بنوك تونسية خاصة تعلق الإقراض طويل الأجل لحماية أرباحها

قانون تونسي يخفض تكاليف الاقتراض في خطوة قد تعقد حصول التونسيين على قروض الإسكان.
السبت 2025/04/12
البنوك تحقق أرباحا ضخمة وخدماتها مكلفة

تونس - ذكرت مصادر مصرفية لرويترز الجمعة أن بنوكا تونسية خاصة علقت منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عاما لتجنب تقلص أرباحها بسبب قانون جديد خفض تكاليف الاقتراض، وذلك في خطوة قد تعقد حصول التونسيين على قروض الإسكان.

وفرضت الحكومة هذا العام قواعد إقراض جديدة تسمح بخفض أسعار الفائدة 50 في المئة على بعض القروض ذات معدل الفائدة الثابت بهدف دعم الأسر في ظل أزمة اقتصادية خانقة.

وتأتي هذه الخطوة في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة مع تدهور القدرة الشرائية للتونسيين وتراجع الخدمات بشدة.

وقال مسؤول في بنك خاص لرويترز، لم تذكر هويته، “تلقينا تعليمات شفهية بوقف منح القروض ذات الفائدة الثابتة التي تتجاوز آجال استحقاقها 15 عاما.”

وأضاف أنه “من الواضح أن التعليمات كانت شفهية لتجنب أي أثر كتابي قد يدفع السلطات المالية إلى فرض عقوبات على البنوك.”

محمد سويلم: التونسيون سيواجهون صعوبة في الاقتراض السكني
محمد سويلم: التونسيون سيواجهون صعوبة في الاقتراض السكني

وأكد مسؤولان مصرفيان آخران القرار الشفهي لرويترز.

وقال أحدهما “الهدف هو تقليل المخاطر المالية الناجمة عن الإقراض منخفض التكلفة، مما يزيد الضغوط على البنوك وتوزيع الأرباح المتوقعة على المساهمين.”

وذكرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الشهر الماضي أن ربحية البنوك التونسية تواجه ضغوطا بسبب قواعد الإقراض الجديدة على القروض الثابتة التي تتجاوز فترة سدادها 15 عاما.

وتتوقع فيتش أن يؤدي هذا إلى إضعاف صافي الربح في أكبر عشرة بنوك بنحو 11 في المئة من صافي ربحها السنوي.

وينشط في البلاد حوالي 43 بنكا، تنقسم بين 23 بنكا مقيما، تتضمن مؤسسات حكومية وخاصة، وسبعة بنوك غير مقيمة و8 مؤسسات للإيجار المالي وبنكي أعمال وشركتين للدفع ومؤسستين لإدارة الديون.

وتشير التقديرات إلى أن إجمالي أصول هذه المؤسسات البنكية يبلغ قرابة 50 مليار دولار، حيث تستحوذ البنوك المقيمة على 92.7 في المئة من هذه الأصول.

ورفعت الحكومة معدل ضريبة الشركات على أرباح البنوك إلى 40 في المئة من يناير الماضي من 35 في المئة، وهي خطوة قالت فيتش إن “من شأنها أيضا أن تؤثر على ربحية البنوك.”

وقال محمد سويلم، المحلل المالي والمدير السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي، إن “الخطوة الجديدة للبنوك تبدو ردا على القانون الجديد، الذي تسبب في إرباك مؤشراتها.”

ويتوقع أن يكون لخطوة البنوك بوقف الإقراض طويل المدى تأثير واضح ليس فقط على قدرة التونسيين على الحصول على قروض السكن، وإنما أيضا على قوة القطاع المصرفي الهش بالفعل.

وأضاف سويلم لرويترز “القرار قد يؤثر على التصنيف الائتماني للبنوك.. سيواجه التونسيون الآن صعوبة حقيقية في الحصول على قروض سكنية.”

ويعاني التونسيون بالفعل للحصول على سكن خاص في ظل غلاء كبير للأراضي والمساكن وانخفاض الرواتب، إضافة إلى ارتفاع كلفة الاقتراض.

ويوجه الرئيس قيس سعيد انتقادات متزايدة للبنوك التونسية، إذ قال الشهر الماضي إن “البنوك تحقق أرباحا ضخمة وخدماتها مكلفة ويجب أن تساهم في الجهد الوطني لإنقاذ الاقتصاد المتعثر.”

ونادى سعيد بضرورة تغيير قانون البنك المركزي حتى تتمكن الحكومة من الاقتراض منه مباشرة لصالح خزينة الدولة بدلا من الاقتراض من البنوك بأسعار فائدة مرتفعة، وهي خطوة حذر خبراء من أنها قد تدفع التضخم إلى الخروج عن السيطرة.

ويتطلع البلد، الذي مر بسلسلة من الأزمات على مدار 13 عاما، إلى إحداث اختراق في جدار مشكلة التمويل العقاري لتغيير ديناميكية سوق الإسكان وفي الوقت ذاته زيادة تملك التونسيين للمنازل في ظل النمو الديموغرافي المطرد للبلاد.

قيود الإقراض الجديدة قد تضعف أرباح أكبر عشرة بنوك في البلاد بواقع 11 في المئة
قيود الإقراض الجديدة قد تضعف أرباح أكبر عشرة بنوك في البلاد بواقع 11 في المئة

وفشلت الحكومات المتعاقبة منذ 2011 في حل الأزمة أو على الأقل الحد من مشاكل الإسكان على اعتبار أن سوق العقارات ظل رهينا للمضاربات وارتفاع التكاليف وعدم قدرة الكثيرين على تحمل أعباء إضافية لتدهور قدراتهم الشرائية مما حد من زخم التملك.

الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد فحسب، حيث يبدو أن تضخم أسعار الاستهلاك والفائدة المرتفعة، التي توظفها البنوك على القروض السكنية، من الأسباب الأساسية لخمول القطاع، وبالتالي عزوف الناس عن التفكير أساسا في مسألة الشراء أو البناء.

وتظهر التقديرات الرسمية أن ربع الأسر من بين 3 ملايين عائلة لا تملك مسكنا، أي ما يعادل 750 ألف أسرة في بلد يبلغ تعداد سكانه 12 مليون نسمة، مما يؤكد أن هذا المأزق يتطلب رؤية لتنشيط العقارات والبناء والقيام بإصلاحات شاملة.

ورغم أن نسبة أسعار الفائدة كانت في حدود 8 في المئة، أي قبل التخفيض فيها من قبل البنك المركزي إلى 7.75 في المئة، لكن بداية السنة الحالية شهدت تحسنا وزيادة في الطلب على القروض من القطاع المصرفي.

وصرح المحلل المالي بسام النيفر لإحدى الإذاعات المحلية الخاصة مؤخرا بأن زيادة الطلب مرده أن أغلب القروض قصيرة المدى تحصل عليها الشركات لتمويل أعمالها، وبالتالي ارتفاع هذه القروض يبرز مدى دوران العجلة الاقتصادية.

وأوضح أن الشيكات في صيغتها القديمة كانت تساعد الشركات على الحصول على تمويلات دون رصد أموال، ولكن القانون الجديد قد يكون الدافع وراء طلب المؤسسات الحصول على قروض قصيرة المدى.

11