بنكيران يشعل الجدل بشأن فتوى "الكد والسعاية" لاستمالة القواعد الشعبية

تجدد الجدل حول فتوى "الكد والسعاية" على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب بعد أن أدلى عبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بتصريحات رافضة لإدراجها في مدونة الأسرة ضمن بنود أخرى تسعى لمواكبة العصر.
الرباط - أثار عبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن فتوى “الكد والسعاية” التي رافقت مقترحات تعديلات مدونة الأسرة، معتبرا أن “هذه فتوى إسلامية وانتهى الكلام”، وليست “أمازيغية ولا عربية”.
وتجدد الجدل بشأن الفتوى مع ردود الفعل الواسعة على تعديلات مدونة الأسرة التي يقف إسلاميو المغرب وعلى رأسهم بنكيران ضد بنودها التي تمثل انفتاحا على العصر استجابة لمطالب منظمات حقوقية ونسوية خصوصا في ما يتعلق بحقوق النساء.
واعتبر بنكيران أن فتوى الكد والسعاية ظهرت في ظروف خاصة، إذ كانت الزوجات يخرجن إلى الحقول ويُساهمن فعلا في تنمية الثروة الأسرية، رافضا “الربط الرائج لدى مناضلين أمازيغ ونشطاء وحقوقيين بخصوص إلحاق العمل المنزلي بهذه الفتوى.”
وتمسك بنكيران في تصريحات صحفية برفض تثمين العمل المنزلي ضمن المدونة، ليثير ردود فعل من ناحيتين، أولاها الفتوى نفسها في إطار تعديلات مدونة الأسرة، والثانية موقفه من الأمازيغ.
ناشطون يعتبرون أن بنكيران يحاول إثارة الجدل واستمالة القواعد الشعبية عبر مواقف متشددة ترفض أي رؤية عصرية
ورأى متابعون أن بنكيران يحاول إثارة الجدل للبقاء في المشهد السياسي ويسعى لاستمالة القواعد الشعبية عبر مواقفه المحافظة التي ترفض أي تفسير للتعاليم الدينية بما يتناسب مع العصر.
وبدا بنكيران أنه يحاول استعراض شعبيته حين وصف المنتقدين بـ”الأمازيغَوِيينْ”، متسائلا “إذا كنت بالفعل كما يقولون ضدّ الأمازيغ وحقوقهم وأحمل لهم ضغينة في قلبي لماذا يفرحُون بي كلّما ذهبت إليهم؟”، وأورد “زرتُ مختلف المناطق الناطقة بالأمازيغيّة، خصوصا مناطق سوس وغيرها، وكانوا يبدون فرحا كبيرا بي”، وهذا يكفي، وفقه، لإظهار موقفه من الأمازيغ.
غير أن ما أثار موجة جدل واسعة هو الفتوى التي تمس حياة المجتمع وتتعلق بحقوق المرأة والتي انقسم حولها ناشطون بين مؤيد ومعارض، وقال أحدهم على إكس:
MoaadNajib1991@
هو غالط، هاديك الآية خاصة بنساء النبي.
أما خدمة الزوجة للزوج جايا من المودة والرحمة وإذا كان بمنطق نطبق غا دكشي لي ملزم بيه حتى الزوج غير ملزم يديها تداوى ولا يخرجها تسارا ولا يديها عند واليديها وبالتالي غدي يسقط حقها حق الكد والسعاية لي غدي تطبق فالمدونة … ماشي حالة.
وكتب ناشط على فيسبوك:
Atik Khalid
على هامش فتوى ابن عرضون
ما هذا التشويه الغريب لفتوى ابن عرضون من أجل توظيفها للمحاججة بالقول باقتسام الثروة
فحق الكد والسعاية عند ابن عرضون مبدأ فقهي عام ومجرد، لا يرتبط بالزوجة بتاتا…
وإنما هو مقصد شرعي يحقق العدل الذي نسعى إليه لأنه يرتبط بأي شخص ساهم في إنتاج الثروة دون كتابتها عدليا سواء أكان هذا الشخص بنتا أم ابنا أم زوجة أم أما أم أخا.
ورأى آخر أن الأمر لا يحتاج إلى فتوى قائلا على إكس:
ImanC64697@
كين فالقانون المغربي سميتو حق الكد والسعاية
من حق المغربية من بعد الطلاق تقسم معا راجلها أملاكو للي داروها بجوج فالفترة الزوجية بشرط تبين أنها عاوناتو ماديا.
وكتب آخر على فيسبوك:
Amksa Aboudrar
تامازالت.
أثار ما جاء في مشروع تعديل مدونة الأسرة مؤخرا، من حق المرأة في اقتسام الأموال المكتسبة خلال فترة الزواج ردود فعل من العديد من الناس. وما يجهله هؤلاء أن ذلك القانون كان معمولا به لدى “الإنسان السوسي الأمازيغي المغربي” منذ زمان، وهو ما كان يطلق عليه بعرف تامازالت، وقد تم دعمه بأساس شرعيّ بما يسمى “الكد والسعاية” بناءً على فتوى للفقيه المالكي أحمد بن عرضون خلال القرن العاشر الهجري.
وينص عرف تامازالت الأمازيغي على أن للمرأة الحق في تقسيم الثروة المكتسبة مع زوجها في حالة الطلاق. وإذا مات زوجها تأخذ نصف التركة ثمّ الباقي يقسّم إرثا، وذلك بحكم مشاركتها وسعيها وكدّها في تحصيل تلك الثروة.
وهي ليست المرة الأولى التي يثار فيها الحديث عن حق الكد والسعاية، ففي فبراير الماضي، عاد الحديث عنه عندما قال أحمد الطيب شيخ الأزهر، إن من الضروري العمل على إحياء فتوى “حق الكد والسعاية” لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا في تنمية ثروة زوجها.
وجاء في تعليق:
etctvchannel@
مها أبوبكر “المحامية”: – الست لها حق الكد والسعاية لو هي ست بيت.. مقابل مجهودها ودورها في بيتها.. عشان الراجل بيجي بعدها يتجوز وتخرج هي من غير حقوق، لذلك نصيحتي لكل السيدات: تحصن بالعلم والعمل.
كما تنوي الفنانة المصرية روجينا تقديم عمل درامي يتناول هذا الموضوع ومن المقرر عرضه في شهر رمضان القادم:
khabrabyadnews@
#خبر_أبيض / بدأت #روجينا مؤخرا تصوير مسلسلها الجديد حسبة عمري، والذي كان يحمل في البداية اسم حقي وحقك، ومن المقرر عرضه في موسم دراما رمضان المقبل 2025، وعلم خبر أبيض أن روجينا تناقش حق الكد والسعاية خلال أحداث العمل.
وكانت هذه الفتوى من بين ما تم الاستناد إليه فقهيا لتعديل مدونة الأسرة في المغرب سنة 2004، نظرا لاعتبارها حفظا لحق المرأة في جهدها المبذول خلال العمل عند تقسيم الإرث.
وقال لحسن بن إبراهيم سكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، إن فتوى الكد والسعاية “من أشهر الفتاوى التي قال بها الفقهاء المغاربة النوازليون وعملوا بها”، وتعرف بـ”حق الشقا”.
وصرح سكنفل بأن من أشهر من قال بهذه الفتوى “الفقيه القاضي أبوالعباس أحمد بن الحسن المعروف بابن عرضون، الذي اشتهر بقضايا المرأة في عصره”، وأوضح أنها “جاءت لتنصف المرأة، وتحفظ حقها في الجهد الذي تبذله في بيت زوجها، المعروف بـ’حق الشقا’، بعد الطلاق أو وفاة الزوج.”
وتقول هذه الفتوى، التي يعيدها المؤرخون إلى القرن العاشر الهجري، إن “المرأة إذا مات زوجها تأخذ نصف التركة ثمّ الباقي يقسّم إرثا، وذلك بحكم مشاركتها وسعيها وكدّها في تحصيل هذه الثروة”، وهو العرف المعروف بمناطق سوس بـ”تمازالت”، وقد ظل منتشرا ومنتعشا في هذه الرقعة الجغرافية حتى في الزمن القضائي الراهن.
وكان الباحث الراحل والمحامي الحسين ملكي من أبرز من اشتغلوا على ملفات كثيرة متعلقة بهذا الموضوع، وبيّن كيف أن الاجتهاد القضائي في مناطق سوس كان يتجه نحو تأهيل قانوني للعرف المحلي القديم، ولفتوى اعتبرتها الفعاليات الأمازيغية والحقوقية منصفة للمرأة لكونها “تعيد لها شيئا من حقّها في الثروة الأسرية التي تم تشكيلها خلال الزواج، سواء توفي زوجها أو تمّ فك الارتباط بالطلاق.”
ويعدّ عرف “تامازالت” سابقا لفتوى “الكد والسعاية”، لكن التأريخ الموضوعي لهذه الفتوى، التي تجرأ ابن عرضون على أن “يخالف بها ما كان سائدا في التصور الفقهي الإسلامي لدور المرأة في تشكيل الثورة الأسرية”، يعود إلى القرن الـ10هـ/الـ16م عندما بدا لهذا الفقيه المغربي مالكي المذهب أن ما يستغل به أهل سوس في حياتهم العرفية لا يتعارض مع الإسلام.
ومن الناحية العرفية والدينية الشرعية ومن زاوية ما دأب الناس في سوس عليه، فإن “الكد والسعاية” يمنح الزوجة حقها مما سعته خلال الحياة الزوجية بمساهمتها، المباشرة وغير المباشرة، في تكوين ثروة العائلة وعوائدها الاقتصادية.