ضبط الأمن المصري متسولة بصحبتها أربعة أطفال جميعهم من المختطفين منذ عدة سنوات بالإسكندرية، وعممت صورهم أملا في تعرف أسرهم عليهم.

وخرجت مسيرة نسوية غاضبة في صنعاء مؤخرا، تنديدا بجرائم اختطاف الأطفال الصغار واضطرت بعض الأمهات إلى منع أطفالها من الذهاب إلى دور الحضانة أو المدارس الابتدائية، خوفا من وقوعهم في أيدي عصابات تشكلت في ظل الانفلات الأمني والاقتتال الداخلي.

وتقول أمل جودة، الناشطة في مجال حقوق الطفل، إن تحليل الحمض النووي هو محاولة في اتجاه مواجهة المآسي التي تمر بها الأسر، خاصة التي تعيش في أوضاع أمنية صعبة من اختطاف الأطفال من المستشفيات أو وحدات العناية بحديثي الولادة من أجل استغلالهم مستقبلا في أعمال التسول أو بيعهم للمحرومين من الإنجاب.

وتضيف جودة لـ”العرب”، أن المشكلة الأساسية التي تواجه المبادرات الجديدة تتعلق بالتكلفة المالية المرتفعة التي تصاحبها، والتي تقترب من 100 دولار للطفل الواحد، وعدم تحمّس الحكومات لتطبيقها، رغم أنها المستفيد الأول منها، لأن الأجهزة الأمنية تظل متهمة دائما في جرائم الأطفال.

ودشن ناشطون في بعض الدول العربية مبادرات بالحصول على بصمة قدم إجبارية لكل مولود جديد بالمستشفيات لإنشاء قاعدة معلومات تسهّل مواجهة ظاهرة الأطفال المشردين في الحروب أو المختطفين الذين يتم تهريبهم أو بيعهم للراغبين في التبني بدول أخرى، لكن واجهتها مشكلة التكلفة المالية المرتفعة أيضا.

وتتحمل دور الرعاية الرسمية مسؤولية استضافة الأطفال مجهولي النسب لقدرتها المالية الكبيرة والصعوبات التي تواجه المؤسسات الخاصة، وهي القادرة على توثيقهم رسميا، وغالبا ما يتم تمييزهم بشهادات ميلاد مختلفة عن المواليد الطبيعيين، ما يعرضهم للوصم المجتمعي طوال حياتهم.

وتشهد المنطقة العربية حملات تدعم تحاليل الحمض النووي لشجرة العائلة التي تجريها شركات أميركية، بهدف التأكيد على عراقة العائلات وجذورها وبناء خارطة حول انتشارها في الدول المجاورة، ما يؤكد وجود تقبل لإجراء ذلك النوع من التحاليل وتغيير الصورة الذهنية السلبية حوله.

Thumbnail

كما تأسست صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للمساعدة في العثور على الأطفال المفقودين تستهدف تداول صورهم والمشاركة في البحث عنهم، بجانب التقاط مقاطع للمتسولين الذين يستخدمون الصغار، كمتهمين محتملين باختطافهم.

ويقول أحمد عبدالعليم، الباحث في مجال حقوق الأطفال، إن منظمات المجتمع المدني يمكنها المساهمة في دعم أي مبادرات جديدة لحل مشكلات اختطاف الأطفال أو مجهولي النسب، بشرط أن تتقبل الحكومات وتقيم علاقة معها تتسم بالثقة المتبادلة.

وتظهر الصور المتداولة على صفحات البحث عن الأطفال المفقودين تركّز المشكلة في الأعمار التي تقل عن ثلاث سنوات لسهولة استدراجهم وعدم قدرتهم على الإدلاء بمعلومات عن أسمائهم أو أماكن أسرهم، ويتم غالبا استغلالهم في مكان بعيد عن محل إقامة الأسرة الأصلي.

وكشفت مبادرة “أطفال بلا مأوى”، التي تم تدشينها مؤخرا لإلحاق أطفال الشوارع في مصر بدور الرعاية، عن لجوء بعض العصابات إلى إحداث تشوهات وعاهات مستديمة في وجوه الأطفال الصغار لجعلهم أكثر إثارة للتعاطف أو الحؤول دون وصول أقاربهم إليهم أو إجبارهم على العمل في مهن قاسية وخطيرة.

ويضيف عبدالعليم لـ”العرب”، أن إنشاء قاعدة بيانات للأطفال المحرومين من الرعاية الأبوية، تشمل حوادث الاختطاف أو الاتجار أو الهجرة أو العيش في الشوارع أو النزوح، أو التجنيد أو العيش في مؤسسات الرعاية البديلة، وهو أمر ضروري للوصول إلى مؤشرات حول أعمارهم وأوضاعهم الصحية وتصنيفاتهم النوعية والعمرية بما يسهل تأهيلهم للاندماج في المجتمع أو إعادتهم إلى أسرهم الحقيقة.

ولا توجد إحصائيات عربية محلية حول الأطفال المحرومين من الرعاية الأبوية. وفي إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بلغ عددهم قرابة 300 ألف طفل، لكن العدد ربما يتضاعف مرات بسبب تداعيات الأوضاع الأمنية في دول مثل اليمن وليبيا والعراق وسوريا.

21