بمشاركة فنانين إماراتيين وعرب مهرجان العين للكتاب يختتم فعالياته

الدورة الرابعة عشرة تواصل مسيرة دعم اللغة العربية عبر الكتب والفنون.
الاثنين 2023/11/27
المهرجان قيمة فكرية وثقافية وفنية كبيرة

اختتم مهرجان العين للكتاب دورته الرابعة عشرة، والذي يسعى إلى إبراز مكانة مدينة العين المميزة باعتبارها وجهة بارزة لتنظيم الفعاليات والمعارض النوعية التي تواكب تطلعات مختلف فئات المجتمع، وسط إشادة كبيرة بنجاح مختلف فقراته وفعالياته التي لبت كل الأذواق، وكانت وسيلة هامة في نشر الثقافة المحلية والتشجيع على القراءة.

أبوظبي - اختتم مركز أبوظبي للغة العربية مؤخرا فعاليات مهرجان العين للكتاب في دورته الـ 14، بتنظيم البرنامج الثقافي “من ذاكرة الأوائل” للسفارة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وذلك في بيت محمد بن خليفة بالعين.

وفي كلمته لحفل الختام قال الأكاديمي علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، “يسعدني أن يكون تجمعنا هذا مسك ختام مهرجان العين للكتاب 2023، هذا الحدث الثقافي البارز الذي يعكس مكانة مدينة العين، وخصوصيتها التاريخية والتراثية، ودورها الريادي في الارتقاء بالمشهد الثقافي المحلي”.

قيمة فكرية وثقافية

وثمن بن تميم جهود الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، السفيرةَ فوق العادة للثقافة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، باعتبارها سفيرة الثقافة والهوية الإماراتية إلى العالم، مضيفا “نقدّر كلّ الجهود التي تبذلها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، التي لم تبخل في تسليط الضوء على أبرز قضايا التراث الخليجي والعربي، والتعريف بها على نطاق واسع، من أجل أن تبقى الثقافة والتراث عوامل مشتركة، ولغة بديعة رفيعة نتحاور بها نحن العرب مع مختلف الشعوب والثقافات حول العالم”.

مهرجان العين للكتاب حرص هذا العام على تكريس حضور اللغة العربية والكتاب في أذهان جميع أفراد المجتمع الإماراتي
مهرجان العين للكتاب حرص هذا العام على تكريس حضور اللغة العربية والكتاب في أذهان جميع أفراد المجتمع الإماراتي

ولفت إلى أن فعالية “من ذاكرة الأوائل”، التي اختتم بها المهرجان، اكتسبت منهجها من مقولة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “من ليس له ماض، ليس له حاضر ولا مستقبل”، قائلا حول الفعالية “نلتقي في رحابها اليوم وعلى ضوء قيمتها المستمدة من امتدادها الزمني، وخصوصية الطرح التاريخي الذي التزمت به، فكوكبة الفنانين المشاركين في شرح هذه الذاكرة على طريقتهم قدّموا لنا سيرة مكثّفة للكلمة واللون والنغمة؛ مفردات الحضارة وأدواتها، تبين مساراتها التنويرية ودورها في إيقاظ الفكر وإثرائه؛ فأبدعوا في التعريف بمكانة اللغة العربية وجمالها البديع وروحها الشاعرة المستندة إلى الحكمة والجزالة والإبداع، المبنية على قيم التسامح والسلام والمحبة”.

وشكر بن تميم كل من أسهم على امتداد التاريخ بالحرف والنغمة واللون والفكرة في إثراء العربية لغة وحضارة ومنهج عيش، وكل من أسهم في إنجاح هذه الفعالية التي “نعتزّ بأنها كانت مسك ختام مهرجان العين للكتاب بما يمثله من قيمة فكرية وثقافية وفنية كبيرة”.

بدوره ألقى الأكاديمي رامي إسكندر، مدير إدارة التربية والقائم بأعمال مدير إدارة الثقافة بالألكسو كلمة نيابة عن الأكاديمي محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، قال فيها “منذ عامين تم تشريف دولة الإمارات العربية المتحدة بحمل اللقب الأول لـ’سفيرة الثقافة العربية’، وقد كانت فرحتنا غامرة باختيار شخصية رفيعة المستوى الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، لحمل هذا اللقب لأول مرة”.

وأكد على الدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة ومكانتها وإشعاعها، وجهودها في تعزيز العمل الثقافي العربي المشترك وخدمة قضايا السلم والتنمية المستدامة وطنيا، وعربيا، ودوليا. لافتا إلى أن سفيرة الثقافة العربية فوق العادة أطلقت عددا كبيرا من المشاريع والمبادرات لدعم جهود المنظمة في تحقيق أهدافها، وتنفيذ خططها من أجل تثمين الثقافة العربية والترويج لها، وتوظيفها لتحقيق التنمية في البلدان العربية.

المعرض قدم مجموعة من الأعمال الفنية المتميزة المستوحاة من جماليات اللغة العربية والثقافة البحرية للإمارات

وتابع “ساهمت مبادرات السفيرة في صناعة صورة إيجابية للثقافة العربية على المستوى الدولي، وعززت الأواصر بين الثقافة العربية والثقافات الإنسانية. وكان لأنشطة السفيرة على المستوى الوطني وقع كبير ساهم في التعريف بالمنظمة وأنشطتها داخل الدولة ولدى صناع القرار وفي الأوساط الثقافية، والإعلامية، والأكاديمية والتربوية والاجتماعية”.

وبهذه المناسبة، قالت الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، السفيرة فوق العادة للثقافة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “نسعى لمستقبل مشرق واعد، ومنذ اللحظة الأولى أدركنا أن مهمة السفارة الثقافية جاءت تكريما وتقديرا لدولة الإمارات العربية المتحدة في المقام الأول، والتي لم تدّخر جهدا في فتح أبواب الحوار والتعاون الثقافي مع عالمنا العربي والعالم، وتسخير كافة الإمكانات”.

وأضافت “على درب الأصالة سائرون. نفتخر بأننا أمة عربية تزخر بثقافة وتراث حضاري ثري، ونحن محظوظون بكل مكوناتها ومبادئها، وحتى عاطفتنا المفرطة تصبح ميزة نجيد بها التعابير الجمالية التي تميزنا، ولذا نسعى دائما إلى نشر هذه الثقافة والقيم العربية الأصيلة لتصل إلى جميع الشعوب الأخرى ليتذوقوا مدى جمالها ويلمسوا مدى انفتاحها على العالم”.

وذكرت أنه تم تنظيم برامج في عدد من الدول العربية والأجنبية، وكان لمنظمة الألكسو دور أساسي في تنفيذ المبادرات والجوائز المبتكرة والجديدة التي تعنى بالثقافة والفن، مثل “بوابة النقوش العربية” الذي أقره مجلس وزراء الثقافة العرب ليكون مشروعا عربيا مشتركا، ومشروع “المرشد الثقافي العربي” والذي سيسلم للسفارة الثقافية القادمة، وغيرها.

وإثر كلمات الحضور افتتح برنامج “من ذاكرة الأوائل” معرضا فنيا لمجموعة من الفنانين العرب في مقدمتهم الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، والفنانين المصرية سلمى البنا، والخطاط اللبناني عمر صفا، واللبنانية آية شريفة، والتونسية هالة عموس، والإماراتية فاطمة الظاهري، والسوري إياد الجودة والذي تأتي مشاركة عمله الفني في إطار إعلاء الدور الفلسطيني – العربي في تشكيل الذاكرة الثقافية المشتركة.

أعمال فنية

أعمال متميزة مستوحاة من جماليات اللغة العربية
أعمال متميزة مستوحاة من جماليات اللغة العربية

قدم الفنانون المشاركون في المعرض مجموعة من الأعمال المتميزة المستوحاة من جماليات اللغة العربية، والثقافة البحرية لدولة الإمارات، والخصوصية الفنية التي ازدهرت خلال الثقافة الإسلامية في الأندلس، مرورا بمجموعة من النماذج الفنية التي تجسد واقع الحياة اليومية وتناقضاتها.

وتخلل البرنامج فقرة فنية تم خلالها عرض فيديو لقصيدة “جبل التوباد” من كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي، وألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، بتوزيع جديد للفنان الإماراتي الموسيقار إيهاب درويش، وأداء الفنانين طارق المنهالي وعلي راشد، تحت الإشراف الفني والإداري لجمعية الموسيقيين الإماراتيين.

وقال الموسيقار إيهاب درويش في كلمته “تم اختيار قصيدة ‘جبل التوباد’ لتتماشى مع شعار ومحور الفعالية ‘من ذاكرة الأوائل‘، وحافظنا على طابعها السيمفوني وتم مزجها مع آلات عربية شرقية، بالإضافة إلى الآلات النحاسية والوترية وآلات النفخ الخليجية”.

وتابع “من أهمّ مميزات القصيدة بعد القيام بإعادة توزيع ألحانها هو إكساؤها بأسلوب إماراتي إيقاعي، مما حقق دمجا بين ثقافات موسيقية مختلفة”.

وفي ختام البرنامج تم تكريم عدد من الشخصيات الثقافية والفنية البارزة لإسهاماتهم وعطائهم المتميز بالاستدامة والتجدد، ولدورهم في إثراء الحركة الثقافية والفنية في العالم العربي وتم منحهم جائزة التميز في الاستدامة الثقافية وهم: الأكاديمية إيزابيل بالهول مؤسسة ومستشارة وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، الأكاديمي امحمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة، والشاعرة والإعلامية والأكاديمية بروين حبيب، والممثل والمؤلف والمخرج النجم فايز قزق.

مهرجان العين للكتاب حرص على تحقيق رؤية مركز أبوظبي للغة العربية الرامية إلى تكريس حضور اللغة العربية والكتاب في أذهان جميع أفراد المجتمع

كما تم تكريم الأكاديمي محمد ولد أعمر مدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وتم منحه درع التميز في الاستدامة الثقافية لجهوده وإنجازاته ثقافيا وعلميا وتربويا، والأكاديمي علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية لإنجازاته الرائدة محليا وعربيا وعالميا.

ومنحت السفارة الثقافية درعا تكريميا للأكاديمي  نصر محمد عارف أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ودرعا تكريميا لهدى كانو مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي تكريما للإنجازات الثقافية المتميزة ولدورهم الفعال في إثراء برنامج السفارة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى منظمة الألكسو.

يذكر أن مهرجان العين للكتاب حرص على تحقيق رؤية مركز أبوظبي للغة العربية الرامية إلى تكريس حضور اللغة العربية والكتاب في أذهان جميع أفراد المجتمع وإبقائهم على صلة قريبة منه، حيث قدم لجمهوره على امتداد أيامه مجموعة متميزة من الفعاليات الثقافية والمعرفية، إلى جانب استضافة نخبة من الشخصيات الثقافية والفنية من داخل الإمارات وخارجها.

وقدم المهرجان للجمهور أكثر من 400 فعالية وبرنامج متخصص في مجالات الثقافة والفنون والإبداع والأنشطة المختلفة، ويثري معارف جميع فئات المجتمع بأكثر من 60 ألف عنوان من الكتب التي يوفرها 150 عارضا، ضمن مشهد ثقافي تحتضنه تسعة من أبرز مواقع مدينة العين الثقافية.

ونجح المهرجان في سعيه هذا العام إلى الاحتفاء بالكتاب والفنون ومختلف جوانب الإبداع الأدبي، من خلال فعالياته الغنية والمتنوعة وأنشطته التفاعلية الرامية إلى تعزيز ثقافة القراءة وتحفيز فئات المجتمع، وخاصة فئة الشباب، على التواصل مع التراث الثقافي الإماراتي الأصيل والتعرف على أعماله الثرية.

وكان المهرجان وفيا لشعاره الذي رفعه في دورته الأخيرة “العين أوسع لك من الدار”، حيث استقطب على امتداد أيامه خلال الفترة من التاسع عشر إلى الثاني والعشرين من نوفمبر الحالي، جمهورا واسعا ومن مختلف الشرائح.

13