"بنات العساس" يقرب الدراما المغربية من الجمهور العربي

قناة الشارقة الإماراتية تقوم بعرض المسلسل المغربي بعدما دبلجت حلقاته إلى اللهجة السورية في خطوة وصفت بالسابقة في تاريخ الدراما المغربية.
الاثنين 2023/05/01
مسلسل يعالج قضايا المجتمع المغربي

الشارقة- تشهد الدراما المغربية تطوّرا كبيرا في تاريخها، على صعيد التقنيات والإنتاج والسيناريو، فلقد أصبحنا نشاهد مواضيع مهمة مكتوبة بحرفية عالية، وذلك بسبب وجود بعض الكتّاب الشباب الذين يرغبون في تحقيق إشعاع عربي والاهتمام بقضايا تجذب المشاهدين وتضع أمامهم المغرب، والمجتمع المغربي، كما لم يعرفوه من قبل.

وكانت اللهجة المغربية لعقود طويلة عائقا أمام انتشار الأعمال الفنية عربيا، فهي لهجة صعبة الفهم كغيرها من لهجات سكان المغرب العربي. وفي خطوة هي الأولى من نوعها اختار منتجو مسلسل “بنات العساس” (بنات الحارس) عرضه عربيا مصحوبا بدبلجة سورية كتلك التي أسهمت في ترويج الدراما المكسيكية والتركية بين الجماهير العربية.

وشرعت قناة الشارقة الإماراتية بمجرد انتهاء موسم رمضان الدرامي في عرض المسلسل المغربي “بنات العساس” بعدما دبلجت حلقاته إلى اللهجة السورية، في خطوة وصفت بالسابقة في تاريخ الدراما المغربية.

إدريس الروخ: نشهد بداية انفتاح دول الشرق الأوسط على الدراما المغربية
إدريس الروخ: نشهد بداية انفتاح دول الشرق الأوسط على الدراما المغربية

ويناقش المسلسل عددا من القضايا داخل المجتمع المغربي، كالهجرة القروية والتفكك الأسري والإدمان، وهو من إخراج إدريس الروخ، ومن بطولة كل من دنيا بوطازوت ومنى فتو وعزيز حطاب وسعاد خيي.

والمسلسل مصنف ضمن الدراما الاجتماعية، عرض ضمن السباق الرمضاني عام 2021 وكان حينها الأكثر مشاهدة على القناة المغربية “الأولى” بمعدل 8 ملايين مشاهدة يوميا، بحسب إحصائيات مؤسسة “ماروك ميتري”.

وتتناول قصة المسلسل معاناة شقيقتين تلعب دوريهما كل من الفنانتين منى فتو ودنيا بوطازوت، اضطرتا إلى الهرب إلى الدار البيضاء، بعد أن وجدتا نفسيهما في الشارع بسبب إفلاس والدهما المدمن على شرب الخمر والقمار، وتتحمل الأخت الكبرى مسؤولية أختيها بعد وفاة والدتها لحظة إنجابها لأختهما الصغرى ندى، وتفارق الحياة بعدما عجزت الفتاتان عن إحضار الطبيب.

وأثار إعلان القناة الإماراتية ردود فعل متباينة على شبكات التواصل الاجتماعي، ففي حين عبر البعض عن إعجابهم بالفكرة، أبدى آخرون استياءهم لإقدام القناة على عرض المسلسل بغير لهجته الأصلية.

واعتبر مخرج المسلسل إدريس الروخ أن عرض “بنات العساس” على قناة خليجية إشارة على بداية انفتاح دول الشرق الأوسط على الدراما المغربية.

ورأى الروخ في تصريحات له أن عرض مسلسله على قناة الشارقة “خطوة أولى ستفتح المجال لا محالة لعرض باقي الأعمال الدرامية المغربية في القنوات العربية”، مضيفا “لو سارت مختلف دول الشرق الأوسط على المنوال نفسه، سيندهش المشاهد العربي من مدى قدرة المبدع المغربي على إبهار المشرق على مستوى التشخيص والكتابة والإخراج، كما أن الأعمال المغربية ستغير صورة المغرب لدى المشاهد الخليجي والمشرقي الذي سيشاهد مغربا مختلفا عما يقرأه في الإعلام”.

وقال مخرج المسلسل “كنا دائما سباقين إلى استقبال كل الإنتاجات العربية، والآن الدور على العالم العربي ليفتح بابه على مصراعيه لكي يكتشف المشاهد ثقافة ولغة المغاربة”.

في المقابل، اعتبر الناقد المغربي عبدالكريم واكريم أن عرض المسلسل باللهجة السورية “سيفقد العمل جزءا من هويته المغربية”.

وأوضح في تدوينة له على صفحته الخاصة بموقع فيسبوك “هكذا ستتكرس تلك المقولة التي تردد باستمرار وبدون تمحيص كاف أن اللهجة الدارجة المغربية صعبة على فهم شعوب المشرق العربي، في حين أثبتت الأغنية المغربية بشعبيتها هناك عكس هذا تماما”.

وصحيح أن موضوع اللهجة وخاصة استخدام الدارجة المغربية ضمن الأعمال الدرامية يشكل حاجزا أمام الجمهور العربي، لكن البعض يرى أن الحل الوحيد لانتشار الدراما المغربية عربيا يكمن في الاستماع لتلك اللهجة الدارجة والتعوّد عليها تدريجيا، كما حصل على سبيل المثال مع الدراما الخليجية التي باتت مفهومة بالنسبة لشعوب المغرب العربي والتي لم يضطر منتجوها إلى دبلجتها حتى تحقق رواجا.

ولعقود طويلة، شهدت تلفزيونات البلدان المغاربية علاقة معقدة بينها وبين المشاهد المحلي الذي ضبط بوصلته في اتجاه صناعة درامية أجنبية غير التي تعكس ثقافته التي ينتمي إليها، فلا تتبنى ما يمثله من عادات وتقاليد ولهجة وحيز جغرافي، أو تتشارك معه في الانتماء العرقي والديني والهوية، لكن هذه القنوات استطاعت بعد محاولات متكررة أن تقنعه بالمنتج المحلي بأن جعلته ينافس الأعمال الأجنبية على مستوى النص والتقنيات الحديثة المعتمدة في الإخراج.

ويشير الناقد الفني المغربي عبدالكريم واكريم إلى أن “مسألة دبلجة المسلسلات المغربية ليست أمرا جيدا، لا من الناحية الفنية التي تفقد العمل روحه ورؤيته، ولا من حيث حفاظها على الهوية المغربية للعمل”.

ويرى واكريم أنه “كان من الممكن أن توضع ترجمة لهذه الأعمال باللغة العربية وتترك كما هي ناطقة بالدارجة المغربية، لأن هذا الأمر يخدم هذه الدراما التي لو طورت نفسها، خصوصا على مستوى السيناريو، لاستطاعت المنافسة عربيا”.

15