بنوك تنموية تعاضد جهود مكافحة تلوث البلاستيك في المحيطات

نيس (فرنسا) - تخطط مجموعة من البنوك التنموية لاستثمار ما لا يقل عن ثلاثة مليارات يورو (3.4 مليار دولار) بحلول نهاية العقد في معالجة التلوث بالبلاستيك في البحر، مما يوسع النطاق والقوة المالية لما يعتبر أكبر جهد في العالم للتصدي للمشكلة المتنامية.
ويأتي الإعلان خلال فعاليات القمة العالمية للمحيطات التي انطلقت الاثنين في مدينة نيس الفرنسية، حيث يتوقع أن تتخللها دعوات لمنع الصيد بشباك الجر التي تجرف قاع البحار، وتعزيز حجم المناطق البحرية المحمية في العالم.
وقالت ستيفاني ليندنبرغ مديرة المشاريع في بنك الاستثمار الأوروبي إن المبلغ قد يزيد مع انضمام شركاء آخرين. وأدلت بتلك التصريحات خلال إطلاق النسخة الثانية من مبادرة المحيطات النظيفة مع انطلاق مؤتمر للأمم المتحدة.
وتقدر الأمم المتحدة أن الاتجاهات الحالية تشير إلى إمكانية زيادة النفايات البلاستيكية التي تلوث المياه بما يصل إلى ثلاثة أمثال إذ قد تسجل 37 مليون طن سنويا بحلول 2040 ارتفاعا من حوالي 11 مليون طن في 2021.
ومما يثير قلقا بالغا تنامي كميات المواد البلاستيكية الدقيقة التي تلوث حاليا كل المحيطات وكذلك التربة والهواء حتى وصلت إلى داخل أنسجة الحيوانات والنباتات والبشر.
وقال أمبرواز فايول نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي إن “المبادرة الأصلية التي تضم أيضا بنوكا من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا مع البنك الأوروبي للإعادة الإعمار والتنمية ضخت استثمارات تم التعهد بها بقيمة 4 مليارات يورو بين 2018 ومايو 2025، أي قبل الموعد المستهدف في نهاية العام.”
ومع التركيز على تحسين إدارة النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي ومياه الأمطار، شملت المشاريع في المرحلة الأولى تحسين معالجة مياه الصرف الصحي في سريلانكا، وإدارة النفايات الصلبة في توغو، والحماية من الفيضانات في بنين.
ورغم أن ذلك سيظل أيضا محور تركيز المرحلة التالية من الاستثمار، سيتوسع نطاق المشاريع ليشمل الحد من مصادر النفايات من أساسها من خلال المساعدة في إيجاد أشكال جديدة من التغليف وزيادة النفايات التي يعاد تدويرها.
وحدد المجتمع الدولي هدفا يتمثل بحماية 30 في المئة من البحار والمحيطات. واليوم تحظى نسبة 8.36 في المئة فقط من المحيطات بالحماية. واستنادا إلى الوتيرة الراهنة، لن يحقق هذا الهدف قبل 2107 بحسب منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة.
وتغطي المحيطات 70.8 في المئة من مساحة سطح الكرة الأرضية، وتشهد منذ عامين موجات حر غير مسبوقة تهدد كائناتها الحية لكن حمايتها هي الأقل تمويلا بين أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة.
ومن شأن الالتزامات التي ستعلن في نيس أن تسمح بتجاوز الحماية نسبة 10 في المئة على المستوى العالمي على ما أفاد مكتب وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية.
وتوفر المحيطات أكثر من 100 مليون وظيفة بدوام كامل كما تسهم في توفير الغذاء لأكثر من ثلاثة مليارات نسمة. فضلاً عن تنظيم الطقس ودعم التنوع البيولوجي، وفق البنك الدولي.
وتسهم أيضا بما يعادل 2.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي سنوياً. وتُعد حماية هذه المساحات الزرقاء بمثابة عوامل تغيير جذرية للناس والحياة البحرية والاقتصاد والكوكب.
وكثفت البلدان جهودها لإدارة موارد المحيطات على نحو أكثر استدامة حتى يتسنى للمحيطات الاستمرار في إنتاج منافع اقتصادية واجتماعية، جنباً إلى جنبٍ مع حماية منظوماتها الإيكولوجية.
ويمكن لخيارات التمويل الأزرق المبتكرة أن توجه رؤوس الأموال العامة والخاصة إلى الاستثمارات المستدامة في المحيطات لدعم مجالات معينة، منها التنوع البيولوجي وسبل كسب العيش ومصائد الأسماك.
وفي بلدان جزر المحيط الهادئ، انخفض نصيب الفرد من إمدادات الأسماك بنسبة 14 في المئة بين عامي 2007 و2021.
المحيطات توفر 100 مليون وظيفة بدوام كامل كما تسهم في توفير الغذاء لأكثر من ثلاثة مليارات نسمة فضلاً عن تنظيم الطقس ودعم التنوع البيولوجي
ويمثل هذا الأمر مشكلة بالنسبة لكيريباتي، التي لديها واحد من المعدلات المرتفعة لاستهلاك الأسماك التي تفوق أي بلد في العالم بسبب عدم توافر البدائل المناسبة.
ويشكل قطاع مصائد الأسماك 34 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ومعظمها مصائد أسماك ساحلية تجارية ومصائد ساحلية للأسر التي تعاني حد الكفاف.
وتأتي الإدارة الفعالة لمصائد الأسماك على رأس الأولويات، حيث تشمل إدارة مصائد الأسماك الساحلية التي توفر سبل كسب العيش والقوت لمعظم الأسر والمجتمعات المحلية.
وتم تعزيز إدارة مصائد الأسماك في سبعة من بلدان جزر المحيط الهادئ من خلال تحسين أعمال الرصد والمراقبة والكفاءة والامتثال، بوسائل منها اتباع نُهُج الإدارة المجتمعية في مصائد الأسماك الساحلية المحلية ومراقبة أساطيل الصيد الصناعية في المحيطات.
ومن أجل تمكين المحيطات من أداء دورها في توفير فرص العمل وسبل كسب العيش، يتعين على البلدان إعطاءَ الأولوية لاستعادتها وإدارتها على نحو مستدام.
وحينها فقط يمكن أن تتعافى بشكل كامل من الاستغلال المفرط والتآكل والتلوث، وأيضاً من تغير المناخ والظواهر المناخية بالغة الشدّة.
وعلى مدى عقود، تعرض ساحل غرب أفريقيا للتآكل بشكل سريع، حيث تفقد بنن وتوغو 15 متراً من السواحل كل عام.
وعشية المؤتمر شدّد قصر الإليزيه على أن قمة نيس “ليست مؤتمرا لجمع التبرعات بالمعنى الدقيق للكلمة”، في حين قالت كوستاريكا إنها تأمل في جمع 100 مليار دولار من التمويل الجديد للتنمية المستدامة للمحيطات.
وهذا ما انتقده بريان أودونيل، مدير منظمة كامبين فور نايتشر (حملة من أجل الطبيعة) غير الحكومية، فقال “لقد أنشأنا أسطورة تقول إن الحكومات لا تملك الأموال اللازمة لحماية المحيطات” مؤكدا “هناك أموال. ليست هناك إرادة سياسية.
